سعيد المودني
نواصل محاولة تعرية سوأة الغرب القيمية، وكشف ازدواجيته ونفاقه وزيف ادعائه، بل وعدم اتزانه، وغياب انسجامه حتى مع ذاته ومنطلقاته..
وفي هذا المقال، نعرج باقتضاب خاطف على "فضوله" وتدخله الانتقائي في شؤون الآخرين -حد تعيين حكام الدول- بمبررات واهية، وكذا إبراز بعض تناقضاته المرَضية..
في بلداننا الإسلامية، تغلغله العام، المتجذر، واضح فاضح، لا يحتاج إلى بيان، والجلاء من أفغانستان هو آخر مؤشر.. ذلك أنه رغم إنشاء "جسر جوي خرافي"، فإن أسابيع لم تكف لإجلاء "الرعايا الغربيين" من البلاد(أقصد المواطنين، وليس الجنود ولا "المتعاونون")، ولا زال هناك منهم الكثير!!!..
فماذا كان يفعل كل هذا الكم من "الحضاريين" هناك في بلاد "مقفرة"، "متخلفة"؟؟!!!..
بل ماذا تفعل هذه الجحافل من الجنود الغربية -الظاهرة، دون "المدنيين"،، و"المندسين"- في كل أصقاع العالم بأركانه الأربعة، مغربين بعيدا عن أوطانهم وديارهم وأهليهم وأبنائهم آلاف الأميال؟؟!!!...
يقينا سيجيب من يهمهم الأمر، وكذا الأذناب، أن الغرض هو "نشر وحماية الديمقراطية"، بدليل غياب الحافز المادي في كثير من أماكن تواجد الجنود. فلا أثر لنفط ولا لغاز ولا لذهب ولا لكوبالت... في أفغانستان مثلا(كما هو معلن،، مع أنه يقينا هناك معتّم عليه كثيرٌ).. وهذه الذريعة هي الأخت الصغرى لتلك التي استباحوا بها أغلب بقاع المعمور خلال القرنين الماضيين، أي "نشر الحضارة"..
والحق أنّا لا ندري ما شأنهم هم في جبال الأفغان، أو واحات العراق، أو صحراء مالي، أو سد مأرب... إذا كانت هناك قاعدة أو قمة، أو لبست امرأة هناك برقعا أو لثاما أو "بوركيني"؟؟!!!... ما دام ليس هناك "دوريات" لـ"لجان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" في شواطئ فلوريدا -مثلا-، كي تمنع نساءها من ارتداء الميكرو أو الميني أو البيكيني؟؟!!!...
لماذا، إذن، يتدخل هؤلاء "الفضوليون" في كل شؤوننا؟ يساكنوننا. ويبنون قواعدهم في بلداننا. ويحددون لنا سياساتنا. و"يتدخلون ليصلحوا ذات بيننا". وتناقش مؤسساتهم أمورنا أكثر وأعمق مما تناقش مشاكلهم الداخلية. يعايشوننا مسؤولوهم بقدر مع يعايشون أهلهم ومواطنيهم...،، ثم يصرخون أننا "نُرهبهم"!!!.. فليعتزلونا، إذن، وليرحلوا عنا،، ثم لينظروا هل يلتفت إليه أحد؟؟!!!..
بل لقد وصلت الحقارة والبجاحة بالأوغاد أن كل حروبهم -على الإطلاق، وبما فيها تلك التي بالوكالة- تقام علينا،، وفي أراضينا، وكأنهم يتخذون أراضينا وشعوبنا وحضاراتنا ساحات للمناورات والتدريب وتقييم الجهوزية،،، وبأموالنا!!!..
هذا بعض مما يقومون به على رؤوس الأشهاد، أما خلف الستر، فتكفي الإشارة، وبالمباشر المركز من القول، أنهم هم من يعينون أصناما محنطة حكاما للعالم المتخلف، ويبدعون في حماية تلك الديناصورات من الانقراض..
فـ"العصابة الغربية" إذن هي التي تحكم العالم المستضعف، ولو بتدبير مفوض لكلاب حراسة، عملاء محليين خونة، يتم توكيلهم لكتم أنفاس الناس ونهب أرزاقهم. ولأجل ذلك يمدونهم بالجحافل وكل الوسائل التقنية والإعلامية والمادية واللوجيستية والاستخباراتية والعسكرية... الضرورية لضمان السيطرة وتأبيدها، ومصادرة أي أمل لتلك الشعوب في الانعتاق..
إن "الرواد"، أقطاب النظام "الحظيري" المتغلب يغتصبون الشعوب المقهورة تحت حراسة أجهزة النظم المعيّنة في حظائر سايكس-بيكو، وهي ترد الجميل بحماية مواخير دعارتها.. فإذا ما أراد شريف الانتقام من المغتصِب،، واجه "ابن جلدته".. حتى إذا عجز الأجير عن الوفاء بالعقد في ضبط الناس، حضر السيد بترسانته ليعيث خرابا وتقتيلا..
إنهم يساندون، واقعيا، كل انقلابات حدائقهم الخلفية، وإن تم ذلك تحت الطاولة أحيانا، بل ويدبرون بعضها.. وحتى في العلن، كثيرا ما يخرسون حتى عن التعبير عن المعارضة أو الشجب والإدانة.. وأقصى ما يتوفقون فيه هو الإعلان عن المتابعة، وحث الرعايا على الاختباء في مقرات التواجد..
يتبع..