دغوغي عمر
تعتبر الأحاديث هي كل ما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم من قول، أو فعل، أو تقرير، أو صفة خُلقية، أو صفة خًلقية، أو سيرة، سواء أكان ذلك قبل البعثة، أم بعدها، وهي المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي بعد القرآن الكريم عند أهل السنة والجماعة، فهي التي تُبين قواعد، وأحكام الشريعة، ونُظمها، وتُفصل ما جاء في القرآن، وتُضيف ما سكت عنه، وتُوضح دلالاته ومعانيه.
اهتم العلماء على مر العصور بالأحاديث النبوية، وتدوينها، وشرحها، وأقيمت حوله العديد من العلوم المتنوعة، ومنها: علم الجرح والتعديل، وعلم مصطلح الحديث، وعلم العلل، وجميعها تهدف إلى حفظ الأحاديث من التحريف والكذب، وسنتناول في مقالنا هذا حديث (يأتي على الناس سنوات خداعات) بالشرح والتوضيح.
شرح حديث يأتي على الناس سنوات خداعات عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سيَأتي علَى النَّاسِ سنواتٌ خدَّاعاتُ يصدَّقُ فيها الكاذِبُ ويُكَذَّبُ فيها الصَّادِقُ ويُؤتَمنُ فيها الخائنُ ويُخوَّنُ فيها الأمينُ وينطِقُ فيها الرُّوَيْبضةُ قيلَ وما الرُّوَيْبضةُ قالَ الرَّجلُ التَّافِهُ في أمرِ العامَّةِ) [صحيح].
صدق الكاذب وكذب الصادق يُعتبر هذا الحديث من الأحاديث الصحيحة التي رُويت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد وصف في هذا الحديث السنوات التي يقل خيرها، ويزداد شرها، والخداع هو عبارة عن نوع من التدليس على الناس، وهي مهنة قديمة جداً يختص بها السحرة، والدجالين الذين يقلبون الحق إلى باطل، والباطل إلى حق من أجل كسب الدنيا، والحصول على منصب بها، وذلك شبيه بما فعله فرعون حينما زين لقومه الباطل، وتمادى بذلك إلى أن استخف بعقولهم، ونُلاحظ أن هناك الكثير من الناس في عصرنا الحالي ممن يُزينون الباطل، ويُصدقهم الناس، فتنقلب الآية ويُصدَق الكاذب، ويُكذَبُ الصادق.
الرويبضة من الناس الرويبضة هم التوافه من الناس والذين يقولون أقوالاً باطلة على الله تعالى، كادعاء بعضهم أنّ القرآن ما نزل إلا لزمن مُعين، ولا يصلح للعمل به في زمن التكنولوجيا والتقدم، ويُكثر من الكذب ليُضلل الناس، إذ يدعي بوجود أمور من التوراة، والإنجيل في القرآن الكريم مما يؤدي إلى اجتماع الكتب الثلاث بالرغم من اختلافاتهم العقدية في كفة مُتساوية لدى الله تعالى، فلا فرق بين مسلم، ويهودي، ونصراني، وجميعهم سيدخلون إلى الجنة، وبلا شك فهذا مُخالف لكتاب الله، ولسنة نبيه، وهؤلاء الأشخاص التافهين يؤثرون في غيرهم من الناس الذين ليس لهم إلماماً بتعاليم الدين، لذا يجب إيقاف أمثالهم عند حدهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بدأ الإسلامُ غريبًا وسيعودُ غريبًا كما بدأ فطُوبِى للغرباءِ، وفي روايةٍ قيل يا رسولَ اللهِ: مَن الغرباءُ؟ قال: الذين يصلحون إذا فسد الناسُ، وفي لفظٍ آخرَ قال: (هم الذين يُصلِحون ما أفسد الناسُ من سنتي) صحيح.