لاعبو الوداد والرجاء يعلقون على نتيجة التعادل في ديربي الويكلو

الله ياخذ الحق..أول خروج إعلامي لعائلة التلميذ ضحية جريمة قتل بطنجة

سابيتنو ينتقد الحكم صبري بسبب عدم طرد لاعب الوداد ويؤكد: الخصم لم يكن يستحق التعادل

تكريم عدد من القضاة والموظفين السابقين بالمحكمة الابتدائية الإدارية بوجدة

هذا ما قاله مدرب الوداد موكوينا عن التعادل في الديربي

فرحة آيت منا بعد هدف التعادل في مرمى الرجاء

التعليم أولا ، آخرا و دائما من المسؤول الحقيقي عن فشله؟

التعليم أولا ، آخرا و دائما من المسؤول الحقيقي عن فشله؟

سعيد صابر

 

يقول البعض إن التعليم هو قضية مجتمع, ويرون أن رقي أي دولة وتطورها يقاس بمدى قدرة تعليمها على مواكبة مستجدات عصرها ,وكذا  بكفاءة متعلميها, لذا فالتعليم هو القاطرة الجارة لكل القطاعات الأخرى, لهذا نرى الأمم المتقدمة تهتم بهذا الميدان أيما اهتمام و تبذل في سبيل تطويره ملايين الدولارات و لا تبالي ,لأنها تدرك بأن المكاسب منه ستكون أعلى بكثير من المصاريف, إذ أنها تستثمر في أهم عنصر من عناصر الاقتصاد , الذي هو "العنصر البشري"

لا يمكن لأي شخص غيور على مصلحة الوطن أن يبقى مكتوف الأيدي و هو يرى كل ما يقال و يدبر و يحاك حول موضوع التعليم، خاصة الضرب الممنهج لصورة الأساتذة العاملين في القطاع العمومي. لا أحد ينكر أن ميدان التعليم بالمغرب يعيش أحلك أيامه و يعرف صعوبات جمة، لكن الذي يحز في النفس أن يتحد الجميع في قضية واحدة:" نقض غبار المسؤولية عن جميع المتدخلين في القطاع و رميها على ظهر مكون واحد هو: "الأستاذ في القسم".

   سهل جدا أن يتنصل كل واحد من مسؤوليته التاريخية في إصلاح هذا القطاع ، لكنه جبن و عار أن يلتجئوا إلى هذا الأسلوب الرخيص في الإتيان بكبش فداء يعلقون عليه إخفاقاتهم و فشلهم "هم".

   لقد تناسى الجميع أن مشكل التعليم يتقاسم همه و مشاكله الجميع بدون استثناء، فهل الكل يقوم بواجبه على أحسن وجه، أم أن الكل متواطئ على جعل التعليم العمومي ببلادنا يصل إلى الحالة التي هو عليها الآن؟

  لن يجرؤ أحد على القول أنه غير مسؤول ، لأنه يعلم أنه يكذب على نفسه قبل أن يكذب على الآخرين.

  لذا سأكون أكثر جرأة شيئا ما من البعض لقول الحقيقة المرة التي لا يريد البعض سماعها و وضع الملح على الجرح و لم لا "الكي" حتى نعرف حقا من المسؤول عن الوضعية التي وصل إليها التعليم بالمغرب.

    الكل مسؤول .لأن الحل الذي ينادي به الجميع من فلاسفة و أدباء و مجتمع مدني و سياسيين و نقابيين و جمعيات أباء و أولياء التلاميذ و أساتذة هو" تعاقد بين الدولة و المجتمع المدني و السياسي و النقابي من أجل إصلاح قطاع التعليم" ولكن فكرة التعاقد جد فضفاضة في سياقها ،ولهذا سأحاول الآن تفكيكها و تبسيطها حتى تصل إلى الغالبية من أفراد المجتمع و حتى أزيل اللبس و الغموض عنها.

     في البداية، قبل الشروع في أي إصلاح للتعليم بأي مجتمع كيفماكان،لابد من معرفة و تحديد "ماهية و كيان المواطن الذي يريد هذا المجتمع ". لست أنكر هنا أن "ميثاق التربية و التكوين" و " الإصلاحات ا لسابقة" حددت القيم و المواصفات التي يجب أن يتشبع بها المتعلم المغربي مثل " التشبع بقيم العقيدة الإسلامية, وقيم الهوية الحضارية ومبادئها الأخلاقية و الثقافية, قيم المواطنة و قيم حقوق الإنسان..." إلا أن هذه القيم تبقى غايات كبرى و تحتمل تأويلات كثيرة. و في مجتمع مغربي متنوع و عالم صار أصغر من قرية صغيرة لابد من التحديد الدقيق لهذه القيم. لأن كل واحد يؤولها حسب أهواءه و يريد أن تخدم مخرجات التعليم مصالحه الشخصية على اعتبار أنه ينظر إلى المتعلمين على شكل بضاعة يريد الربح الوفير من خلالها مع ما يحمل هذا التمثيل و التشبيه من استغلال جشع للإنسان.

 هذا بصفة عامة ، أما إذا تركنا هذا جانبا ،و رجعنا إلى وضعية التعليم ببلدنا فإن التعاقد الذي ينادي به الجميع يجب أن يتخذ عدة مظاهر، لكن ببساطة  يجب القول أنه من الصواب أن نعطي لكل مكون من مكونات النظام التعليمي مسؤوليته التاريخية و على ضوءها و حجمها يحاسب على جسامة الخطأ الذي سيقترفه، و على العموم يمكن إجمال هذه المظاهر  في النقط التالية:

+ على الدولة أو المجتمع، بكل تياراته الدينية و السياسية و الفكرية و الاجتماعية أن يحدد "ماهية  المواطن المغربي الذي ينشده" و أن تحدد هذه التيارات  بصفة نهائية المواصفات و المحددات التي يرونها مميزة للمواطن المغربي,بالواضح .و بدون كذب على أنفسنا ، لابد من الحسم النهائي في عدة قضايا أساسية في الإصلاح نبدأها بقضيتي "الدين و اللغة" التي أرى أن البعض أصبح يتخذهما مطية لزرع الفتنة بالبلد, لابد من قطع الطريق على كل المتلاعبين بالهوية المغربية من خلال اتخاذ قرار حاسم يجعل كل من يحاول المشي فوق حبل الفتنة يسقط على أم رأسه.

أيضا لا بد  من الحسم في عدة قضايا كانت نعتبر إلى وقت قريب من المبادئ التي ينبني عليها كل إصلاح للمنظومة التعليمية بالمغرب. ألا و هي " التعميم, التعريب, المجانية".

     لقد أثبتت سياسة "الكم" فشلها بالمغرب, ليس في قطاع التربية فقط و إنما في سائر القطاعات التي شملها الإصلاح بالمغرب, و من المعروف أن مسؤولينا بارعون في سياسة " التزواق" وتضخيم المعطيات. نعم, نحن مع تعميم التمدرس لجميع الشعب المغربي ,ذكورا و إناثا,لأن ذلك من حقوق المواطن على بلده, و لكن بشرط توفير تعليم جيد و فعال لهؤلاء الأطفال و ليس تسجيل أكبر عدد من المتمدرسين  لغرض تسول الإعانات من المنظمات المالية الخارجية, فالأمثال المغربية تنطق بحكم طابعها البساطة, الصدق و الروعة, و لهذا نراهم في هذا المقام يقولون."يا المزوق من برا,أش اخبارك من الداخل؟"

    الأمر الأهم أيضا هو أن على الدولة و المجتمع المدني الحسم فيها هو قضية " تنوع الواقع اللغوي المغربي"، و السؤل الجوهري هو: ماهي اللغة  الرسمية التي يريد  القائمون على شؤون المغرب أن تكون موحدة لدى جميع المغاربة؟ لا نريد أن يبقى الواقع اللغوي بالمغرب ملتبسا وغامضا, هناك جهات  الآن تتخذ من هذه القضية فرصة لابتزاز الدولة المغربية من دون وجه حق وذلك لأن هناك فراغات قانونية و تنازلات .إن الحسم في هذا الأمر أصبح من الأولويات, حتى لا يترك القائمون على شؤون المغرب للباحثين عن إثارة نار الفتنة اللغوية بالمغرب فرصة للتشويش على استقرار البلد, لأن الأمر سيكون آنذاك محسوما و كل من سولت له نفسه السباحة ضد هذه التوافقات سيجد  أن جميع فئات المجتمع المغربي مجندة لوقفه عند حده لأن التعاقد هو في الأول و الأخير التزام  بين الجميع, في هذا التعاقد  لديهم  حقوق وعليهم واجبات ولا يحق -لأي كان- الإخلال بأحد بنوده.و من المعلوم أن الدول التي تتنازعها لهجات و لغات متعددة في البلد تحسم الموضوع في الدستور الذي يعلو فوق الجميع رغم أن ذلك لا يعني إقصاء اللهجات و اللغات الأخرى.

    المغرب يجب أن يحسم كذلك في مسألة "المجانية", فإذا كانت ميزانية التعليم تسبب عبئا على الدولة فليس هذا بمبرر لأتباع سياسة"الكيل بمكيالين" , أي التدمير الممنهج للمدرسة العمومية و ربطها في غالب الأحيان بالمستوى المتدني   الذي وصلنا إليه في المدرسة العمومية- مع التذكير أن أغلب المنظرين الحاليين لواقعنا التعليمي قد تخرجوا من رحم هذه المدرسة التي ينتقدونها الآن-, و التشجيع المستمر للتعليم الخصوصي رغم الاختلالات التي يعيشها هذا القطاع. بل على الدولة أن تتحلى بالشجاعة اللازمة  لتشرح لمختلف فئات الشعب الإكراهات التي تواجهها, بل إنها قد تشركهم في البحث عن حلول و ليس الاكتفاء بتنفيذ توصيات المنظمات الخارجية و متطلبات "البنك الدولي".

  هذه القضايا يحب الحسم فيها أولا قبل الشروع في أي عملية إصلاح, أي علينا تحديد الثوابت العامة التي لن يكون بمقدور أي أحد التطاول عليها لأن الأمر يتعلق بهوية وطن و ليس بأهواء أفراد.

من الضروري هنا أن نخبر الناس بأن التعليم هو قضية مجتمع برمته و ليس قضية العاملين فيه, و من هذا المنطلق فالمتدخلين في هدا القطاع هم جميع فئات المجتمع المغربي. كل واحد له مسؤولية في المستوى و الوضعية التي وصلنا إليها ، و سأحدد مسؤولية كل واحد من العناصر على حدة :

1- الدولة : أكبر العناصر المؤثرة في القطاع و التي بسياستها تتحكم في كل مجالاته, و تتجلى مسؤولية الدولة من خلال شقين : "وزارتها في التعليم" التي جربت سياسات عدة  على قطاع التعليم آخرها " المخطط الاستعجالي "  الذي ظهر فشله جليا للعيان و الكل يعلم الآن أننا نسير في قطاع التعليم بلا بوصلة و نجرب في فلذات أكبادنا وصفات انتهى زمن صلاحيتها و التي يصيب جسد المجتمع المغربي بالإسهال. وتتمثل مسؤوليتها التاريخية في رغبتها التخلي عن التزاماتها خاصة "مجانية التعليم" و انحيازها الواضح للتعليم الخصوصي الذي تعتبره حلا لمشاكلها المادية بعد اعترافها أكثر من مرة أن قطاع التعليم " هو قطاع غير منتج " على حسب ادعاء المسؤولين, مع العلم أن العنصر البشري أذا استثمرت فيه جيدا يعطيك نتائج أفضل من أي قطاع أو عنصر أخر. المشكل في سياسة التعليم ببلادنا يكمن في كون اعتبار المتعلم بضاعة الهدف من تنشئتها فقط الخروج بيد عاملة ذات كفاءة مهنية حتى  يستفيد منها سوق الشغل أي أن الهدف الأساسي منها هو" براغماتي فقط ".

كما تتجلى مسؤولية الدولة في شخص وزارتها دائما ، عند انفراد هذه الأخيرة بمبادرات الإصلاح بأسلوب فوقي غير متوافق عليه و الدليل على ذلك : تغيير البرامج الدراسية على أساس استفادة التلاميذ من التعليم الأولي ، على الرغم من أن هذا الأخير غير موجود في أغلب مناطق المغرب ، مما يعتبر جريمة في حق أعداد كبيرة من المتعلمين الذين وجدوا أنفسهم غير قادرين على مواكبة البرامج الدراسية, و هدا ما يسمى  " وضع العربة أمام الحصان ". وكذلك في إغلاقها مجموعة من المدارس دون وجه حق و بمبررات واهية لا تكاد تقنع أحدا. مؤدية بذلك إلى خلق مشكل الاكتظاظ الذي تعاني منه أغلب مدارسنا  أو إلى مشكل الأقسام متعددة المستويات التي ترهق الأساتذة و لا تؤدي إلى نتائج مرضية في الغالب سوى الحنق و الفشل.

    بعد هذه التوطئة الطويلة جدا ،لنعد إلى تشكيل المجلس الذي أوكلت إليه مهمة إصلاح أعطاب التعليم و هو" المجلس الأعلى للتعليم", إن طريقة تنصيبه و الأشخاص الذين يشكلون أعضاءه- و نحن هنا في هذا المقال – لا نشكك في وطنيتهم و لا في حبهم للبلد، لكنهم في النهاية لا يمثلون أطياف المجتمع كلها, و الكل يعلم الطريقة التي تم بها ترشيحهم ، إذ غلب على الأمر التوافقات السياسية و النقابية و الاقتصادية ، بينما تم تغييب أهم عنصرين في الإصلاح:" الأساتذة و المؤطرين" ، لتجاوز هذا الأمر أو النقص ابتكر أعضاء المجلس طريقة ذكية ، ألا و هي القيام بجولات و محاضرات في جميع أكاديميات المغرب،و ذلك لتشخيص الوضع التعليمي بالمغرب و إشراك الأساتذة و المفتشين في الإصلاح وفق المقاربة التشاركية المزعومة، لنصل في الأخير إلى النتيجة التالية:" سنة أو شهور ضائعة في التشخيص للوضع المعروف اختلالاته من الأول، شهور من أجل صياغة التقرير النهائي و التوافق و المصادقة عليه من لدن كل المتدخلين، ملايين ستضيع بسبب مصاريف التنقل و ووو...... لنستورد بيداغوجيا جاهزة من الغرب ثم نوزع كعكة الكتب المدرسية على المحظوظين من الأقارب و الأحبة و دور النشر و خليات الكتابة التي تسرق النصوص من أمهات الكتب و تعتقد أنها ترسخ القيم الوطنية و الدينية و العالمية في نفوس النشء وهي تنبث السموم في الدسم، و نبينا عليه السلام".

  متحامل أنا على التعليم وحاقد و متشاءم وو لا أرى إلا النصف الفارغ من الكأس، أليس كذلك؟ إسألوا أغلب المدرسين سيجيبونكم عن هذا السؤال.

