الكاتب : محمد خير طيفور
كثيرة هي الأوقات التي يكون فيها الصمت حكمة وجب العض عليها بالنواجذ والتمسك فيها بكل قوة ، وعلى النقيض من ذلك فهناك ظروف يصبح فيها الصمت عارا وجبنا وذلا خاصة حين يتحول هذا الصمت إلى غصة تنغص على المرء راحته ويجعل من الوطن الذي ينتمي إليه لا يراوح منزلة أسفل سافلين ولا يحتل إلا الصفوف الدنيا والرتب المتأخرة بين الأوطان .
أصمت ... أصمت ... أصمت وإلى متى الصمت !؟ ...صحيح المثل الذي يقول إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب ... ولكن ؛ حينما نرى العوج بعينه فحينها يكون الكلام من ذهب ... وعلينا أن نقتدي بقول رسول الله (ص ) ( ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، وإن لم يستطع فبلسانه ، وإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان ) ) .
كل شيء له درجة من التحمل ، وإذا زاد الشيء عن حده ينقلب إلى ضده ،
يأبى المطر إلا أن يكون المعارض الأول والأخير في بلد يفتقر إلى معارضة حقيقية تتبنى مطالب الشعب وتدافع عن حقوقه وتهتم لمصالحه ، ومرة أخرى يعيد المطر كرته ليربك مع بداية الموسم السياسي الجديد في العالم ، حسابات حكومات بسطت أذرعها بالوصيد لكل من لم يعي معنى المسؤولية وكنهها الحقيقي ، وليدفع بالمواطن المغلوب على أمره إلى التوجه نحو رب الأرباب سائلا إياه النجاة من سيله المنهمر ولاعنا بين يديه كل من ساهم بشكل أو بآخر في تحويل هذه النعمة التي حبا فيها الله الوطن العربي ( من الخيرات والنعم ) إلى نقمة يخافها الكبير قبل الصغير .
مرة أخرى يكشف المطر مع أولى قطراته زور وبهتان الشعارات التي يرفعها مسئولونا في حملاتهم الانتخابية ، ليؤكد لنا وللعالم أجمع أن آخر ما يشغل بال الحكومات والوزراء والمسئولين عندنا هو هذا المواطن الذي فقد عبارات الشكوى وهو يقارن بين ما يسمع عن عشرية العهد الجديد وبين ما يرى من عشوائية وتخبط وفساد وارتجال وضحك على الذقون تحولت معه مدن وقرى في دقائق معدودات إلى مناطق معزولة ومنكوبة مباشرة بعد انقشاع سحب ممطرة ، وبعدها فقدت الشعوب العربية وعيها ومزقت لجامها بعد أن عاشت عقودا من القهر والظلم وبدأت تطالب بعصر جديد خالي من كل أشكال الفساد الذي أربك العالم العربي ردحا طويلا من الزمن ... وكل الشكر لله الذي من خلاله استطاعت الشعوب معرفة كل ما يدور في العالم من مشاكل من خلال وسائل الاتصال والإعلام التي نشرت الوعي وأصبحت مرايا تكشف تزييف الحقائق والظلم والاستبداد بالشعوب.