نبيل بن الشارف
مهنة التعليم أم المهن ..سمتها العدل حتى لا تنتج المفسدين".يكفي أن يحمل الإنسان ولو شيئا ضئيلا من الاعتقاد ليصله الإلهام فجأة,ليصبح اعتقاده شيئا مرئيا مسموعا فجأة،فيسمع المرء ولا يبحث،و يسلم ولا يسأل
وكثيرا ما كان هناك عنف الإلهام،حدث بصفة لا إرادية تشعر بسيادة وقدرة ،و اليوم نجد أن موضوع جائحة كورونا ،ينافسه في النقاش المجتمعي موضوع التعليم بصفة عامة ،فنرى من الشد و الجذب بين الفاعلين الكثير، منهم العارف بخبايا التعليم دراسة و منهاجا،ومنهم متعجل يتناوله من السطح دافعه إلهامه ،وسرعان ما يجد نفسه بإلهامه السريع ،واقعا في مواقف وإغراءات تسلخ واقع التعليم من عمقه كمنظومة لها ما لها وعليها ما عليها، الى مجرد دفاع شبه مفتعل عن جيب مثقوب أصلا ،لا عن المدرسة المغربية ومستقبلها وانتاجها منذ الاستقلال الى اليوم
دفاع عن دراهم معدودة،فالكل فجأة أصبح مدافعا عن المدرسة البديلة للعمومية وللخصوصية رغم أن المطلب الغير مباشر على الأقل اليوم في الحقيقة،هو تأهيل العمومية منها لتصبح بأداء واجب شهري وضامنة لحراسة التلاميذ وعدم خروجهم قبل انتهاء الدراسة،وهو في الحقيقة دفاع غير مفهوم وتأسيس غير مباشر لنموذج رابع سيخلق مستقبلا ،دون دراسة أو تحليل للوضع الراهن خصوصا وان ما جاءت به ازمة كورونا،مكن البعض من التنكر للمدرسة الخصوصية كتنكره للمدرسة العمومية التي تكون وتخرج منها سابقا قبل سنوات من اليوم، بتفضيله تدريس أبنائه بالمدارس الخاصة وهو ما يشكل ازدواجية خطيرة منقطعة النظير ،و أصبح يطالب بمؤسسة شبه عمومية مختزلا القطاع الخاص في التوقيت المستمر و الحراسة
ولعل هذه المطالب كلها لن تكون في مصلحة العامة قبل الخاصة،دون دراسة معمقة وميدانية لواقع المنظومة التعليمية ،ويبدو أن الخطير في الأمر أكبر من ان يكون مجرد حل أو حلول تنسف جهودا قدمت سابقا ،ولعلنا سنشارك اليوم في هدم المدرسة الثالثة التي نطالب بها في نفس الوقت كبديل، دون أن نعلم،لأن واقع التعليم يوفر ثلاثة أنواع من المدارس
المدرسة الخاصة للفئات الميسورة التي تؤدي رسوم التمدرس فيها بأثمنة باهضة ،يدفع فيها المستفيد من خدماتها ما يوازي أجر الأستاذ السنوي لدراسة ابنه،ولا أحد يناقش اليوم استرجاع الرسوم الدراسية المدفوعة فيها بشكل سنوي من نقل و مطعم و تدريس
وترفيه
الفئة الثانية من المدارس،هي المدارس الخاصة للطبقة الوسطى،يحاربها الجميع اليوم في زمن الأزمة دفاعا عن دراهم معدودات
و مدرسة ثالثة عمومية يجب النهوض بها لترتقي للثانية ،حتى نحافظ على العرض التربوي المتنوع داخل الوطن الواحد ،ولعل ما نراه اليوم من شيطنة للتعليم الخاص بالمغرب ما هو الا مباركة لتفوق المدرسة الأولى،التي ستعمق فعلا من الهوة بين أبناء الوطن الواحد معرفيا وقيميا.وهو ما سينعكس بالتالي على المدرسة المستقبلية التي ينادي بها عدد من الملهمين دون علم
علينا أولا أن نضع بعض الأسئلة ونحاول الإجابة عنها ،قبل أن نفكر في هدم المدرسة ونطالب بشكل رابع نعتقد أنه السبيل الأوحد لحل مشاكل التعليم،في حين أن هذا المطلب ( شبه عمومي ) سيكون فيه الأداء رمزيا، و سرعان ما سيتحول ليصبح هو المدرسة الثالثة التي نحاربها اليوم ،من خلال نصوص تنظيمية و قرارات ادارية ،خصوصا مع اعتماد نظام أطر الأكاديميات الجهوية التي سينتمي لها الأستاذ المتعاقد كإطار جهوي يستمد أجره منها,يساهم فيه المطالبون بالنموذج الرابع للمدرسة بالمغرب،مع ما سيصحب ذلك من توظيف لأطر كانت في الأمس القريب أطرا للقطاع الخاص في استغلال واضح لهذه الكفاءات التي أبانت عن حس وطني
و تضامني خلال فترة الأزمة،مع ما نلحظه من توالي رفض تنسيقيات الاساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، بالقطاع العمومي للصيغة الجديدة للتوظيف بالعقدة دون أن ننسى انعكاسات ظاهرة التقاعد النسبي التي يشهدها القطاع،و التي خربت المدرسة العمومية و افرغتها من أطرها لأسباب يعرفها الجميع ،مما سيساهم في القضاء على المدرستين الخصوصية والعمومية، وسيصبح لدينا نوعان فقط من المدارس أول ورابع، الأول فئوي انتقائي بفعل عوامل اقتصادية اجتماعية طبقية، من يدرس فيه لا يتقن اليوم حتى التحدث بلغته الأم والدستورية لوطنه ،و الثاني مقصي من كل أنواع المساواة التي نطالب بها في مغرب الغد، يخرج نوعية محددة ذات اتجاه واحد لا ينافس المتخرجين من المدرسة الأولى، و بعد عقدين من الزمن لا يحق لنا آنذاك أن نلوم المنظومة أو الاستاذ لاننا نحن من خرب مدرسته بيده
هل لدينا من الموارد البشرية التنظيمية ( المشرف التربوي و الاستاذ المؤهل بيداغوجيا ) ما يمكننا من النهوض بالمدرسة
وهل تكوين الدولة للأطر الادارية و التربوية للمدرسة المغربية يكفي لبناء وطن ينعم أبناؤه بالتأطير الجيد و المساير للطرائق الجديدة التي تحترم خصوصيات المجتمع، و ذات المتعلم كذات فاعلة في بناء التعلمات وقادرة على بناء مشروع شخصي، يمكنها من أن تقود قطار المساواة الفكرية الثقافية
وحرية الاختيار،حتى نتمكن من صناعة جيل يحترم منبع المعرفة و يستطيع تطوير مجتمعه انطلاقا من موارد ذاتية ؟
هل ستتمكن المدرسة الرابعة من الحفاظ على تنويع العرض التربوي، الذي يحارب اليوم و الذي يتميز بالكفاءة المهنية لأطره،ومعدل التأطير البيداغوجي الذي يبلغ 10 أساتذة لكل 60 متعلم و متعلمة بالتعليم الابتدائي الخاص كمثال ؟
هل معدل التلاميذ في الحجرة الذي يصل لمعدل 24 متعلم بالقطاع الخاص ستحافظ عليه المدرسة الرابعة ؟
ألم يحن الوقت لتحترم وزارة التربية الوطنية التزاماتها تجاه أطر القطاع الخاص ،بإعادة الاعتبار لمكوناته باعتباره شريكا للتعليم العمومي وتمكن أطره من الاستفادة من الخدمات التي تقدمها مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية لقطاع التربية و التكوين لما قدمته هذه الفئة من تضحيات منذ عقود مضت و آخرها ضمان الاستمرارية البيداغوجية مع استمرار حالة الطوارئ بنسبة جد مشرفة، مع ما صاحب ذلك من مشاكل اقتصادية اجتماعية و نفسية لأطره الإدارية
والتربوية ؟
أليس حرمان هذه الفئة من الاستفادة من الخدمات الصحية والاجتماعية والترفيهية هو استغلال للأطر الادارية والتربوية بالقطاع الخاص (الشريك)؟
سؤال أخير و لا يوجد له تفسير، لماذا القيمون على قطاع التعليم العمومي بالمغرب من الأساتذة والمفتشين ورؤساء الأقسام و اللائحة تطول، لا يدرسون أبناءهم بالقطاع العمومي الذي يعتبرون المسؤول الأول عنه,و لعل الجواب عند كل واحد منا،كل حسب درجة إلهامه أو دفاعه عن جيبه
"لا شك أنه كثر على النحلة ما جمعت من العسل
الهام
سبحان الله
سبحان الله أكثر من مليون ولي أمر لتلاميذ المؤسسات الخاصة غابت عنهم هذه الارهاصات. خير الخطائون التوابون...الانسان في تعلم مستمر وان أخطأ وأدرك خطأه فليصلحه خير من أن يستمر في عماه....فاسنمرار الحال من المحال.... لك الله يوطني فكل من أراد الإصلاح وطالب بحقه أصبح.....