أحمد أسرار
السلطات التنفيذية عندنا ليست بنفس المفهوم في الدول الديمقراطية، فمفهوم السلطات التنفيذية يقصد بها الحكومة التي تصدر القرارات وتنزلها وفق التشريعات التي تصاغ من طرف البرلمان (المؤسسات التشريعية) بمعنى السلطات التي تترجم القوانين الى مشاريع. لكن السلطات التنفيذية في بلداننا مناصب عليا يتم الولوج اليها بمباريات انتخابية تتم بعد الفرز الأولي (التقطيع الانتخابي).
الانتخابات آلية من آليات الديمقراطية التي تضمن تمثيل ارادة الشعب من داخل المؤسسات الحاكمة ووسيلة لضمان انتقال سلس للسلطة إلا أن في بلداننا تجرى لأسباب قد لا تكون لها اي علاقة بالديمقراطية بل تجرى احيانا من اجل دفن الديمقراطية كمى جرى في انتخابات 2011 التي كانت وراء اقبار ارقى أشكال الديمقراطية المناسبة للمرحلة والمنطقة.
واذا كانت الانتخابات لا تمكن المتصدر من الحكم في بلداننا، فإن إجراءها له أهداف ودواعي أخرى، أهمها:
* في الحالات الطبيعية : (وهو حال أغلب الإنتخابات في تاريخ المغرب) :
1. اجراء الانتخابات إرضاء للمجتمع الدولي الذي بدوره لا يسأل الا عن التقارير الكمية : هل أجريتم الانتخابات، كم عدد المرشحين، كم عدد الأحزاب، وكم عدد المشاركين وكم وكم...
2. أو لضمان التناوب على المناصب بين "خدام الدولة".. بطبيعة الحال بما لايربك حسابات "الدولة" و...
* في الحالات غير الطبيعية :
1. تجرى الإنتخابات ربحا للوقت وترتيبا للأولويات.. فإذا كان للنظام خصمين غير قابلين للاستيعاب وحسم في ضرورة القضاء عليهما، بدأ بالأقوى والأخطر وسلم الحكومة للطرف الآخر وتحالف معه ليقضي على الطرف الثاني، بعدها يتفرغ له على شاكلة قصة "أكلت يوم أكل الثور الأسود". وهذا ما حدث عندما سلم النظام المغربي الحكومة لحزب الاستقلال نهاية الخمسينات من القرن الماضي، وقضى
بالموازاة على ما تبقى من جيش التحرير ورجال المقاومة، وقصف ثورة الريف بالطائرات، وهكذا قضى من جهة على أخطر خصومه (جيش التحرير وثورة الريف) ومن جهة أخرى أفقد الحركة الوطنية مصداقيتها، فانشق الحزب الحاكم بعد أشهر قليلة من تنصيب الحكومة التي لم تدم إلا عام ونصف أصلا، ليجيء الدور بعدها على الحركة الوطنية، حيث أقيلت الحكومة وترأس بعدها الملك الحكومة ليتفرغ لمهمة القضاء على كل من ينافسه على صلاحيات الحكم .
2. تجرى لإعادة التوازنات التي أربكتها تغيرات مجتمعية ما. وهذا ما حدث في نهاية التسعينات مع الانتخابات التي جاءت بحكومة عبد الرحمان اليوسفي، اذ لم يكن بمقدور النظام تحمل معارضة بقطبين كبيرين مثل العدل والاحسان والكتلة الديمقراطية بزعامة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، لذلك عمل لإدماج أحد الطرفين وبطبيعة الحال الطرف الأكثر قابلية للاستيعاب.
3. أو انحناء لعاصفة ما.. وهذا ما حدث مع حكومة عبد الإله بن كيران التي جاءت انحناء للربيع العربي... فإذا قبل النظام تسليم الحكومة - التي لا صلاحية لها أصلا- لأحد المكونات المغضوب عليها فإنه يعمد بالموازاة الى استغلال الفرصة لتمرير مشاريع تخريبية قذرة لم يكن بإمكانه تمريرها لو كان أحد رموزه في الحكومة، حيث عمد إلى إعادة السيولة الى الصناديق المفلسة على حساب الطبقة المتوسطة والفقيرة من خلال حكومة عبد الاله بن كيران...
الديموقراطية والعدالة الاجتماعية كلها شعارات ترفعها النظرية ويكذبها التطبيق.