الوزير برادة: الوزارة وسعت العرض المدرسي الجماعاتي وسيتم احداث مدارس جديدة

المعارض الجزائري أنور مالك يكشف بالرباط أدلة تورط الجزائر والبوليساريو في جرائم ضد المحتجزين بتندوف

برادة: مدارس الريادة حققت نتائج مهمة جدا وبشهادة الجميع

الوقاية المدنية تسيطر على حريق مهول بأحد المطاعم الشعبية بوجدة

الجيش الملكي يجري آخر استعدادته لمواجهة الرجاء

المعارض الجزائري وليد كبير: ندوة جمهورية الريف تؤكد أن نظام الكابرانات أيقن أنه خسر معركته مع المغرب

حين تتحــدّثُ الفطـرة

حين تتحــدّثُ الفطـرة

محمد المهدي

 

خطرت ببالي اليوم ـ بشكل لا إرادي ـ صورة المرأة التي نالت بحق لقب أشجع امرأة في العالم ، وهي المناضلة الأمريكية السوداء  (روزا باركس) ، التي رفضت بقوة وشجاعة ، التخلّي عن مقعدها في الحافلـة (الأطوبيس) لشخص أبيض أيام الفصل العنصري الأمريكي البغيض .. مؤشرة بذلك عن نقطة البداية لمسيرة نضالية طويلة لإلغاء التمييز العنصري بالولايات الأمريكية المتحدة، ومن بعدها بقية العالم ..

تشكلت تلك الصورة البهية في ذهني وفؤادي ، وحلّـت في مقابلها صورة امرأة مغربية باسلة يفوق عمرها السبعين عاماً.. أدمعت عيناي ،وأحسست بجُبني وتفاهتي ،وضآلة حجمي ،وأنا استمع لحديثها في تسجيل صوتي أدلت به إلى إحدى الإذاعات المغربية الخاصة،على وقع الفياضانات الكبيرة ،التي اجتاحت بعض جهات المملكة.. حيث قهـرت هذه السيدة الفاضلة تَكتُّـمـهـا،وحطّمت جدارن الصمت التي أحاطت بها قسـرا.. بل ووضعت أصبعها في أعين السّاسة والقـادة من سماسرة الانتخابات ،الذين لطالما زايدوا وساوموا،فـباعوا واشتروا بفقرهـا وفاقتها.. وأقطف لكم بعضا من بستان حديثها ،الذي عَـزّ أن تجده لدى السواء الأعظم من شبابنا المسكين ، الغارق في غرف الدردشة ،وبرامج التفاهة والعُهـر.. حيث قالت: " أقسم بالله العظيم ،أن الذي يَضع يـده في الصندوق، ويصوًت في الإنتخابات القادمـة (مــا راجل) .. كانت صرختها هذه، تعبيرا عن تذمرها من استهتار الحكومة بمصائر الناس، وضعف تدخلاتها المتثاقلة ، وعدم جاهزيتها لمثل هذه الكوارث، التي كشفت عن عوراتنا التي ما فتأنا نواريها بأوراق التوت،التي تهاوت تباعا ، والتي نزلت بردا وسلاما على السيد رئيس الحكومة، حيث جعلته يدخل في شرنقته المعهودة، ويُلجـم فَـاهُ إلى حين ..

إن السيدة الفاضلة ،لا تقصد ـ بلا شك ـ الرجولة بمفهومها المُبتذل السائد في مجتمعنا ، وإنما الرجولة بمضامينها العميقة ؛ أي الكرامة والشجاعة والأخلاق والتضحية والمروءة والعزّة والإحساس بألم الغير ورفض الظلم ، وهي قيّم تفوقت فيها بعض نساء بلادي على الرجال، وهذه المرأة إحدى هؤلاء النسوة .. حيث ثبتّت ذلك تحقيقاً لا مجازاً ، وأصبحت (أَرْجَـلَ) من بعض من يُنسَبون إلى (الرجال) ، والذين لا تجمعهم بـ (الرّجولة) سوى حقيقة بيولوجية تافهة، يتمتّع بها حتى دهاقنة اللصوص والمُغامرين من السّـاسة وكبار المسؤولين،الذين يستبيحون مال الفقراء والمعوزين من هذا الشعب صباح مساء، دون أن تأخذهم رحمة،أو يخزهم ضمير إن وجـد طبعا ..وبين هؤلاء وأولائك، مُـدّعون يُـتقنون فن التّهريج و التّخريج و"التمجميـج"  في البرلمان وفي كل نـادِ .. سَوّقوا الأحلام و الأوهام ، ثم باعوا الأوطـان، ورهنوها في أيدي الغرب "الكافر" كما كانوا يسمونه ذات معارضة ..

لقد أضحت السياسة في بلادي في عهد هؤلاء (الرجال!)  مسرحاً كبيراً للكوميديا السوداء ، فمن هو ذلك المتخلف الذي يصدق هذه "المسرحية البائسة ؟" ،لأن المرء ينبغي أن يكون أبلهـا أو غبيّـا ، كي يصدق بأن هنالك إنتخابات وتصويت وناخبين!.. بل،حتى أبطال هذه المسرحية أنفسهم، لا يصدقون ذلك ، ولكنهم يتقمصون هذه الأدوار لاكتساب شرعية مفقودة، وهي شرعية شبهها أحد الظرفاء بتلك العاهرة التي تسعى لترميـم شرف ضائع ، فتقوم باقتناء غشاء بكـارة جديد إستعداداً لليلة الدُخلة!!

أحيّي شجاعة والدتنا الفاضلة وأنحني أمامها تقديراً وإجلالاً.. وأتفق معها بأن ما يسمى بالإنتخابات ماهي إلا مسرحية سخيفة وسمجة لمسرح الممثل الواحد .. مسرحية مطلوب ممن يشارك فيها ،الإختيارَ بين أخَـف الضّررين !.. بل إننا سندخل التاريخ قريباً ، بإجتراح تجربة ديمقراطية فريدة ،حلّ فيها شعار " عفـا الله عمّا سلف" مَحلّ شعار المُحاسبة والمتابعة.. إنها تجربة ديمقراطية جديدة حقّـا ،ألا وهي ديمقراطية التماسيح و العفاريت !!.

وأختـم هنـا ـ على سبيل المكابدة فقط ـ بطرفة منسوبة للرئيس المصري الراحل أنور السادات رحمه الله، أنه عندما أراد أن يغيّـر إسم مجلس الشعب ،سأل وزير داخليته حينذاك اسماعيل النّبوي : ما رأيك يا اسماعيل ،ماذا نسمي المجلس ؟ فردّ النبوي : سيادة الرئيس ،أنا اقترح أن نُسمي المجلس (بـاطا ـ Bata ) ـ وهي ماركة شهيرة للأحذية - فسأله السادات : ولمــاذا ؟ فردّ النبوي قائلاً : لأننا يا فندم ،نختار من كل دائرة زوجين..

 

وبدوري ،أردّد مع المرأة الشجاعة ،التي وصلت إلى الحقيقة بسجيّـتها وفطرتها التي لا تخطئ ، وأقول : عزيزي المواطن.. خلّيـك راجَـل، ولا تنتخب الحـذاء الصيني(Made in china)، لأنــك تعلم مثل غيرك سمعة السلع الصينية المُروّجة بالمغرب .


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات