الجماهير التطوانية تخصص استقبالاً أسطورياً لفريقها بعد الفوز على اتحاد طنجة

انقلاب شاحنة محملة بأشجار الزيتون بالحي المحمدي يستنفر المصالح الأمنية

بحضور نجوم الفن المغربي.. افتتاح المهرجان الدولي للسينما والهجرة بوجدة

المغربية بومهدي: حققت حلمي مع مازيمبي وماشي ساهل تعيش في الكونغو

الرضواني: خسرنا اللقب ونعتذر للمغاربة..ولاعب مازيمبي تشكر المدربة بومهدي

لمياء بومهدي: لم أتخيل يومًا الفوز بلقب دوري أبطال إفريقيا في المغرب ومع فريق آخر

اليسار العربي و ... استقالة العقل !

اليسار العربي  و ... استقالة العقل !

الصادق بن علال

 

 

" يفرض على اليسار مراجعة موقفه من الدين في المجتمعات العربية و الإسلامية خاصة ، ليس فقط بوصفه مقوما من أهم مقومات المجتمع و أكثرها صلابة كما بينت التجربة ذلك ، بل أيضا بوصفه إحدى وسائل التعبئة ، بل لعلها اليوم أكثرها تأثيرا و فعالية في تعبئة الجماهير الكادحة المحرومة "

فقيد العقلانية العربية : محمد عابد الجابري

 

1 -  شكلت أحزاب اليسار في الدول الديمقراطية العتيدة صمام أمان ، و سياجا منيعا ضد نزعات التحكم و التطرف و الاستغلال الصادرة عن الهيئات اليمينية و المحافظة على وجه العموم ، و ذلك لأن اليسار السياسي بحصر المعنى كان و ما يزال هو التيار السياسي الحامل لمشروع التغيير و التجديد ، و بناء تجربة مجتمعية نسقية تروم أجرأة قيم العدالة و الكرامة و المساواة و الحرية ، و ترجمتها بالملموس في الواقع الملموس .. و الواقع أن العالم العربي نفسه شهد في فترات متقطعة ما بعد استقلال الأقطار العربية ، نضالات و استحقاقات بالغة الأهمية خدمة للمصالح العليا للشعوب المضطهدة ، و قد واجه المناضلون اليساريون في مشرق الوطن العربي و مغربه ألوانا من القمع و ضروبا من المعاناة وراء قضبان السجون و خارجها ، و لعل ما نعاينه من انفتاح نسبي  و انفراج جزئي للأنساق السياسية العربية هو نتيجة موضوعية لهكذا  تضحيات لمناضلين سياسيين عرب في ما أضحى يسمى بسنوات الجمر و الرصاص . و إذا اقتصرنا على تجربة المغرب الأقصى في هذا الشأن ، فإننا نعبر دون تردد ، عن اعتزازنا و فخرنا  ، بما أنجزه مناضلو الصف اليساري المغربي من انفراج سياسي معتبر ، بعد عقود من التجاذبات الشرسة بين نظام التحكم الفردي و بين مناصري النهج الديمقراطي الكوني ،  من قبيل المهدي بنبركة و عبد الله إبراهيم و محمد بن سعيد آيت يدر ، و إبراهيم السرفاتي عبد الرحيم بوعبيد و عبد الرحمن اليوسفي ..

2 -  لكن و في ظل التحولات المفصلية التي عرفها العالم في العقود الأربعة الأخيرة ، و تحديدا بعد الثورة الإيرانية و تفكك الاتحاد السوفياتي و سقوط جدار برلين و حروب الخليج العربي المدمرة .. لم تعد لليسار تلك المكانة الاعتبارية و الوزن السياسي و العسكري العالمي ، إذ دخل في طور التراجع و التراخي ، اللهم في بعض الأٌقطار الأوروبية  و أمريكا اللاتينية التي تشهد عودة مظفرة للضمير اليساري المنفتح . أما في العالم العربي فقد ارتأى الجزء الأكبر من رفاق الأمس التوقف عن انتهاج طريق " التحرير " و الدفاع عن " الاشتراكية " و التفاني من أجل خدمة " القوات الشعبية " ، و ارتضت الغالبية شبه المطلقة من الصف اليساري الارتماء في أحضان السلطة القائمة ، خاصة في ظل سياق مجتمعي مخصوص ، و دخول لاعب  سياسي نوعي هو الإسلام السياسي المعتدل ، الذي قلب الطاولة على الأطراف الفاعلة والمعنية بالمنجز السياسي العربي . و لعل الانقلاب العسكري و المدني على الانتقال الديمقراطي في دول الربيع العربي أكبر دليل على أن اليسار العربي فقد البوصلة ، و فضل اغتيال العقل وإفشال التحول الديمقراطي و التحالف مع الشيطان ، بدل الاعتراف  بالهزيمة و الوقوف إلى جانب الديمقراطية و الحق الإنساني . و مرة أخرى يمكن القول بأن جانبا كبيرا من اليسار المغربي الذي يصارع من أجل البقاء ، لا يعير كبير اهتمام لإعادة بناء جبهة يسارية موحدة و واعدة ، بقدر ما أنه يقتصر على اختلاق قضايا وهمية و مواضيع مصطنعة ، بعيدة كل البعد عن هموم المواطن المغلوب على أمره  ، من قبيل حرية المعتقد و" النضال " من أجل الأمازيغية ، و المثلية الجنسية و العلمانية بمعناها الضيق ، و تعديل القوانين لضمان المساواة بين الرجل و المرأة و المناصفة في الإرث .. كل ذلك بالاحتماء بسيف المنظمات و القوانين و المواثيق الدولية ، و الإعراض شبه التام عن المرجعيات الوطنية ، من دستور و مدونة الأسرة و المجالس العلمية المختصة . عوض الانكباب على التعاطي الإيجابي مع متطلبات فئات الشعب المحرومة ، المتمثلة في السكن و الصحة و التعليم .. و توفير شروط العيش الكريم و خلق فرص الشغل ، وإنجاز إقلاع نهوض تنموي فعال !

3 -  و لئن كان بعض دعاة اليسار العربي و المغربي على وجه الخصوص ، يعتقدون أن التمترس وراء المرجعية الكونية و الهيئات الدولية كفيل بإعادتهم إلى صدارة الدوائر السياسية ، و المساهمة في الدفع بالعالم العربي نحو التقدم و التنمية فهم واهمون ! فماذا قدم المنتظم الدولي للقضية الفلسطينية الأكثر عدلا في العالم ؟ و ماذا قدمت قرارات الأمم المتحدة و منظمات " حقوق الإنسان " الدولية للبلدان العربية سوى مشاريع الحروب الأهلية و تأبيد الفساد و الاستبداد ،  و تقسيم الأقطار العربية إلى كيانات عرقية غير قابلة للحياة ..؟ نحن لا ندعو إلى عصيان المواثيق و المؤسسات الدولية التي تلعب دورا محترما في الحفاظ على القيم الديمقراطية عبر أركان عالمية عديدة  ، و إنما ندعو فقط إلى  ضرورة التصالح مع الشعوب العربية و احترام مرجعياتها الوطنية و قيمها الحضارية و الثقافية ، أو بتعبير أكثر دقة على اليسار العربي المفروض أنه حامل لمشروع التنوير و التقدم و العدالة الاجتماعية .. أن يجتهد و يبحث  عن القاعدة الذهبية التي تمكنه من التحكم في آلية التوازن بين المرجعية الكونية لحقوق الإنسان و بين المرجعية القانونية و الحضارية للأمة و الوطن . و إذا كان البعض قد دعا علماء و فقهاء الدين المسلمين بحق إلى ضرورة الالتحاق " بقطار العصر " ، و إعادة النظر من جديد في قضايا دينية محورة من منظور يستلهم مستجدات المنجز العلمي و المعرفي الكوني ، و التسلح بمستلزمات الديمقراطية الحديثة ، فإننا ندعو بالمثل كل المثقفين اليساريين العرب الشرفاء إلى ملحاحية إعادة النظر في أحكامهم المسبقة و مواقفهم المجحفة و غير المنصفة إزاء قضايا الإسلام ، و أن يتوقفوا عن استهداف ثوابت المجتمع و الأمة العربية ، و استفزاز مشاعر المواطنين الدينية ، و ليضعوا أمام أعينهم أن الدين مقوم محرقي في تاريخ الأمم و حاضرها و مستقبلها ، و أن أي فصيل سياسي عربي يستجدي رضى المنتظم الدولي عبر استعداء المعطى الديني ، و الاستهانة بثوابت الشعب مآله الفشل ، فالنجاح " الخارجي " رهين  بالنجاح داخل الوطن ، و الإنصات إلى نبض الشعب الذي يعلو و لا يعلى عليه .



هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات
المقالات الأكثر مشاهدة