محمد باجي
طلع وزير التربية الوطنية الجديد السيد محمد حصاد بجملة مذكرات همت تنظيم السنة الدراسية الجديدة، وما يتعلق بالحركات الانتقالية، وقال ذات تصريح أن هدفه من فتح الحركة الانتقالية أمام الأعداد الكبيرة من السادة الأساتذة كان بدافع الاستقرار الاجتماعي والنفسي لرجال التعليم، علما أن الطريقة التي دبرت بها الحركات الانتقالية لحد الساعة يلفها الغموض المستبين، في ظل الارتباك الحاصل في إعلان شق من النتائج جعلها منقوصة، لا يعرف أصحابها هل هم منتقلون فعلا كما أرادوا، أم أن طلباتهم ورغباتهم ستصطدم بوضعهم في مناطق ومؤسسات، أسلم لهم أن لا ينتقلوا إليها، خاصة وأن نقابات معينة كانت قد تحفظت على طريقة تدبير ملف هذه الحركات سواء الوطنية منها أو الجهوية.
المثير في خرجة السيد الوزير أنها ربطت ما يجري بالبحث عن "الاستقرار النفسي والاجتماعي" للشغيلة التعليمية، وهو أمر مناف تماما للواقع، إذا علمنا أن السيد الوزير قد ضرب عرض الحائط المكاسب التي سبق للشغيلة أن حققتها، ويتعلق الأمر بمكسب الحركة الانتقالية لأسباب صحية، التي كانت في ما مضى من سنوات يُعلَن عنها أولا فتليها باقي الحركات الأخرى، بل الغريب في كل هذا هو غياب أية إشارة من الوزارة بتأكيد تنظيم هذه الحركة من عدمه، ونحن نعلم يقينا أن الكثير من رجال التعليم بهذا الوطن السعيد يعيشون الويلات مع الكثير من الأمراض خاصة المزمنة منها، أمراض يعانون منها هم أنفسهم، أو يعاني منها أحد أفراد أسرتهم، ويحتاجون كلهم معها إلى متابعة طبية ومراقبة دورية تختلف طبيعتها، وهم الذين يؤدون عملهم في مناطق نائية يستحيل فيها حتى تقديم العلاجات الأولية المستعجلة لهم، في ظل غياب البنى الصحية فيها، وغياب الموارد البشرية المختصة التي يمكنها أن تقدم لهم خدمة التطبيب والمتابعة الطبية.
إذا كان الوزير فعلا يعني بوعي أنه مع "الاستقرار النفسي والاجتماعي" للشغيلة التعليمية، فلماذا هذا التعسف على رجال التعليم المرضى الذين هم في حاجة إلى الانتقال حيث توجد مصالح طبية مختصة يتابعون فيها حالاتهم، دون تكبد عناء السفر، والعيش تحت هاجس الخطر الذي يحيط بهم في مناطق نائية يصعب معها حتى التنقل بسلام.
قد يتحدث متحدث ويسوق مبررا من المبررات المعروفة لعدم تنظيم هذه الحركة، من قبيل تزوير بعض رجال التعليم للملفات الطبية، لكن هذا مبرر غير مقبول، لأنه لا يمكننا أن نحرم شريحة عريضة من رجال التعليم ذات الملفات الطبية الحقيقية من حقها في الانتقال لوضعها الصحي، فقط لأن هناك من يزور الملف الطبي، أو لعدم قدرة الوزارة على وضع حد لمثل هذه الخروقات، علما أن الترسانة القانونية موجودة، والمشكل يكمن في من يحركها ويطبقها، ويكمن في ضعف التنسيق بين وزارتي التربية الوطنية والصحة.