رشيد أخريبيش
لا يمر يوم علينا في قطاع التعليم، إلا ونسمع عن إصلاحات جديدة في هذا القطاع الذي أنهكته البرامج الجوفاء التي طالما خرجت بها علينا وزارة التربية الوطنية ،والتي أضاعت فرصا كثيرة على المغاربة من أجل إصلاح المنظومة وتحقيق تعليم جيد يستجيب لمتطلبات العصر، ويرفع به إلى مرتبة تليق به، والقطع مع وضعه الذي يسيء إلى بلدنا المغرب. فبعد مهمة الأستاذ المساعد التي كان الهدف منها هو التجسس على الأستاذ وخلق صراع بين الأساتذة ،قررت وزارتنا الغراء خلق مهمة جديدة ستمنحها للأستاذ ألا وهي مهمة الأستاذ المصاحب الذي أعلنت عنها مؤخرا في إطار الإصلاحات الجديدة التي تقوم بها وزارة السيد بلمختار .
من يتمعن كثيرا في المذكرة الخاصة بمهام الأستاذ المصاحب، سيجد أن الهدف من وراء هذه المهمة الجديدة التي سيتكلف بها الأستاذ هو إهدار لأموال الشعب المغربي، حيث من الممكن أن ترصد ميزانية لهذه المهمة الجديدة عبر تكوين هؤلاء الأساتذة خصوصا في المهام المنوطة بهم، والتي من الواجب عليهم القيام بها وبذلك تعاد سيناريوهات الأستاذ المساعد الذي كان ولا زال ينهش من أموال الشعب جزاء ما كان يقوم به من تجسس على الأساتذة.
مهمة الأستاذ المصاحب وإن كانت الوزارة قد قدمتها للأستاذ على أنها مهمة نبيلة تسعى من خلالها إلى رفع مستوى التعليم، إلا أن الواقع يختلف تماما عما يروج له من طرف الوزارة، فإقدام الوزارة على إحداث مهمة الأستاذ المصاحب، جاء بعد الخصاص المهول في عدد المفتشين، لذلك تم الإعلان عن هذه المهمة لسد الخصاص بأقل تكلفة ،فعوض أن يتم تكوين المفتشين الذين يقومون بمهمة تأطير الأستاذ اختارت وزارتنا الحل الأسهل لتدبير الخصاص بواسطة الأستاذ الذي يحاولون أن يسيلوا لعابه بمزايا هذه المهمة الجديدة من أجل تحفيزه على الإقدام عليها .
حتى لو حاولنا إقناع أنفسنا بأن تلك المهمة التي سيتبارى عليها الأساتذة هي منطقية وستكون فعالة ،وستساهم في تنمية قطاع التعليم وتجويده .حتى لو صدقنا ذلك فإن ذلك المنطق التي ستمارس به هذه المهمة لا تمت للمنطق بصلة، خاصة وأن هذا الأستاذ المصاحب حسب المذكرة الخاصة بهذه المهمة سيحتفظ بنصف مهامه داخل القسم، ما يعني أنه سيزاول مهمته على حساب التلميذ الذي سيكون ضحية هذه المهمة التي أطلقتها وزارة السيد بلمختار. فالأستاذ المصاحب سيعمل نصف أسبوع في القسم والنصف الآخر في أقسام زملائه من الذين سيصاحبهم في مهمتهم لتأطيرهم، لذلك فالتلاميذ الذين سيدرسهم من سيتقلد هذا المنصب دائما ما سينتظرون أستاذهم الذي تركهم ليصاحب آخرين حتى يعود من مهمة المصاحبة ،كي يتمكنوا من الدراسة، تلك هي خطط الوزارة التي طالما أملتها على أبناء الشعب من الفقراء الذين لا حول ولا قوة لهم .
من بين المهام التي أسندت للأستاذ المصاحب كما جاء في المذكرة هو حسن الإنصات ونحن بدورنا نتساءل عن ذلك الإنصات ولمن يكون، هل الإنصات لتلاميذه الذين سيتركهم في القسم دون دراسة؟ أم ينصت لزملائه الأساتذة الذين سيراقبهم وسيتجسس عليهم آناء الليل وأطراف النهار أم ينصت إلى الوزارة التي كلفته بمهمة لا يستطيع عليها صبرا .
وزارتنا أصدرت مذكرة في المهام الجديدة التي ستسند للأستاذ ،وحاولت أن تقدمها له على أنها مهمة سترفع من قيمته ،حيث ستتيح له هذه المهمة حسب وزارة بلمختار الولوج إلى مؤسسات الأطر التربوية، لكن هذه الوزارة نسيت أن تجيب المغاربة عن مصير أبنائهم الذين سيصبحون عرضة للضياع مع هذه المهمة الجديدة التي سيقبل عليها الأساتذة.
يجب أن تعرف وزارة السيد بلمختار أن إصلاح التعليم لا يحتاج لا إلى أستاذ مساعد ،ولا إلى أستاذ مصاحب، ولا يحتاج إلى وزارة الداخلية التي حلت مكان وزارة التربية الوطنية، ولا يحتاج إلى الرقم الأخضر ولا الأصفر ولا الأسود، ،ولكن نحتاج إلى إرادة حقيقة من طرف من هم على رأس القرار ومن الذين يشرعون من أبراجهم العاجية بعيدا عن واقع التعليم الذي يندى له الجبين.
الإصلاح يحتاج إلى أشخاص يقدرون أبناء المغاربة، أشخاص يحرصون على مصلحة أبناء الشعب، والذين يستبعدون مصلحتهم الخاصة، أشخاص يؤمنون بهذا القطاع الذي هم على رأسه الآن ،أما أن يكون هؤلاء في واد وأبناء الشعب في واد آخر، وأن يشرعوا من فوق سبع سماوات على أبناء الفقراء في القطاع العام، وأبنائهم يرسلونهم إلى أمريكا وفرنسا لمتابعة دراستهم في صورة مآساوية تظهر أن هؤلاء الذين طالما صدعوا رؤوسنا بالقطاع العام، وبمصلحة الشعب هم في الحقيقة ليست لديهم أي نية لإصلاح التعليم حتى لو أعلنوا ذلك في وسائل الإعلام وحتى لو رددوها في قبة البرلمان.
تيمولاي
في الصميم
صدقت أخي. مسؤولونا لا تهمهم مصلحة أبناء الشعب بقدر ما يتفننون في اختراع الألفاظ والمصطلحات الرنانة التي يستميلون بها الأساتذة الذين سيصدقون أكاذيبهم ومن تم يكونون مطية لاستنزاف ما تبقى من الأرصدة التي نجت من أسطورة البرنامج الاستغلالي. فاتقوا الله أيها المسؤولون فأنتم غدا مسؤولون ( قال تعالى : وقفوهم إنهم مسؤولون، مالكم لا تناصرون، بل هم اليوم مستسلمون. صدق الله العظيم)