عبد الباري عطوان
شيعت مصر يوم امس شهداءها من الجنود الذين سقطوا في الهجوم الذي استهدفهم وهم يتناولون فطور رمضان قرب معبر رفح الفلسطيني، ولكن من غير المتوقع ان يتم نسيان هذه الجريمة سريعا بسبب بعض الجهات المصرية التي تريد استغلالها لتوتير العلاقات المصرية ـ الفلسطينية من ناحية، ومحاولة افشال الدكتور محمد مرسي كرئيس منتخب لمصر.
الصحف الاسرائيلية نشرت يوم امس العديد من المقالات والتقارير الاخبارية التي تفيد بان اجهزة الامن الاسرائيلية كانت تتوقع حدوث هذا الهجوم ولهذا عملت على اجلاء السياح الاسرائيليين من المناطق السياحية في سيناء قبلها بيومين فقط.
فاذا كانت هذه الاجهزة تملك المعلومات فلماذا لم تزود بها الامن المصري لاحباط هذا الهجوم في مهده، اللهم الا اذا كانت تريد احداث فتنة بين الفلسطينيين والمصريين شركاء الدم والعقيدة والتاريخ المشترك؟
لا نعرف ما مدى صحة التقارير التي افادت بان قذائف هاون جرى اطلاقها من قطاع غزة على موقع حرس الحدود المصري قبل بدء الهجوم، فقد اكد المسؤولون في حركة حماس عدم اطلاق مثل هذا القذائف مطلقا، مثلما نفوا في الوقت نفسه اي تورط فلسطيني في هذا الهجوم باي صورة من الصور.
صحيح ان بعض الحركات الاسلامية الفلسطينية نفذت عمليات استهدفت اسرائيليين، وصحيح ايضا ان الصواريخ تنطلق بين الحين والآخر من قطاع غزة باتجاه المستوطنات الاسرائيلية الجنوبية، ولكن لم يحدث مطلقا ان اقدمت اي جماعة فلسطينية على اطلاق النار على جنود مصريين، وما حدث هو العكس تماما اي اقدام الاسرائيليين انفسهم على هذا الارهاب، واختراق السيادة المصرية في سيناء اكثر من مرة حتى ان الحكومة الاسرائيلية اعتذرت رسميا قبل عام لمطاردة قواتها جنودا مصريين وقتلهم قرب معبر رفح نفسه، وهي التي ترفض الاعتذار حتى هذه اللحظة للسلطات التركية على جريمتها بقتل تسعة اتراك كانوا على ظهر السفينة مرمرة.
السلطات الاسرائيلية سلمت نظيرتها المصرية جثامين القتلى الخمسة الذين نفذوا عملية الهجوم في سيناء، وحتى هذه اللحظة لم تكشف هذه السلطات عن جنسياتهم، وهذا امر مستغرب، لان كشف هذه الجنسيات سيقطع الطريق على الفتنة ويبرئ الفلسطينيين من تبعاتها، خاصة ان بعض الكارهين للجانبين، اي الرئيس مرسي والفلسطينيين، وغالبا 'هم من انصار النظام السابق' بدأوا يشنون الحملات على المحاصرين في قطاع غزة، ويطالبون بالانتقام منهم وتشديد الحصار عليهم حتى قبل ان تبدأ التحقيقات لمعرفة الظروف المحيطة بالهجوم وهوية منفذيه.
الشعب الفلسطيني من اكثر الشعوب العربية تقديرا لمصر وشعبها واعترافا بتضحياته من اجل نصرة قضيته العادلة، ويترجم دائما هذا التقدير وهذه المحبة بعدم الحاق اي اذى بالشقيق المصري الاكبر، والتشاور معه في كل كبيرة وصغيرة.
حركة الاخوان المسلمين اتهمت جهاز الموساد الاسرائيلي بالوقوف خلف هذا الهجوم المشبوه، انطلاقا من قناعتها الراسخة بالمؤامرات الاسرائيلية لتخريب العلاقة الاخوية المصرية ـ الفلسطينية وافشال المسيرة الديمقراطية في مصر.
المؤسسة العسكرية المصرية لم تتبن القناعة نفسها للاسف، اي دور الموساد المحتمل في الهجوم، ووجهت تهديدات شرسة بالانتقام من الفلسطينيين بعد لحظات من وقوعه، ودون امتلاكها اي معلومات موثقة تسند اتهاماتها بالتالي.
اسرائيل هي العدو بالنسبة الى مصر والفلسطينيين وكل العرب والمسلمين لاغتصابها ارضا عربية وتهويد المقدسات، أليست العصابات الصهيونية التي فجرت المعابد اليهودية في القاهرة لدفع اليهود المصريين الى الهجرة الى فلسطين، والصقت هذه التهمة بالعرب والمسلمين وأليست هي التي كررت الشيء نفسه وللغرض نفسه عندما فجرت دورا للسينما في بغداد؟
نتمنى وبعد ان يهدأ غبار هذه الجريمة البشعة ان تجري المؤسسة العسكرية المصرية مراجعة لموقفها المتسرع باتهام الفلسطينيين بالتورط في هجوم ليس لهم فيه ناقة او جمل ويضر مصالحهم الاستراتيجية، ويخرب علاقتهم مع دولة هي منفذهم الوحيد الى العالم ناهيك عن تضحياتها الجسيمة من اجل قضيتهم.
محمد
انه المجلس العسكري
ان هذه المؤامرة من صنع المجلس العسكري بدعم من اسرائيل يهدفون من ورائها الى زعزعة ثقة المصريين في مرسي والى نزع الثقة بين السلطة الجديدة في مصر والفلسطينيين