أخبارنا المغربية
أخبارنا المغربية ـ أ ف ب
حشد أوباما، الذي حضر في سان بطرسبورغ أخيرًا قمة مجموعة العشرين، حشد كل قاعدته السياسية والعسكرية لإقناع المشرعين بخطته لمعاقبة الرئيس السوري بشار الأسد على هجوم استخدمت فيه أسلحة كيميائية. وحتى الآن حقق البيت الأبيض انتصارين.
دعا الرئيس الاميركي باراك اوباما الى "عدم التغاضي" عن استخدام اسلحة كيميائية من قبل النظام السوري ودعم ضربة عسكرية ضد دمشق وذلك في كلمته الاذاعية الاسبوعية التي بثت السبت.
وقال اوباما "لا يمكننا التغاضي عن الصور التي رأيناها عن سوريا (...) لذلك ادعو اعضاء الكونغرس والحزبين الى الاتحاد والتحرك من اجل النهوض بالعالم الذي نريد العيش فيه، العالم الذي نريد تركه لاولادنا وللاجيال المستقبلية".
ويسعى الرئيس الاميركي للحصول على موافقة الكونغرس لشن ضربات ضد سوريا.
ويبدأ الكونغرس الاثنين مع انتهاء عطلته الصيفية بحث الضربات ضد سوريا ردا على الهجوم الكيميائي الذي وقع في 21 اب/اغسطس في ريف دمشق والذي نسب اوباما مسؤوليته الى نظام الرئيس السوري بشار الاسد.
وحذر الرئيس الاميركي من ان "عدم الرد على مثل هذا الهجوم الفاضح سيزيد مخاطر رؤية اسلحة كيميائية تستخدم مجددا او ان تسقط في ايدي ارهابيين قد يستخدمونها ضدنا وهذا سيوجه رسالة كارثية الى الدول الاخرى، بانه لن يكون هناك عواقب بعد استخدام مثل هذه الاسلحة".
وفي كلمته الاسبوعية ذكر اوباما بانه بصفته قائدا للقوات المسلحة هو يريد ضرب سوريا ومعاقبة النظام.
واضاف لكن "امتنا ستكون اقوى اذا تحركنا معا وستكون اعمالنا اكثر فاعلية. وذلك لطلب من اعضاء الكونغرس مناقشة المسالة والتصويت للسماح باستخدام القوة".
ويعود اعضاء الكونغرس من عطلتهم الصيفية الاثنين الى واشنطن فيما اعلن مسؤول جمهوري كبير في مجلس النواب ان التصويت على الاذن باستخدام القوة في سوريا سيحصل "خلال الاسبوعين المقبلين".
شبح العراق
فالثلاثاء، أعلن رئيس مجلس الشيوخ الجمهوري جون باينر وزعيم الغالبية فيه إريك كانتور، اللذان يقلقان الرئيس عادة، عن دعمهما القوي لهذه الاستراتيجية. والأربعاء صوّتت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ بغالبية عشرة أصوات مقابل سبعة على السماح بتحرك ضد سوريا، وإن كان ذلك ضمن قواعد اشتباك أكثر صرامة من تلك التي حددها البيت الأبيض.
وقال السناتور الجمهوري بوب كوركر "لا أحد منا يريد أن تغرق الولايات المتحدة في نزاع جديد، لذلك حدت اللجنة بشكل كبير التصريح الذي تقدم به الرئيس مع موافقتها على استخدام مناسب للقوة ردًا على استخدام الأسد أسلحة كيميائية". لكن إن كان لأوباما أن يكسب رهانه بالحصول على تأييد واسع في الكونغرس لمهاجمة سوريا، فينبغي أن يحصل على تأييد أعضاء الكونغرس الأقل نفوذًا، وهم خلافًا لقادتهم، أكثر اهتمامًا بصورتهم السياسية الداخلية من موقع الولايات المتحدة في العالم.
وفيما باتت الولايات المتحدة متعبة من الحروب، يبدو التصويت للسماح بتحرك ضد سوريا، الذي سيبدأ على الأرجح خلال الأسبوع المقبل أصعب، خصوصًا بالنسبة إلى أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب، الذين يسعون إلى إعادة انتخابهم في 2014. ويواجه الجمهوريون موجة من الشعور بالعزلة والتحرر داخل حزب ما زال متأثرًا بصدمة حرب العراق.