-       الشق الثاني من مسؤولية الدولة يكمن في "وزارة التجهيز و النقل"

هنا أعود أيضا إلى ما خلفته الأمطار الأخيرة التي فضحت الواقع البئيس لقرانا وبوادينا, و أبانت عن هشاشة البنيات التحتية لأغلب مناطق البلاد, كما فضحت الواقع المرير الذي تعيشه فئة عريضة من المدرسين في المناطق النائية دون تعويضات عن المجهودات و السنوات الضائعة من حياتهم في أماكن تنعدم فيها أبسط شروط العيش الكريم. فماذا فعلت وزارة النقلوالتجهيز لفك العزلة عن هؤلاء الجنود الذين تضيع أجمل و أحلى سنوات عمرهم بعيدا عن الحضارة ورفاهيتها؟و ماذا فعلت للتلاميذ و السكان منتهدف تيسير من البؤس الذي يعانون منه؟ أليسدورها القيام بمشاريع تنموية تهدف تيسير التعلم لدى أطفال بلدنا؟ فمن سيحاسبها؟ أم أن على الأساتذة و حتى أطر الصحة وأطر الجماعات  المحلية أن تتحمل اختلالات هذه الوزارة و عدم قيامها بالمهام المنوطة بها تحت ذريعة "هاد شي اللي عطا الله و ماعليكم غير الصبر"؟عندما نرى أن هذه الوزارة تقوم بفك العزلة عن لمناطق النائية و سكانها فقط آنذاك يمكن إصلاح التعليم.

  2- النقابات : لم تعد النقابات رمزا للنضال في أعين شرائح المجتمع بل صارت عنوانا للانتهازية و تحقيق المطالب  النفعية الذاتية و المصالح الشخصية على حساب المصلحة العليا للشغيلة, ليس في قطاع التعليم فحسب , بل على حساب المصلحة العليا للشغيلة العاملة في كل القطاعات. و التعليم ليس استثناءا . لقد عرفت الدولة أنها تكون في ورطة عندما كانت هناك نقابة وحيدة في الساحة ,لهذا قامت بسياسة " التفريخ " التي أنتجت نقابات كالفطر ، كل حزب سياسي بنقابة معينة, مما جعلها تابعة له مرجعيا ، و أصبحت المطالب سياسية أكثر منها نقابية, و كخلاصة لكل ذلك ، صارت مصلحة المتعلم هي آخر نقطة تفكر فيها النقابات و بالتالي كنا نلاحظ :كثرة الإضرابات الموحدة المطالب و المختلفة في تواريخ التنظيم ، مما ضرب صورة العاملين بالقطاع. هؤلاء الذين ،في الأخير عرفوا حقيقة ما عليه الأمر, و عرفوا أن النقابات  لن تحقق لهم شيئا فاكتفوا بتحقيق"مطلب الراحة" من أيام عمل أصبحت تسمى "أيام  إضراب" و التي هي أفضل من انتظار الذي لا يتحقق  أي بدارجتنا المعبرة " النقابات باعت الماتش " و الضحية المدرس و المتعلم .

3- الأسرة: قطاع التعليم ليس ميدانا يحتكره عنصران اثنان (المدرس و المتعلم )، بل تتدخل فيه جميع عناصر المجتمع

و من بين هذه العناصر" الأسرة " التي تعتبر شريكا أساسيا في العملية التعليمية / التعلمية, و يتجلى دورها في" جمعيات أباء و أولياء التلاميذ" وقد حدد الميثاق الوطني أدوار هذه الجمعيات و شدد على ضرورة تفعيلها و ثمن النتائج التي يمكن أن تترتب عن مساهمتها في توجيه القطاع التعليمي ببلادنا و لكن:" هل فعلا تقوم الأسرة بأدوارها جيدا أم تبقى الأمور حبرا على ورق؟"  إن الواقع يدل على أن هذا العنصر منشغل فقط بتوجيه اللوم للعناصر التربوية و تحميلها المسؤولية وحدها ، فهل تقوم  الأسرة  بمراقبة أبناءها ؟ هل يعرفون حقا مشاكل المدرسة التي بقربهم ؟ هل هم ملمون بمشاكل التعليم ؟ هل جمعيات الآباء شريك فعلي في الواقع أم صوري في وثائق الإدارة فقط ؟ هل الآباء و الأمهات واعون المسؤوليات الموضوعة على عاتقهم أم هم فقط ينظرون للمدرسة كمتنفس يريحهم من صداع أولادهم ومشاكلهم ؟ و ماذا تفعل الأسرة في مجال محاربة الساعات الإضافية غير المجانية ؟ ألا تساعد بتهاونها في ضرب المدرسة العمومية ؟

أسئلة كثيرة ، الأجوبة عنها واضحة ، لكن لا أحد يريد تحمل المسؤولية لأن الشيء السهل هو إلقاؤها على عاتق الآخرين .

