رضوان زروق
حسنا فعل أستاذ الفلسفة حينما دلنا على هذا الفيلسوف .
بدأنا البحث لنجد أنفسنا بين يدي رجل لديه ما يقوله للإنسانية جمعاء.
إبكتيت فيلسوف رواقي ( المدرسة الرواقية ) روماني عاش بين 55 و 135 للميلاد ، من العبيد ، تم عتقه و بعد ذلك نفي إلى اليونان و بها مات.
لم يكتب – هذا الفيلسوف – شيئا ، ولكن تلميذا له نقل لنا مجموعة من الشذرات ..إن إبكتيت كان يعلم أن مشكلة الإنسان هي نفسها رغم اختلاف الأزمنة و الأماكن : الأخلاق .
إن التدريب اليوم و إسهامات المفكرين و الخبراء في التنمية البشرية مدينة لهذا الرجل ، فهو من بدأ السير في هذا الطريق.
لقد اتخذ إبكتيتوس مدرسة يؤهل فيها مريديه و الراغبين في الحصول على مهن محترمة من خلال برنامج محدد :
- تعليقات حول نصوص لفلاسفة كبار معاصرين أو سابقين .
- أسئلة الحاضرين .
اعتمادا على الارتجال والمنطق والمعاناة و الصور اللغوية و البيان و سحر الكلمات ، و الأمثلة الحية يقدم الإجابة .
لدينا التزامات و واجبات : نحو الذات ، نحو الآخرين و نحو الله.
أن تكون سعيدا هي مسألة إرادة ( يمكن للسيد أن يصبح عبدا لهواه ، ويمك للعبد أن يصبح حرا في استقلاله الروحي / الداخلي ).
سؤال الكمال لم يفت إبكتيتوس .
يقترح ثلاث قواعد لبلوغ الكمال :
1/ تتعلق بالمشاعر و العواطف : الانسياق و راء الرغبات يجعلنا لا نسمع صوت العقل ، ونفتقد الانسجام مع الكون و الطبيعة.
2 / الواجب : المجتمع و الإنسانية تنتظر منك أن تقوم بواجبك، فأنت مواطن في المدينة العالمية .
3 / الموافقة : الانسجام مع ذاتك ، لذا وجب تجنب الأحكام المتسرعة ...المنطق
تلاحظون معي أننا لسنا في حقبة تاريخية محددة ، بل نحن هنا و الآن ، نسأل أنفسنا و محيطنا عن العدالة الاجتماعية و السعادة و الرخاء ، ونلاحظ أن الأفكار العظيمة تتحدى الزمن و القيود ، ولا نبالغ إن قلنا أن الأفكار الجيدة تنحو نحو الخلود .
أنقل لكم بعض المعاني التي جاءت في * شذرات إبكتيتوس *
- ليست الحقيقة ما يؤلمنا ، أحكامنا و آراؤنا حولها هي التي لها بالغ الأثر علينا.
- تقبل الأشياء كما تحصل لا كما تريدها أن تحصل.
- تظاهر بالجهل لتتعلم.
- كل شيء يصب في مصلحتك إذا أردت.
- لا يأتيك الشر من الآخر إلا حين تقتنع أنه بإمكانه أن يؤذيك.
- حذار من ملوثات الروح.
- إذا أخطأ في حقك شخص تذكر : هذا ما يعتقده .
- الإنسان العادي لا يتوقع شيئا ، الفيلسوف يتوقع كل شيء.
- من كلمات سقراط : يمكنكم قتلي و ليس إزعاجي.
- وجه جهودك للعمل داخل أو خارج :
العمل داخل ( الروح ) ...لتصبح فيلسوفا.
العمل خارج ( الممتلكات المادية ) ....فستصبح إنسانا عاديا كالآخرين.
و القاعدة الذهبية هي أن الأشياء ( الموجودات ) تنقسم إلى قسمين :
1 / أشياء تتعلق بنا و تحت سيطرتنا – حرة و طبيعية و تشبهنا - و تقتضي منا التصرف و الفعل والإنجاز.
2 / و أشياء لا تتوقف علينا و لا تتعلق بنا ، غريبة عنا ، تتطلب منا التسليم .
نستطيع قول لا أو نعم ، و هذا ما يميزنا عن باقي الكائنات : الرغبة و النفور.
هكذا كانت المدرسة الرواقية رائدة في التدريب على الأخلاق ، فلسفة وفهما و سلوكا ، و كان إبكتيت داعية للحرية بامتياز ، و الحرية عنده تكمن في الاستغناء عما لا يتوقف علينا.
لقد استلهم كل الفلاسفة الذين اهتموا بالأخلاق ( ديكارت – كانط – اسبينوزا – سارتر- الفلسفة المدرسية - و الفلاسفة المسلمين...) أفكار الفلسفة الرواقية و منهجها الأخلاقي ؛ إلا أن الفكر الرواقي لايزال محتفظا بجدَته و راهنيَته و ينتظر من يعود إلى هذه الكنوز ليجلو عنها غبار الزمن.
هذا صديق جديد أقدمه لكم اليوم ، من لديه الرغبة في التعرف عليه والتقرب منه فلن يندم على قراره ، فصحبته مفيدة و مضمونة.
.........................................................................................دمتم طيبين.
محمد
البيضاء
أبحرت بنا فوجدنا أنفسنا مسافرين في عالم الرواقيين الراءع