العثور على جـثة شاب في منطقة خلاء بالمحمدية يستنفر مصالح الدرك الملكي

الاتحاد الاشتراكي بوجدة ينظم حفل تأبين المرحوم مرزوقي بنيونس

منار السليمي: اعتراف وشيك لموريتانيا بمغربية الصحراء بوساطة إماراتية والجزائر في ورطة مع البوليساريو

أسعار حطب التدفئة تشهد ارتفاعا بعد تساقطات ثلجية كثيفة بإقليم ميدلت

بحضور شخصيات وطنية وعلميه.. تطوان تكرم روح الفقيه العلامة سيدي محمد بن القلالوسي الزرهوني

ساكنة ميدلت تستبشر خيرا بالتساقطات الثلجية

البعد العقدي في الهيمنة الغربية2

البعد العقدي في الهيمنة الغربية2

سعيد المودني

تابع..

لقد حقق الدهاة المحتالون الماكرون(خصوصا في بعض فترات تاريخ العرب المعاصر) نجاحا مبهرا في إسقاط الدين -كناظم مهيمن- من الفكر السياسي لدى المسلمين، وإدخالهم، بدل ذلك، في نقاش سفسطي عقيم طويل حول متعلقات القومية وسؤال الهوية والانتماء... ليس حقا بفعل اكتشاف أن قوما تقدموا خارج الدين، كما يدعون، وإنما لأن مقتضيات تحكم المتغلب وتغلغله السياسي والفكري، ونضجه الاستراتيجي، رأت بضرورة تفتيت المفتت وتجزيء المجزأ، ليس فقط عبر الحدود التي رسموها بأدوات الهندسة التلاميذية، وإنما -ضمانا لاستمرار الفكر، بعد الانحسار المستقبلي الحتمي للمد العسكري- عبر خلق منظومة فكرية وتربوية، بل وقيمية، تضمن استمرار الإضعاف -الذاتي، والآلي- من أجل دوام التحكم، كتزييف القيم وقلب الأولويات، والإشغال بالسجالات التافهة، وإحياء النعرات العرقية داخل كل كنطون، وأساسا تأسيس "جامع" لا يجمع شيئا،، مقابل تحييد "البعبع" الجامع الحق، الذي يخاطب الأمة الواحدة، دون ميز عرقي أو لغوي... وهو ما تحقق له(المتغلب) بالفعل إلى يومنا هذا، فتراه يحرك الخيوط "المضادة" من أمازيغ، أو أكراد، أو أشوريين، داخل نفس الكنطون،، كما يحرك كنطونا ضد آخر..

والأمر ليس محض هوس بتبني المظلومية وعشق التمسح بنظرية المؤامرة، كما قد يبدو، أو كما يروج لذلك المغرضون.. والدليل أن الاستراتيجية واحدة والمشهد، وإن تعددت نماذجه وتكررت نسخه، هو نفسه مكرور في جل ربوع المعمور، وخاصة في أممه المحافظة بوازع ديني،، ويعتبر الإسلام رأسَ حربة المقاومة في هذا المجال، إن لم يكن المقاوم الوحيد..

وتنزيل هذه "الاستراتيجية الكونية" يقتضي تحكّم شرذمة تشكل أقلية عددية من أراذل القوم وأحطهم أخلاقا، عبر الثنائية الخالدة: الترغيب/الإغواء والترهيب/الفرض -بما تمتلك من قوة عسكرية، وهيمنة على السلطات القائمة المنصّبة، ومال(منهوب)، ووسائل التوجيه الإعلامية- تحكّمها في قوت ومصائر أغلب غالبية البشر المفقّرة المغيّبة المجهّلة(الجهل هنا يناقض التعلم كما يناقض العلم والإدراك والوعي والثقافة)، مسلوبة القوة والإرادة، حتى تستطيع توجيههم وجهة رديئة، قوامها نبذ الدين " التقليدي"، وهجر القيم "الكلاسيكية"،، وما يقتضي ذلك من تضليل وتدليس واختراق وتوظيف... سعيا لصهر المجتمعات وتوحيد نمط العيش، عبر فرض الموضة المرتضاة، وعولمة التفكير والمرجعية والقدوة والنموذج، والجنوح لتقنيات التفريغ والتعويم والتشويه والتهجين والفردنة والقولبة والتنميط،، وفق البوتقة المعدة سلفا،،، فيستساغ "حوار الأديان"، و"التقريب بينها"، و"دمجها" في "ملة" تختزل الدين في طقس فردي وسلوك روحي صوفي لا يدع حرجا في أن يحضر "مفتى الدولة" مراسم مسابقة "ملكة الجمال"،،،، في أفق خلق "دين" واحد جامع يستوي فيه كل العالمين..

