د. أحمد درداري
ان الدفع الى التوافق حول نزاع الصحراء هو المنطق الذي حكم تصويت مجلس الامن بالاجماع على قرار 2351 وهو ما راعى تغليب واستجابة للدبلوماسية المغربية القائمة على الحل الواقعي والمقاربة البراغماتية التي فرضتها العلاقات الدولية والنظام الدولي الجديد، بحكم ان الاحتكام للايديولوجية وخيار اللجوء الى الحرب في معالجة القضايا اخرت الكثير من الدول الالتحاق بالتنمية في مقابل تعقيد النزاعات وقهر وقمع الشعوب. كما ان النزاعات المسلحة وقضايا الارهاب والجرائم الدولية والصراع حول السلطة في دول العالم الثالث ... تشكل مواضيع غير مربحة للدول وان ارتبطت بالاقتصاد السلبي ، بل مضيعة للوقت ومعيقة للتنمية في مراحل الانتاج والاستهلاك بسبب غياب الامن والاستقرار كضمانة للتعاون الدولي .
ويعتبر القرار 2351 قرار تغليب المعايير السياسية لنزاع الصحراء والتي تراعي البعد الاقليمي للنزاع ويروم الواقعية والتوافق في ايجاد مخرج بالزام مد اليد من طرف الحزائر وموريتانيا في ايجاد الحل النهائي وبجدية، وضرورة مراعاة المجهودات التي بذلها المغرب منذ 2006 . ويركز القرار على ضرورة احصاء سكان المخيمات ورفع الجزائر يدها عن المحتجزين واحترام توصيات الامين العام للامم المتحدة الاخير.
كما ان القرار الاممي يؤسس لمرحلة طالما تعثرت بسبب شد الحبل بين الجزائر والمغرب، ويعطي انطلاقة جديدة وانفراج في الوضع الاقليمي ويدعو الى اعتماد اصدق مقاربة لانهاء النزاع وذلك باعتماد الحكم الذاتي كمبادرة مغربية تتسم بالواقعية والتاييد الدولي الواسع، وهو فرصة لغلق باب الفتن والفوضى وتغليب الحكمة والديبلوماسية التي تتماشى مع مفهوم الدولة الرخوة ومد حقوق الانسان الاكثر تحكما في تنقيط الانظمة السياسية للدول المعاصرة.
ان نزاع الصحراء خرج من مرحلة الادعاءات المغرضة والتآمرات المبطنة بالاطماع والترويج للوهم ...الى حصر التفاوض حول مقترح الحكم الذاتي الذي ينهي اي مساس بسيادة المغرب الترابية وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، فالامر يتعدى مسألة نزاع الصحراء من الناحية الجغرافية ويشكل تهديدا للسلم والامن بشمال افريقيا. ووعيا منه فان مجلس الامن يعلم بالمخاطر الأمنية التي تهدد اوربا وافريقيا والعالم اذا ما لم يتم احتواء المشكل الذي له تراكمات تاريخية تآكلت معها العلاقات بين الشعوب المغاربية، وترسخت ثقافة التباعد والحقد بينها بسبب المواقف السياسة التي تنهجها قيادات الدول المغاربية والتي تعود في الاصل الى الاختلاف في المرجعية السياسية لهذه الدول، والاختلاف في التبعية الايديولوجية.
ان فكرة الاراضي المحررة وتسميات اخرى ونعرات مختلفة انتهت مع القرار الاممي الاخير الذي فرض على البوليساريو العودة الى الاراضي الجزائرية دون شرط او قيد واخلاء منطقة الكركرات هي مسألة في غاية الأهمية وتمثل تأمينا على حركة المرور والتنقل الدولي وربط المملكة المغربية بدول الساحل والصحراء، حيث مثل التعاون المغربي الاممي وانسحاب المغرب من منكقة الكركرات من جانب واحد رغبة حقيقية في التعاون مع الامين العام والامم المتحدة لتغليب العقل والحكمة على التهور الذي له العواقب الوخيمة على المنطقة.
ان الامم المتحدة تعي جيدا او يفترض فيها ذلك سواء من خلال الولايات المتحدة الامريكية او روسيا او فرنسا ...الخ، بكون المغرب متشبث بالخيار الديقراطي والتنموي والمضي قدما في اتجاه استكمال مسلسل الاصلاح، وهو ما يفرض على الجزائر تغيير العقلية السياسية وتوسيع هامش الحرية وان تغير موقفها المناور الى الالتزام بالتجاوب مع القرار الاممي 2351، وعلى موريتاتيا ايضا ان تتعاون بكل امكانياتها للحفاظ على الحياد في موضوع النزاع، وتجديد العلاقات مع المحيط المغاربي لتقوية السلم الامن الدوليين وفتح وحماية الحدود امام الاقتصاد والتجارة والعلم والخدمات ...الخ.
كما ان المينورسو ايضا كآلية أممية في الصحراء المغربية مهمتها التتبع والمراقبة لعملية وقف اطلاق النار .... فقد تم تقليص مهامها ولم تعد من اختصاصها مراقبة حقوق الانسان او مراقبة الثروات الطبيعية وذلك له ما يبرره من قيام المغرب بمجهودات لتجنب الفتن والفوضى.
وبفضل المجهودات التي يقوم بها جلالة الملك في سبيل انقاذ الشعوب الافريقية و الحضور الديبلوماسي الواسع والزيارات المكوكية بين الدول، وما يدخره المغرب من تنمية والنهوض بحقوق الانسان بالقارة الافريقية، استصاغ مجلس الامن هذه المعادلة الاممية الجديدة .
عبدالصمد
آخر ما يقال
الدبلوماسي الكوبي خلال لقاء تشاوري جمع وفدا كوبيا دبلوماسيا رفيع المستوى ضم إطارات من وزارة الخارجية والحزب الشيوعي الكوبي بمقر السفارة الصحراوية بكوبا ، ألح على ضرورة رفع مستوى التحدي بكل السبل ، منددا بكل أشكال الظلم والغطرشة المغربية. وقدم أرماندو بيرقارا توضيحا للقرار الأخير بشأن فتح سفارة المملكة المغربية بهافانا إلى جانب السفارة الصحراوية المعتمدة لدى الأخيرة ، مبرزا أنه خطوة في سياق الدبلوماسية ولا تتعدى الامتثال للأعراف والمثل الدولية ودون شروط مسبقة ولا مزايدات ، وليست على حساب حق الشعب الصحراوي في الحرية والاستقلال على كامل ترابه الوطني.