رئيس غرفة الفلاحة بجهة فاس مكناس يزف أخبارا سارة للراغبين في الاستثمار في الصناعات الغذائية

اندلاع حريق مهول بأكبر مصنع للنسيج بالمنطقة الصناعية المجد وسط طنجة

الكيحل.. إنتاج السيارات وقطع غيار الطائرات بالمغرب يسجلان أرقاما غير مسبوقة تدعو للفخر والاعتزاز

انطلاق المهرجان الدولي للسينما والهجرة بوجدة

‏أخنوش: ملفات الاستثمار ما بين 50 و250 مليون ‏درهم يتم البت فيها جهويا

إيدي: تنزيل ورش الحماية الاجتماعية يواجه إكراهات عدة والحكومة مطالبة بمراجعات المؤشرات المعتمدة

المادة 156 من مدونة الأسرة: قراءة بين السطور

المادة 156 من مدونة الأسرة: قراءة بين السطور


محمد مقور

جاءت مدونة الأسرة استجابة للتحولات العميقة التي مست كيان المجتمع المغربي وغيرت العديد من مسلماته و ثوابته القيمية ،فمدونة الأسرة و ما حملته من شحنات عالية للتغيير في محاولة من المشرع لامتصاص اللاتوافق الحاصل بين مكونات الشعب المغربي حول أحكام الأسرة؛خصوصا الأحزاب السياسية والجمعيات النسوية،والدفع بها نحو القبول بصيغة تحقق التلائم والتناغم بين مرجعيتين مختلفتين:

مرجعية محلية تنهل من الشريعة الاسلامية مصدرا أساسيا للتشريع،وبين مرجعية دولية تجعل من الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان المصدر الوحيد والأوحد للتشريع.

إن محاولة الملائمة التي قام بها المشرع بين المرجعيتين حول أحكام الأسرة، وما وازها من تسويق ودعاية اعلاميين لا يخفيان في الحقيقة حجم التناقض بين المرجعية المحلية والمرجعية العالمية؛خصوصا حينما يتعلق الأمر بتشريعات الأحوال الشخصية التي هي من صميم الهوية الدينية للمغاربة داخل وخارج أرض الوطن.وحجم هدا التناقض- إن لم نقل الارتباك والتيه- لايظهر في مواد مدونة الأسرة بقدر ما يظهر في المادة 156من مدونة الأسرة حين نصت على أنه "إذا تمت الخطوبة ،وحصل الإيجاب و القبول وحالت ظروف قاهرة دون توثيق عقد الزواج وظهر حمل بالمخطوبة،ينسب للخاطب للشبهة ادا توفرت الشروط التالية:

أ‌- إذا اشتهرت الخطبة بين أسرتيهما،ووافق ولي الزوجة عليها عند الاقتضاء؛

ب‌- إذا تبين أن المخطوبة حملت أثناء الخطبة؛

ت‌- إذا أقر الخطيبان أن الحمل منهما.

تتم معاينة هذه الشروط بمقرر قضائي غير قابل للطعن.

إذا أنكر الخاطب أن يكون ذلك الحمل منه،أمكن اللجوء إلى جميع الوسائل الشرعية في إثبات النسب"

إن تفكيك هذه المادة و قراءتها في بعدها الموضوعي و الغائي،سيقودنا حتما إلى فهم أبعادها كما خلفياتها،التي لن تكون سوى استهداف ومحاولة لتدمير مؤسسة الزواج وذلك بالخلط الواضح بينها وبين مؤسسة الخطبة ،فالمادة 5 من مدونة الأسرة نصت في فقرتها الأولى على أن "الخطبة تواعد رجل وامرأة على الزواج"،وأضافت المادة 6 من نفس المدونة "يعتبر الطرفان في فترة الخطبة إلى حين الاشهاد على عقد الزواج،ولكل من الطرفين حق العدول عنها"،في حين أن المشرع في المادة 4 من مدونة الأسرة عرف الزواج أنه "ميثاق تراض و ترابط شرعي بين رجل و امرأة على وجه الدوام،غايته الإحصان والعفاف وإنشاء أسرة مستقرة،برعاية الزوجين طبقا لأحكام المدونة"، هذه المواد ومواد أخرى تظهر بوضوح أن لكل من المؤسستين أحكامهما الخاصة لا سواء من حيث الحقوق والواجبات أو من حيث الآثار الناتجة عن المؤسستين،كما تعمل هذه المواد على كشف اللبس والخلط الكبيرين اللذين يكتنفان إرادة المشرع في صياغته للمادة 156 من مدونة الأسرة و يبرز محاولة الزواج القسري لمؤسستي الخطبة والزواج في هذه المادة الأخيرة-كما وضحنا أعلاه- وذلك بإعطائهما نفس الآثار من حيث نسب الابن الناتج عنهما، وبالمحصلة الاعتراف بالعلاقات الغير الشرعية وما ينتج عنها إن لم نقل التشجيع عليها وذلك بإضفاء الشرعية على علاقات غير شرعية،وبذلك يكون المشرع المغربي قد خطى الخطوة الأولى في اتجاه المس بأحكام الأحوال الشخصية القطعية الدلالة التي لطالما تردد الغرب الاستعماري للاقتراب منها ومحاولة استبدالها بأحكام و نصوص تتعارض شكلا و موضوعا مع البنية الثقافية و الدينية لعموم الدول الإسلامية.

فكعادتها-أي القوى الغربية- المتشبعة بأفكار الهيمنة والغطرسة الثقافية،الوفية لسياسة العصا و الجزرة لم تعد تحمل مشاريعها الاستعمارية و التوسعية دائما فوق الذبابات. بل أصبحت الاتفاقيات الدولية وهي من تحيك خيوطها والعولمة وهي ذبابتها الوهمية الجديدة من أهم الوسائل التي يمكن أن تجعلنا نطلق على هذه الحرب بأنها حرب ناعمة,تستهدف تدمير الجهاز المناعتي للدول الإسلامية،ونقول الدول الإسلامية هنا وذلك لكونها من أكثر الدول التي تملك ممانعة دينية و ثقافية عالية اتجاه المشروع الغربي الذي يروم خلق مسوخ ثقافية؛ لاهي استطاعت أن تصل إلى النموذج الغربي ولاهي حافظت على قيمها و ثوابتها الدينية و الثقافية,وما المادة 156 من مدونة الأسرة إلا تعبير صارخ عن المسخ القانوني الذي يشرعن للمسخ الثقافي و الاجتماعي,إلا أننا يمكن أن نقرأ من إحدى الزوايا رغبة المشرع المغربي من خلال المادة 156 من مدونة الأسرة لتجاوز تخلف القانون عن الواقع,لكن زاوية أخرى للنظر تخبرنا بمظاظة أننا ننتقل من تخلف للقانون عن الواقع إلى واقع لقانون التخلف.


عدد التعليقات (4 تعليق)

1

صاحب المقال

أشكر أصحاب التعاليق على مساهمتهم في إثراء النقاش حول اشكاليات الفصل 156 من مدونة الأسرة،كما أني أتوجه بكلمات الشكر إلى الدكتورة فتيحة الشافعي على مساهمتها القيمة في كشف اللبس المتعلق بالمادة 156 وإغناء الموضوع بوجهة نظر أكاديمية تعتمد المنطق و الموضوعية نبراسا لها.

2012/05/08 - 09:43
2

صاحب المقال

أشكر أصحاب التعاليق على مساهمتهم في إثراء النقاش حول اشكاليات الفصل 156 من مدونة الأسرة،كما أني أتوجه بكلمات الشكر إلى الدكتورة فتيحة الشافعي على مساهمتها القيمة في كشف اللبس المتعلق بالمادة 156 وإغناء الموضوع بوجهة نظر أكاديمية تعتمد المنطق و الموضوعية نبراسا لها.

2012/05/08 - 09:43
3

HASNAA SIDI SLIMAN

CHOKR W TALAB

slm mrc bzzzzzzzf 3la had lmawdo3 ana brit chi fa9ra katbyn lmadhab li 3tamdato modawanat l osra et mrc tt le monde

2013/04/25 - 12:08
4

مواطن

ردا على الدكتورة

يبدو أن مدونة الأسرة أماطت اللثام عن الوجه السياسي للقاعدة القانونية ،وفضح اكاذيب المدرجات و الكليات وأساتذتها الذيت يتفنون في اجترار المعلومات دون عناء الفحص و الغربلة ،دون بذل جهد في النقد و التحليل ...فلطالما تفننوا في اجترار معلومات الخلف و نقلها للسلف في قناة فكرية صدئة تحتاج للصيانة . فكانت اول درسهم في القانون عن خصائص القاعدة القانونية كذبا في كذب ،فقولهم بالطابع الإجتماعي للقواعد القانون لا يممن أن يصدقه من يمتلك ذرة عقل ...فالقواعد القانونية تصنع في مصنع السياسة الذي يخضع لقانون الضغوطات و المصالح و التحالفات بعيدا عن ثقافة المجتمع وتطوره . ومدونة الأسرة ليست استثناء في هذا الصدد ،ولعل إطلالة واحدة عليها كافية للقول بأنها ولدت من رحم التجاذبات السياسية ،رغم الإيحاء الكاذب للمادة 400 التي تذر الرماد على العيون في نص خادع زائف يوحي بأن المدونة تلبس جلبا دينيا ....إلا أن هذا الجلباب سرعان ما يتحول إلى ملابس بنون النسوة عندما تطلع على بعض المقتضيات كما هو الشأن لتزويج الراشدة نفسها بنفسها تحت ذريعة أخرى بإسم الدين بغطاء الحنابلة الذي لا يتمسك به مشرعنا المغربي إلا عندما يغريه سواد عيون المرأة ،وكأنما يريد القول أنه انى وجدت مصلحة المرأة فثمة شرع الله. أما القول بأن الحمل أثناء شرعي وانه نتيجة لزواج غير موثق فهو تحميل للنصوص ما لا طاقة لها به،وإعدام للمادة العاشرة من مدونة الأسرة .

2014/11/28 - 10:24
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات
المقالات الأكثر مشاهدة