محمد لغويبي
الأقلية لا تعني الضعف لكنها القوة الصاعدة التي لم تتملك بعد زمام المبادرة..ليس هناك أحزاب كبيرة و أخرى صغيرة إلا في عقليات نامية لم تتحرر بعد من الفهم التقليدي للصراع... الأقلية في الواقع هي الوجه الآخر للأغلبية، كل منهما يسهم في إبراز طبيعة الآخر و خياراته، و مهما تبادلا الاتهام و تموقعا على طرفي النقيض فهما في جدل يشتد أو يتراخى لكنه جدل يشكل أداة تعرية و مبدأ فضح لحقيقة كل منهما بالمعنى الإيجابي إذا استثمر إيجابا و بالمعنى السلبي إذا نحا سلبا.
إن التغليط على أساس التبخيس من القيمة السياسية أو التنظيمية أو ما شابه ذلك دليل على حقيقة ضعف الأداء السياسي للأحزاب التي تعتبر نفسها في المقدمة كما أن الأحزاب التي ينظر إليها في مواقع أقل تحتاج بالضرورة إلى إثبات اهليتها و قدرتها على الإمساك بأدوات الصراع و فهم طبيعته و تحولاته و مستوياته الفاعلة و المؤثرة على وجه الخصوص ، دون السقوط في الشعاراتية و المزايدات البعيدة عن التحقق.. الحزب السياسي يبقى في الصراع من خلال اداته التنظيمية و واجهاته العملية و عمق خطابه و مصداقيته و صلابة بنائه و تجذير فكره و بحثه عن مساحات و أزمنة جديدة..و من خلال نقد ذاتي مستمر حقيقي بعيدا عن الكذب السياسي الداخلي و النفاق الخارجي. و هي العناصر التي تجعل الحزب يستمد قوته من الداخل قبل الخارج، و هي العناصر البانية التي تلغي صفة الصغر و تجعل من الصفر عنصرا فاعلا في كل العمليات الرياضية، فيسقط وهم القوة و وهم الضعف و تعلو قيمة الفاعلية و المصداقية و الثبات و النقد و البناء.