أخبارنا المغربية - و م ع
يبدو أن الانتهاكات المتواصلة لحقوق الإنسان في الجزائر منذ عقود باتت تتزايد على نحو غير مسبوق، مثيرة قلق المنظمات الدولية التي صارت تراها بلدا مغلقا ومعزولا عن التطور الإيجابي الذي يعرفه محيطها الإقليمي.
وخلال هذا الأسبوع فقط وجهت للجزائر الإدانة من قبل خمس منظمات دولية معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، بينها منظمة العفو الدولية، وهيومان رايتس واتش، باعتبارها من الدول التي لا تحترم حقوق الإنسان، ودعت سلطاتها إلى الامتثال لقيم مجلس حقوق الإنسان الأممي والسماح لخبراء الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية العاملة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان بزيارتها.
وتعكس هذه الدعوة الإدانة الصريحة من طرف المنظمات الدولية المتضررة من التعتيم الكلي الذي تمارسه وتصر عليه السلطات الجزائرية بهدف التستر على حقيقة مرةº جوهرها انتهاكات شبه يومية للحقوق الأساسية لساكنة توجد رهينة لطغمة عسكرية تنتمي إلى العهد البائد.
ففي نظر إيريك غولدستاين، المدير المساعد المكلف بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة هيومان رايتس واتش "تظل الجزائر البلد الوحيد في المنطقة الذي لا يزال يقيد بشكل عام ولوج المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان إل ترابه".
ولم يتردد السيد غولدستاين في إيراد مثال المغرب للمسؤولين الجزائريين كنموذج لدولة "تزورها منظماتنا بشكل منتظم" دون أن تواجه أي صعوبات.
ومن جهته، أشار المدير المكلف بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة العفو الدولية، فيليب لوثر، على سبيل المثال، إلى إغلاق الجزائر لأبوابها في وجه المنظمات الدولية، ورفض سلطات هذا البلد السماح بزيارة المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب، وكذا بزيارة فريق العمل المتخصص في حالات الاختفاء القسري أو اللاإرادي، بالرغم من تكرار الطلب في هذا الشأن. وسجلت المنظمات الخمس، في بلاغ تناقلته على نطاق واسع وسائل الإعلام الدولية، رفض السلطات الجزائرية على مدى عدة سنوات منح تأشيرات لدخول منظمات دولية غير حكومية تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان، علاوة على انتهاكها بطرق عديدة حق المنظمات الجزائرية المدافعة عن حقوق الإنسان في العمل بحرية.
إن الأمر يتعلق بوضعية شبهتها الفيدرالية الدولية لعصب حقوق الإنسان ب"حفل تنكري"، معتبرة أنه من غير المقبول أن يرفض بلد عضو في مجلس حقوق الإنسان أي مراقبة لحصيلة عمله في هذا المجال. إن العديد من المراقبين، بمن فيهم الجزائريون، يرون أن النظام الجزائري يخشى، بحكم طبيعته، أي انفتاح قد يقود، لا محالة، إلى كشف النقاب أمام العالم بأسره عن الحصيلة الكارثية للانتهاكات التي تطال ساكنة تعيش أوضاعا مزرية، ولا تفكر إلا في مغادرة البلاد في اتجاه أماكن أكثر ترحيبا. لقد دفعت الوضعية المقلقة جدا لحقوق الإنسان في الجزائر ائتلافا آخر لمنظمات غير حكومية إلى تنظيم تظاهرة أمام مقر بورصة لندن، الاثنين الماضي، للتنديد بتصرفات النظام الجزائري، الذي وصفته هذه الجمعيات ب "الاستبدادي والعنيف والقمعي". فوفقا لهذه المنظمات غير الحكومية، التي من بينها "حملة التضامن الجزائر" و"بلاتفورم لندن" و"مجموعة مكافحة تجارة الأسلحة"، فإنه من غير المقبول بالنسبة للدول الديمقراطية، كالمملكة المتحدة، أن تقيم علاقات تعاون مع نظام يتمادى في القمع العشوائي ضدا على مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان. وشكلت هذه التظاهرة، التي تزامنت مع احتضان بورصة لندن مؤتمرا حول الاستثمار في الجزائر، مناسبة لإصدار تقرير إدانة قوي يفضح الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان في الجزائر، البلد الذي بات، على حد تعبير هذا التقرير، شبيها ب "ليبيا إبان حكم العقيد معمر القذافي". وفي هذا السياق، دعا معدو التقرير أصحاب القرار البريطانيين للشروع في مراجعة عميقة لعلاقات المملكة المتحدة مع "نظام مافيوزي يقتات على الفساد المستشري، ونهب الموارد النفطية والغازية للجزائر".