وأطاح مرشحو "حزب الشاي" عددًا من الجمهوريين القدامى، بعدما تحدوهم بشأن حقهم في الترشح. أما الليبراليون في الحزب الديموقراطي، المعارضون للحرب، فبات بعضهم يشاطر مواقف محافظين، مثل السناتور رون بول، الذي يعارض تحركًا عسكريًا أميركيًا. لكن "صقورًا"، مثل عضوي مجلس الشيوخ الجمهوريين ليندسي غراهام وجون ماكين، طالبوا بأكثر من الضربات "المحدودة"، التي يقترحها أوباما، وزيادة المساعدة العسكرية الأميركية للمعارضة السورية.
هذا التشرذم في صفوف الحزبين يعقد جهود بناء ائتلاف داعم لتحرك في سوريا. لكن مسؤولًا في البيت الأبيض توقع الحصول على ما يكفي من الدعم بين النقيضين. وصرحت مستشارة الأمن القومي سوزان رايس لقناة إن بي سي الإخبارية بأنها "واثقة" من كسب الإدارة رهانها.
خسارة ديمقراطيين
وأقرّ مسؤول آخر في مجلس خاص أن البيت الأبيض "سيخسر بعض الديموقراطيين"، ما يعني الحاجة إلى عدد من أصوات الجمهوريين، لا في مجلس النواب فحسب، بل كذلك في مجلس الشيوخ، الذي تهيمن عليه أكثرية ديموقراطية، من أجل إقرار مشروع القرار.
وما زالت أعداد الأصوات المتوقعة غير متوافرة في أثناء جلسات الاستماع الجارية في الكونغرس حول المسألة، والتي شملت عرضًا متحمسًا قدمه وزير الخارجية جون كيري. لكن النائب الديموقراطي كريس فان هولن صرح الأربعاء ردًا على سؤال سي إن إن حول ما إذا كان مجلس النواب سيمرر قرارًا بالحرب، قائلًا "لا أظن أن أحدًا يعلم الآن". وأضاف مساعد ديموقراطي في مجلس النواب "ينبغي الحصول على عدد مهم من الأصوات من المعسكرين".
وعبّر باينر وكانتور عن تأييدهما، بينما ما زال نواب ديموقراطيون كبار مترددين، وقد يسحبون أصواتًا مؤيدة معهم. فالجمهوري في البيت الأبيض كفين مكارثي أكد الأربعاء أنه "لم أصل إلى مرحلة القرار بعد". كما يبدو بول راين، الذي يعتبر شخصية مهمة وقد تكون لديه طموحات في القيادة، على غرار مكارثي مترددًا كذلك.
ولدى البيت الأبيض ما يثير القلق. فمساعدو أوباما، المقرّبون، يعربون في مجالس خاصة عن استيائهم من عجز باينر عن إثارة الضجة واجتذاب الأصوات على ما فعل في قضايا كبرى أخرى، بما فيها الصفقات المقترحة حول الميزانية. وسيكون تصويت رئيسة الأقلية الديموقراطية في المجلس نانسي بيلوسي محوريًا. فقد بدا الثلاثاء عندما طالبت بالتحرك لدواع إنسانية أنها تخاطب الديموقراطيين الليبراليين، الذين يفكرون في التصويت ضد رئيسهم.
في تلك الأثناء كان فان هولن يضع مشروع قرار لمجلس النواب يحدّ مجددًا من خيارات أوباما، ما يبرز المشاعر المعادية للحرب في مجلس النواب. أما أوباما، الذي لطالما انتقد لعجزه عن جذب التأييد في مسائل محورية في الكونغرس، فبدا ناشطًا بشكل غير معتاد.
وقال مسؤول كبير لفرانس برس إن الرئيس يهاتف النواب من الخارج. والأربعاء شدد لهجته. وصرح الرئيس إن "مصداقيتي ليست موضع التشكيك، بل مصداقية المجتمع الدولي وكذلك الولايات المتحدة والكونغرس". كما يشدد أوباما ونائبه جو بايدن ورايس وغيرهم من كبار المسؤولين على أن الامتناع عن التحرك ضد سوريا سيشكل خلاصة خطيرة لإيران بخصوص التصميم الأميركي، بحسب مسؤول كبير في الإدارة الأميركية.
من الانتخابات التمهيدية في 2014 الى التعب من الحرب وسابقة العراق او معارضتهم لاوباما، تبدو الاسباب كثيرة لدى اعضاء الكونغرس لعدم السماح بتدخل عسكري في سوريا لكنها كلها تمر عبر الناخبين في دوائرهم.
وتنقسم المعارضة الى ثلاث مجموعات رئيسة:
- الجمهوريون المحافظون المتشددون في حزب الشاي: هم انعزاليون يرون ان الولايات المتحدة لا دخل لها بحرب اهلية بين السوريين. هذه الكتلة يمثلها السناتور راند بول، وهو طبيب عيون في كنتاكي قد يكون شعاره "اميركا اولWا".
- الديموقراطيون المعارضون للحرب: صوتوا ضد الحرب في العراق وضد التدخل في ليبيا ومستعدون للتصويت ضد الرئيس باراك اوباما ليبقوا اوفياء لمبادئهم. لكن الى اي حد يجرؤون على التمرد؟. هناك مؤشر: ففي حزيران/يونيو 2011 صوت سبعون من النواب الديموقراطيين في المجلس (من اصل 192) ضد قرار وافق على الحملة العسكرية في ليبيا التي كانت قد بدأت قبل ثلاثة اشهر.
- الجمهوريون والديموقراطيون، الذين يميلون الى تأييد تدخل، لكنهم يرون ان النزاع بلغ مراحل متقدمة جدا: هؤلاء يعتبرون انه كان يجب اسقاط نظام الرئيس بشار الاسد قبل عام، وان عمليات قصف جوي يمكن ان تسمح بسيطرة المتطرفين. وسأل رئيس لجنة الامن الداخلي مايكل ماكول الاربعاء وزير الخارجية جون كيري "من سيملأ الفراغ بعد الاسد؟".
المرشحون يراقبون قواعدهم
ويفترض ان يتم تجديد كل مقاعد مجلس النواب، البالغ عددها 435، و35 من مقاعد مجلس الشيوخ المئة في تشرين الثاني/نوفمبر. ويفترض ان ينجح كل النواب المنتهية ولايتهم في الانتخابات التمهيدية التي ستجرى حتى ذلك الموعد. وقال السناتور الجمهوري السابق جون كيل لوكالة فرانس برس ان "الانتخابات التمهيدية ستجري خلال اقل من عام، والمرشحون يراقبون قواعدهم وهم يتساءلون ما اذا كانت عليهم مواجهة مرشح آخر في حزبهم لانهم وقفوا في صف الرئيس". ويخشى الجمهوريون خصوصا ان يتجاوزهم جناحهم اليميني "المتمرد" الذي يحمل اسم "حزب الشاي".
وقال مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في جامعة كاليفورنيا لاري ساباتو لوكالة فرانس برس "لا تنسوا انه مع التوزيع الانتخابي في المجلس اصبحت الدوائر متجانسة جدا، لذلك باتت الانتخابات المهمة هي الانتخابات التمهيدية". وتكشف استطلاعات الرأي تشكيكا ان لم يكن تحفظا على شن ضربات ضد سوريا.
الأميركيون ضد الضربة
وافاد استطلاع اجراه معهد غالوب، ونشرت نتائجه الجمعة، ان 64 بالمئة من الاميركيين يعارضون ضربات في سوريا، مقابل 36 بالمئة يؤيدونها. ونسبة المعارضين اكبر من تلك التي سجلت قبل اندلاع حروب الخليج (1991) وكوسوفو (1999) وافغانستان (2001) والعراق (2003).
وكشفت ارقام نشرتها صحيفة واشنطن بوست مساء الجمعة ان 224 من اعضاء مجلس النواب (من اصل 433) اتخذوا موقفا ضد التدخل او يميلون الى هذا الموقف. والناخبون الرافضون للفكرة يعلمون بذلك المشرعين برسائل الكترونية او اتصالات هاتفية او مداخلات علنية. وقال النائب الجمهوري كيفن كرامر الذي يمثل داكوتا الشمالية، حيث حضر تجمعا عاما "انهم يقولون ذلك بشكل واشح ولا يترددون". واضاف "انهم يعارضون بشكل قاطع تدخلا عسكريا"، موضحا "لا نسمع مؤيدين" للضربة.
في نهاية الامر، يقول مؤيدو باراك اوباما انهم يثيرون استياء ناخبيهم بموافقتهم على الضربات، لكنهم يعتبرون ان مصداقية الولايات المتحدة على المحك. وقالت الديموقراطية دايان فينستين التي تمثل كاليفورنيا وتترأس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ "لا شك ان كل الرسائل التي نتلقاها تقريبا سلبية" حيال توجيه ضربة الى سوريا. واضافت "لكنهم لا يعرفون ما اعرفه ولم يسمعوا ما سمعته". واضافت "اود ان اعتقد انه بعد عشرين عاما حصلت على بعض الكفاءة لاميز بين الامور ولاقارن بين ما نحن عليه اليوم وما كنا عليه قبل الذهاب الى العراق". واكدت هذه النائبة ان الادلة على تورط نظام الاسد في هجمات كيميائية ثابتة هذه المرة.