 لماذا تركت الاسرة دورها في تربية الأبناء و تركتها على عاتق المدرسين؟ لماذا نرى أن الآباء ء الذين يهتمون بمستقبل أبناءهم ينجحون في غالب الأوقات في الوصول إلى مبتغاهم في تطور أبناءهم بينما المهملون لأبناءهم لا؟

 هذا دليل على أن الأسرة شريك فعال في إصلاح التعليم , لماذا تم تقزيم دورها في إعطاء النصيحة و تم الإبقاء فقط على مهمة ووظيفة وحيدة: السؤال عن أمرين لا ثالث لهما:" علاش ولدي ماتيقراش؟ واش المعلم جا ولا لا؟"

 هل وجود المعلم في القسم دليل على العمل و الجدية و حصول فعل التعلم؟ الجواب البديهي هو: لا. لأن في جميع الإدارات" الطبيب ، الموظف الجماعي، المسؤول الجماعي و البرلماني و أخرون.... قد يحضرون لمقر العمل لكنهم لا يشتغلون  و يجدون آلاف الطرق للتملص من مهماتهم و المدرس ليس استثناء.

 عندما تقوم الأسرة بأدوارها كاملة من مراقبة لأبناءها أولا و المدرسة و تجهيزاتها ثانيا و الأستاذ أخيرا عندها يمكننا التحدث عن إصلاح التعليم.

4- الإعلام :   إن تناول الإعلام لمشكل التعليم يبقى في غالبه تنظيري,_ مع بعض الاستثناءات القليلة_ حيث أن أغلب القنوات الإعلامية تسمع فقط عن التعليم ومشاكله ولا تعيش حقا ظروفه, كما  أن انسياقها وراء المعلومة المسموعة تفقدها مصداقيتها, خاصة الإعلام المرئي الذي ينتقي برامجه  بطريقة تبدو في غالبيتها منحازة إلى ضرب  صورة المدرسين واعتبارهم مسؤولين عن الوضعية التي وصل إليها قطاع التعليم دون غيرهم, باستثناء بعض  المرات التي تذيع فيها برامج عن مبادرات إنسانية وتربوية لأطر تربوية رائدة لكن هذه الحالات توجد في الغالب في المجال الحضري أو بعض المدارس القروية النموذجية,ولاداعي للتذكير هنا أن  أكثر من  %50 من العاملين بهذا القطاع يعملون في المجال القروي الصعب أو ما يصطلح عليه في القاموس العام المناطق النائية . مما يعني أن الإعلام يساهم في إعطاء صورة مغلوطة عن واقع مريض. ولعل الأمطار الأخيرة هي التي تفضح الواقع المرير الذي يعيشه العاملون بهذا القطاع ( مثال : التعليم بالخيام = الذي هو في نظري  حل ترقيعي بدل إيجاد و مساءلة الجهات التي بنت تلك لمدارس والقرى في أماكن الخطر ) .

رأينا كيف تعامل الإعلام مع قضية الأستاذ و التلميذة نادية، نحن هنا لسنا للدفاع عنه لأنه ارتكب خطأ تربويا  و إداريا جسيما، و رغم تقديمه لاعتذار إلا أن مقصلة الشنق و النقد انهالت عليه و كأن مشاكل التعليم  بصفة خاصة و المغرب بصفة عامة بسببه: تناسى الجميع أنه قضى 33 سنة من عمره يدرس ، فهل في هذه المدة كلها لم يقم بأي عمل تربوي لفائدة الوطن؟

ألا تقع فضائح أكبر من هذه يوميا على يد مسؤولين كبار و شخصيات عامة يمر عليها الجميع مرور الكرام ، بل إن منها من تجد المدافعين عنها و المحامين المجانيين لإعطاء التبريرات على أفعالهم.

 إذا كان المواطنون في البلد سواسية في الحق و القانون و الواجبات/ فلابد أيضا أن يكونوا أبضا متساوون في حجم العقوبات ، لكل شخص عقاب على حسب مسؤوليته ، لكن الكل يعرف أن هذا لا يحدث في بلدنا و إنما في بلاد أخرى نسمع عنها و نحلم أن نصير مثلها في القادم من القرون ، أما  في القادم من السنوات فلا.

 الإعلام شريك في تدمير التعليم ، لكن من الممكن أن يصبح أيضا مصلحا إذا أظهر الجوانب المشرقة للأساتذة و المديرين و المفتشين و ليس مبادرات الجمعيات و المسؤولين الذين يأتون لأخذ صور تذكارية مع الأطفال و يسمونها مبادرات إنسانية و في الأخير يقفون بالصفوف لتسول الدعم من طرف الدولة على نفس هذا المبادرات و هو دعم بالملايين.

 عندما نصل إلى هذا النوع من التفكير عندها يمكن إصلاح التعليم.

5+ المتعلمون: و هم أهم عنصر في المنظومة التربوية , هذا المتعلم الذي بسلبيته وتصرفاته اللامسؤولة مثل عدم احترام القانون الداخلي للمدرسة, و دخوله لفضاء المدرسة و هو يعيش في عالم من الأوهام التي تصوره له المواد الذي يتناولها قبل دخول المدرسة دون أن يردعه أحد, وفي تهاونه ووقوفه وقوف المتفرج دون أن يكون له رأي في التحولات التي تطرأ على المدرسة  مسؤول كذلك عن هذه الوضعية. هذا  على الرغم من  زعم الجميع بأن"مصلحة التلميذ فوق كل اعتبار". بيد أن هذه المصلحة لا تظهر إلا في إطار علاقة التلميذ مع المدرس, حيث تعطى له الأسبقية و الأفضلية،حتى وإن كان مخطئا, أما في علاقته مع الفاعلين الآخرين فمصلحته لا وجود لها. الدليل على ذلك ضرب مرتكز "مجانية التعليم للجميع" هذا المبدأ الذي يتم تفعيله في بعض المناطق ليس حفاظا على مصلحته بل لأن المجتمع أو الدولة لا تستطيع تحمل تبعات هذا الاختيارفقط لأنها ستفقد مساعدات مالية  خارجية مهمة. كما أن أغلب أفراد الشعب لن يتمكنوا من تحمل أعباء إضافية في مدرسة تعتبر لحد الآنغير منتجة. التمظهر الثاني يتجلى في عدم قدرة الدولة على إجبار آباء و أولياء التلاميذ على إدخالهم المدرسة و منعهم من العمل في سن مبكرة ,لأن أغلب الأسر ,خاصة الفقيرة, ترى في أطفالها مصدر رزق و يد عاملة يجب الإستفادة منها. التمظهر الثالث يتجلى في طريقة تعاطي المجتمع مع مشكل التعليم حيث لا تأخذ أغلب الإصلاحات مقترحات التلاميذ مأخذ الجد الكل يأتي بوصفات من الخارج يعتقد أن فيها العلاج للاختلالات التي تنخر جسد منظومتنا التعليمية, و لمزيد من التوضيح لاحظوا عدد المناهج التي مدارسنا منذ بداية الاستقلال  و عدد المرجعيات النظرية و البيداغوجية التي طبقناها على تلامذتنا .و السؤال الذي يطرح نفسه الآن " هل راعت هذه البيداغوجيات خصوصيات المجتمع المغربي و طبيعة المتعلم المغربي؟ أم أخذتها و طبقتها دون مراعاة لمصلحة التلميذ؟

 

6+ المدرسون: الحلقة الأهم  في قطاع التعليم و التي بدونها لن يتحقق أي إصلاح, و في نفس الوقت هي الحلقة الأضعف التي تتحمل تبعات جميع الإخفاقات التي وصل إليها القطاع, أي أنها الشماعة التي تعلق عليها, و دون وجه حق ,فشل كل البرامج الإصلاحية على اختلاف مضامينها.

 المدرس إنسان له حاجيات و ليس رسول مجتمع, كمايدعي البيت الشعري المزعوم، أو تلك الصورة الإطار التي نتباهى أحيانا بوضع المدرس فيها، فزمن الرسل قد ولى, و من حقه كإنسان أن يعيش حياة كريمة, و إن كان لا بد له من التضحية فهذا يعني أن يكافأ على هذه التضحية ماديا و معنويا. لست هنا لأدافع عن فئة المدرسين  بجميع أصنافها،لأن هناك فئة من المدرسين لا يقومون بواجبهم خير قيام و ينتقدون الوضع الذي وصل إليه النظام التعليمي رغم أنهم أنفسهم لا يواكبون المستجدات التربوية, منهم من حنق على الأوضاع و ضرب مصلحة التلميذ عرض الحائط, ومنهم من ينجز عمله دون حماس, يكتفي بإتمام  المطلوب منه فقط مثله مثل  أي موظف في أي قطاع من إدارات الدولة, وهذه الفئات الساخطة توجد في كل القطاعات. و لكن كما نعلم فالتعليم  له خصوصية  استثنائية إذ هو قضية مجتمع و أدواته بشر أكثر منها ماديات  ,لذا  فإن نتائج هذا التذمر و السخط تبدو أكثر وضوحا هنا. و المدرس يجد نفسه في دائرة الاتهام أكثر من غيره عند ظهور أمراض مجتمعية خطيرة.

 لكن بالمقابل هناك فئات عريضة يقومون بأكثر من واجبهم و لم ينالوا حتى التشجيع النفسي و الرمزي من المجتمع, و نحن نعرف الألفاظ التي تقال عن رجال و نساء التعليم و النظرة التي ينظر إليها الناس إليهم. إن تبخيس عمل هذه الفئة من المدرسين و النظرة الدونية التي يراها المجتمع فيهم مثل قولهم "أش تيديروا كاع ياك شبعانين عطل و حاضيين غير التلامذ" من الأسباب  الأكثر تدميرا للتعليم لأنها تجعل الكثير من الناس يستسهل  هذه المهمة و الوظيفة و الرسالة التي هي أساس نهضة أي مجتمع.

بالموازاة مع كل هذا، هل تقوم الدولة في شخص وزارتها بتكوين و إعادة تكوين الأساتذة أم أنها تتركهم يسبحون في بحر التربية و التعليم بدون معين؟ هل المؤطرون يقومون بعملهم في مساعدة المتعثرين من الأساتذة أم أنهم يمارسون عليهم سلطتهم و ساديتهم ؟ هل فعلا نساعد الأساتذة على القيام بمهمتهم في أحسن حال أم نتركهم يخبطون خبط عشواء؟ لماذا نتهمهم بالتقاعس في آداء أعمالهم بينما لا أحد قدم لهم يد المساعدة؟ أسئلة حرجة تجرح شعوركم بالذنب و تضعكم في وجه المدفع.

  كلكم، بل إننا كلنا مذنبون ، و لكن لا أحد يريد الاعتراف بالجرم الذي اقترفه في حق التعليم ببلادنا، أنتم أيضا مسؤولون، و بصفة أكبر في تدمير التعليم.

  عندما تعترفون بذلك  و تتحملون مسؤوليتكم في كل شيء، حينها يمكننا إصلاح التعليم بوطننا.

 

 الكلام قد يطول و لن نكتفي بهذا الكلام فقط، هناك عدة متدخلين و كل له مسؤوليته التاريخية في فشل أو إصلاح التعليم، لكنني سأكتفي بهذا القدر الآن و للحديث بقية أنشاء الله في مقالات مقبلة.


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات