يوسف بوعنيس
يسألونك عن دور الوعي و الثقافة في بعدها التفاعلي و العضوي مع انساق الحركة و الفعل داخل المجتمع. بل يسألونك عن عدمية الحياد السلبي و يحدثونك عن أفضليات المشاركة في كل الأنساق الرسمية الناظمة لقواعد اللعبة ، بل ويعاتبونك على الاستكانة إلى الركون وعدم التجاوب مع الفعل "العام ".
ان المنظور الشامل لمشروعية الممارسة السياسية ينطلق من الاختيار السلمي التراكمي و الحتمي الذي اختارته بلادنا في سبيل المأسسة لنظام ديمقراطي قائم على التمثيلية الواسعة و التداول و المشاركة المجتمعية الخلاقة القائمة على تعدد القناعات تجاه العرض السياسي و طرق إدارة التفاعلات و الاختلافات داخل نسق موحد و مساهمة كل فاعل في حدود الاشتغال المتعارف عليها في دولة الحق و القانون و احترام الحريات و السهر على توضيب مناخ يتيح ممارستها بنحو متاح و ممكن وشفاف .
من هنا سجلت ببالغ الاستياء و القلق العميقين هذا التعامل البيروقراطي مع الملف القانوني لمنتدى كفاءات من اجل الصحراء وهو بالمناسبة الإطار الأدبي و القانوني لحكومة الشباب الموازية للشؤون الصحراوية ،بل و عدم تمكين المنتدى من الوصل القانوني للاشتغال منذ مايزيد عن خمسة أشهر و نيف من إيداع ملفه الكامل بل وشكل هذا التعامل و التعاطي الجاف مع الملف من طرف السلطات المعنية بوزارة الداخلية بالرباط أمرا مبهما و غير مبرر إلى حد يثير الريبة حيث يمثل هدا المنتدى جمعا طيبا من الكفاءات
والأطر الصحراوية الرزينة و التي تحمل رؤى و تصورات بلورته ميدانيا من خلال عديد التقارير و الحضور المثمر في عدة لقاءات وطنية ودولية ذات التوجه الأكاديمي و ألمواطناتي و الاشتغال عن
قرب من خلال فعاليات و أنسجة المجتمع المدني الهادف داخل الأقاليم الجنوبية كافة و سد الحاجة إلى عمل ميداني يعود على المجتمع و الدولة بالنفع انطلاقا من غيرة صادقة على التفاعل المدني و الفعل الفكري الملتزم تجاه قضايا المجتمع بتلك الأقاليم بل و إضافة نوعية للمشهد الفكري و العلمي و الثقافي الذي يعد أسمى مرتكز لنجاح الشرط الموضوعي للتنمية الشاملة و سموا و نشدانا و تعبيرا عن بروز حركة مدنية و مجتمع مدني و ليس مجتمع أهلي فاقد للمبادرة و الاستقلالية في الأقاليم الصحراوية .
فالربوع الجنوبية اليوم في حاجة قصوى إلى دور المنتديات و المراكز الفكرية المستقلة و الفاعلة لوضع سكة الفعل الثقافي والسياسي و التنموي على مدا رجها الصحيحة المجدية بل تجاوز التصنيفات و التوظيفات الخرقاء " لمراكز " و "منتديات "في الصراعات السياسية النفعية و إنزالها أسفا منزل الدكاكين و صناعة بروفيلات إعلامية فاقدة للعمق و المرجعية و قاعدة الاشتغال بل وماذا تريد ولمن توجه الخطاب كل هذا افرغ سلفا و سيفرغ الحركة المدنية و المجتمع المدني من دلالاته ومعانيه الحاسمة في نضج المجتمعات و تنزيل سياسات و مخططات منقحة و محصنة رقابيا لنكون بالفعل أمام تنمية حقيقية ساهمت في إنزالها الدولة وكل القوى الحية من هنا حاجة الدولة و المجتمع إلى فعل و حركية مجتمعية رزينة و مسؤولة و ذلك لاستثمارها الاستثمار الأمثل في الداخل و الخارج ، و دعونا رجاءا من صناعة أسمدة و بدور مختارة فارغة المضمون و عديمة الخطاب و الرسالة فاعادت خلقها وبعثها كونوا متيقنين أننا نعيد إحياء توابيت السياسات المتجاوزة ان لم نقل الفاشلة .
كفانا من التسييس و القراءات المغلوطة لأطر و كفاءات الصحراء و ليكن رد الاعتبار لمجتمع الصحراء و أهاليه نسائه و رجاله ومثقفيه و سواعده القديمة قدم البطالة في أعمارها ، و لان ارتياح المجتمع و رضاه وانخراطه لا تعبر عنه الارقام الانتخابية و استثمار السلوك الانتخابي فقط بل استثمار الرأس المال اللامادي و طاقات المجتمع و قواه الحية لكي تكون المشاركة ليست رقمية فقط بقدر ماهي قيمية ومجتمعية و انخراط مستدام في انجاح المشروع التنموي الشامل في بعده السياسي و الاقتصادي والانثروبولوجي.