زكرياء بلحرش
إن المملكة المغربية تتابع عن كثب تطور الوضع في دولة مالي، وتدعو كافة الأطراف والقوى الحية إلى تغليب المصلحة العليا للبلاد وآستقرارها، وطمأنينة وتطلعات شعبها، كما أن المملكة المغربية تدعو كذلك إلى آنتقال مدني وسلمي يتيح عودة سريعة ومؤطرة إلى النظام الدستوري، هكذا، جاء البلاغ الصادر عن وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج، والذي جاء في سياق أحداث الانقلاب التي عرفتها دولة مالي عقب أسابيع من التوثرات السياسية والآجتماعية التي عرفتها المنطقة هناك.
وتسعى المملكة المغربية جاهدة إلى الحفاظ على العلاقات العميقة بينها وبين مالي، ونشير في هذا السياق على الزيارتان الملكيتان التي قام بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده سنة 2013 و 2014 على التوالي إلى دولة مالي، والتي تزامنت مع إبرام العديد من الآتفاقيات بين البلدين على مختلف المجالات من بينها، المجال التجاري، والمجال المالي، والمجال الديني والثقافي...إلى غير ذلك، حيث ظهرت في هذا الصدد شراكة معززة وقوية هادفة إلى تحقيق التنمية.
ويبرز تدخل المملكة المغربية في الأوضاع التي عرفتها دولة مالي، كون أن المغرب لديه أسباب جيوآستراتيجية لرغبته في تحقيق السلم والاستقرار الأمني في المنطقة، بحيث هدف المغرب هو وقف الأصولية المسلحة وأيضا وقف آنتشار المتشددين والمتطرفين الدينيين في المناطق الحدودية التي ينعدم فيها القانون.
في هذا الجانب، المغرب آكتشفت دورها كوسيط ديني إقليمي، وذلك بفضل الروابط الدينية التي تجمع بين المغرب ومالي، بحيث كان مدينة فاس ومدينة تمبكتو ذات يوم مركزين رئيسيين في العالم الإسلامي الغربي للفقه والتعليم المالكي، وتبعا لذلك وسع جلالة الملك محمد السادس بآعتباره أمير المؤمنين من دائرة مبادراته لتشمل دولة مالي، ومن بين الأمثلة على ذلك المنح الدراسية التي
يتم تقديمها لفائدة الطلبة الماليين وذلك من أجل آستكمال دراستهم داخل الجامعات المغربية، والغاية من وراء هذه المبادرة السعي وراء مكافحة الإيديولوجيات المتطرفة وتعزيز التسامح بين غير المسلمين، بالموازة مع ذلك يتم تقديم تعليم جامعي موسع حول مواد دراسية بدءا من التاريخ والجغرافيا إلى العلوم السياسية وحقوق الإنسان، حيث أن هذه الجهود تهدف إلى تقوية المدرسة المالكية المعتدلة في الإسلام وفي ضوئها، الأمل بآتخاد خطوات آستباقية لمنع التطرف الإسلامي، بدلا من مجرد الرد عليه، بحيث أن المذهب المالكي يدعو إلى آحترام السلطات وهو بذلك المنهج الأكثر آعتدلا في الإسلام.
وقد أكد في هذا السياق محمد ديكو : "إن العاهل المغربي شخصية آفريقية عظيمة، عندما يدعو إلى الهدوء نستمع له، خاصة وأن الإمام لا يحب العنف"، وبذلك من خلال هذه العبارة يظهر الآلتزام التام للمملكة المغربية وجهودها في تحقيق قيم السلم والوفاق الوطني بين مختلف الأطراف والقوى الحية من أجل تحقيق الهدوء والآستقرار بدولة مالي.