والحال هذا، فإن صراع الاستقلالية والكرامة الآن ليس بين نظام قطري حاكم متحكم، من جهة، وشعبه من جهة أخرى، بل هو اليوم بين منظومة أخطبوطات الامبريالية العالمية المتحكمة، والمتعاقدة مع الوكلاء المحليين، من جهة، وبين منظومة قيمية مقاومة، منافسة حضاريا، تهدد عرش الحضارة المتغلبة، من جهة أخرى.. أي أن الوضع في جل البلدان الإسلامية هو بمثابة تنزيل للاستقطاب العالمي في خطوطه المتقدمة، بين محوري الهوية المحلية، والعمالة المباشرة النائبة عن الحضارة السائدة..

إنه صراع كوني في العمق، و"حرب بالوكالة" في عقر الديار، بصفر تكلفة، لحصار المارد في قمقمه، وحبسه في معقله، تنفيذا لتوصيات مَجمع الغرف المظلمة في الطوابق تحت أرضية، وتوجيهات مراكز الدراسات والبحوث وتحديد السياسات والاستراتيجيات في الأقبية السحيقة، وتفعيلا لقرارات "الحكومة العالمية" المتحكمة في كل خيوط اللعبة، المنسقة للمواقف والأدوار في المسرحية المحبوكة السيناريو، بين السادة والخُدام الكراكيز المنصّبين في أغلبية كنطونات بلدان المقاومة..

وللصراع وجه آخر، يظهر -وإن اجتهدوا في إخفائه- عند التأمل في هذا الجنون في التسابق في قتل الكم الذي يخيم على مناطق المسلمين(إضافة إلى سلك كل طرق تحديد النسل، بدء بـ"منع" الزواج)، ألا وهو المسألة الديمغرافية التي لا نعيرها نحن اهتماما، لكنهم يولونها أكثر من ذلك.. وعلى المشكك أن يراجع ردات فعل الكنيسة في تسعينيات القرن الماضي، حينما تعدى عددُ المسلمين عددَ المسيحيين لأول مرة في التاريخ.. ذلك أن الديمغرافيا قنبلة لا ندرك قدرها نحن(رغم "إيحاء" الصادق المصدوق المعصوم صلى الله عليه وسلم بذلك{تَنَاكَحُوا تَكَاثَرُوا فَإِنِّي أُبَاهِي بِكُمْ الْأُمَمَ.}) حتى نرى ونسمع زعيم دولة يتباهى بعدد سكان بلاده، أو يلوح تهديدا بأنه زعيم دولة عظمى ديمغرافيا..

أما بالنسبة لـ"الماديين" الذين يعزون الصراعات القائمة في بلدان المسلمين للسبب المادي ويحصرونها عليه، فحري بهم أن ينتبهوا أنه لو كانت المادة هي المحرك الأساس للكيد، لانتهى منذ أمد، لأن الغرب يستفيد ماديا من الأموال والمعادن ومصادر الطاقة والسوق الاستهلاكية واليد العاملة التي يوفرها "العرب"، أكثر بكثير جدا مما يستفيد من "الكيان الغاصب"، مثلا، والذي -وعلى عكس "العرب"- الغرب هو من "يصرف عليه"، بل و"يدللـه"، مع ما يسببه له من إحراج، وما يشكّل عليه من عبء مادي ضخم، ومع ذلك هو(الغرب) يدمر صاحب الفضل المادي، وليس من يثقل كاهله.. وإن كانت الامبريالية الاقتصادية حاضرة بمقدار، ذلك أن الغرب قد "استنفذ خيراته"، ويعيش على خيرات المسلمين والأفارقة التي يسلبها..

 

انتهى..

 


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات