لحسن الجيت
القانون الجنائي المغربي يصنف الجرائم درجات ولكل واحدة من هذه الجرائم عقوبة تتفاوت بحسب طبيعتها وبحسب الظروف والملابسات التي يمر منها مرتكب تلك الجريمة إما بالتخفيف أو التشديد. ومن الجرائم البالغة الخطورة هي خيانة الوطن والتآمر عليه بالتواطؤ مع العدو. ومن خان الوطن فكأنه خان جميع المغاربة وطعنهم طعنة الغدر التي ما بعدها طعنة.
هذا هو حال من ينعم في النعمة ويلعن الملة إنه المدعو ويحمان. ينعم في استقرار هذا البلد ويتفيأ تحت ظلال هذا الوطن في حين أنه لا يحمل أية ذرة من الوطنية تجاه البلد الذي يحتضنه ويحميه. ومن ذاك اللؤم الذي هو فيه تجده غير منسجم لا مع ذاته ولا مع صاحبته التي أوته وتأويه لعقود خلت. تكابد معه المحن ويؤرقها في الركض من ورائه بالاستعطاف لمغفرة زلاته وتجاوز خطاياه. ومن لا يرحم ذويه فكيف ينتظر منه أن تأخذه الرأفة بوطنه. إنها حالة نفسية قابلة للفحص أمام العدالة ولا بأس كذلك من عرضها على علماء التحليل النفسي لعل ذلك قد يساعد علماء الإجرام في فهم هذه الظاهرة.
ومن تجليات تلك الظاهرة التي يشهد عنها السلوك اليومي للحالة التي نحن بصددها وهو أن هذا الرجل يعتمد منهج التمويه وأسلوب الإحالة بإلصاق التهم بالغير بنية إبعادها عنه. فلطالما كان الأمازيغ الأحرار في هذا الوطن مرمى لأهدافه بعد أن رماهم بالخائنين المتواطئين مع الصهيونية ولطالما أيضا ادعى بأنه يملك من الأدلة ضدهم ما يوحي بأنهم يتآمرون ضد الوطن ويحاولون زعزعة أمنه واستقراره . فعوض أن يبرز هذه الأدلة للمغاربة نسي ذلك، فكشف عن حقيقته وثبت بالدليل القاطع أنه هو الذي يتآمر على الوطن. المدعو ويحمان نراه اليوم يزهو وحده في صورة خائن ويطلق العنان للسانه بالتهجم على ما يفترض فيه أن يكون وطنه من خلال جريدة جزائرية تتحامل أصلا على المغرب كبقية المنابر الإعلامية التي يستخدمها النظام الجزائري ضد بلادنا.
ويحمان هو واحد من مخلفات المدرسة القومجية التي تهالكت في عقر دارها. هذه الأيديولوجية خلقت حالة من الانفصام عند الرجل بل القطيعة بينه وبين الواقع. فالعالم قد تغير وهو مازال يعيش على إيقاع ذاك الماضي البئيس . فالحبل السري الذي يربط ويحمان بالنظام الجزائري لا يعدو أن يكون سوى حبل الارتزاق ويتغدى منه كما يفسر تقاسم الطرفين نفس الأفكار التي تجاوزتها الأحداث
والتطورات التي شهدها العالم في مختلف المجالات، ويفسر كذلك مدى انخراط المعني في التخابر مع العدو وما حديثه مع جريدة "الخبر" الجزائرية ما هو إلا ذاك الجبل الجليدي الذي يطفو على سطح البحر. وللقارئ أن يسائل نفسه ما الفرق بين تحامل المدعو ويحمان على المغرب وبين تلك الحملة المسعورة التي يشنها النظام الجزائري ضد ما يسميه الطرفان بالتطبيع. كلاهما يتخندقان في موقع واحد ضد كل ما يمكن أن يبعثر أوراقهما في المنطقة. وهي ليست المرة الأولى التي ينفرد فيها بمواقف من الغدر، فقد اعتاد ويحمان أن يستعين بالخارج للتصدي لخيارات المغرب الاستراتيجية بحيث سبق له أن كان من وراء إنشاء جبهة في إسطمبول لمناهضة التقارب المغربي الإسرائيلي، بل أنه سخر بغبائه لكي يتم وضعه على رأس هذه الجبهة.
وها هو اليوم بعد أن سجل المغرب انتصارات مبهرة في المجال الدبلوماسي وأفحم أعداء الوحدة الترابية بشهادة العالم بأسره، نجد المدعو ويحمان يتنكر لتلك المنجزات ويتهم خيارات المغرب "بالغباء الدبلوماسي". والواقع أنه هو وأمثاله يغيظهم أن يروا المغرب يرقى بنفسه إلى مصاف الأمم التي يحسب لها حساب ويتربع على عرش دبلوماسية هذا العالم الذي لا يرحم الضعيف. فويحمان الذي يبحث عن نفسه ولا يجد لها مكانا، لا يساوي شيئا أمام شخصيات وازنة في المغرب من عيار الأستاذ محمد اليازغي الذي رغم علاقاته الجيدة مع القيادات الجزائرية، أعطى كعادته درسا في الوطنية بعد أن حمل النظام الجزائري مسؤولية التصعيد تجاه المغرب وأثنى في نفس الوقت على المواقف الحكيمة التي تحلت بها بلادنا حيال الحملة الشرسة لدلك النظام. وكذلك القيادي عبدالاله بنكيران الذي وبالرغم من توجهاته الإسلامية المناهضة لعلاقة المغرب مع إسرائيل، فقد كان صارما في رسالته تجاه الجزائر مشددا على أنه مهما كانت الخلافات الداخلية فقضية الوحدة الترابية خط أحمر وللمغرب كل الحق في ان يقيم علاقاته مع من يشاء إذا كانت مصالحه العليا تقتضي ذلك.
ولذلك فالحالة الشاذة التي يعزل فيها ويحمان نفسه يجب أن تكون موضع مسائلة ومتابعة من طرف الجهات المختصة. وهي حالة لا يعترف بها التاريخ . ونستند في ذلك على جملة من الوقائع التي لا تدع مجالا للشك بأن هذا الشخص يشتغل على أجندة مضبوطة على التوقيت الجزائري، منها :
أولا، لجوؤه إلى الإعلام الجزائري المعادي للوحدة الترابية للمملكة، وهذا يطرح تساؤلات حول مدى تواطؤه مع النظام الجزائري. ولعل ما بدا من تصريحاته المتسمة بالغباء لا تعدو أن تكون سوى الجبل الجليدي الذي يطفو على سطح البحر.
ثانيا ، تبنيه للدعاية الجزائرية على أن المغرب يمارس سياسة معادية للجزائر من خلال علاقته مع إسرائيل متجاهلا كل التحرشات والتهديدات الجزائرية المؤكدة ضد بلادنا والتي يلوم فيها العالم كله النظام الجزائر باستثناء ذاك الذي يسمى بويحمان.
ثالثا، الجريمة التي يجب أن يتابع بها هي الخيانة المزدوجة: خيانة الوطن وخيانة التنكر لمبادئ الأمازيغ التي كانت دائما قائمة على الدفاع عن حوزة الوطن. وقد قاوم الامازيغ أكبر أمبراطورية استعمارية عرفها حوض البحر الأبيض المتوسط في العصر القديم وهي أمبراطورية الرومان وكذلك فعلوا مع تلك الأمبراطوريات الأخرى التي جاءت بنية احتلالهم وصدتهم خاسئين. وهي نفس المبادئ التي تحكمت وتتحكم في أمازيغ المغرب الحديث سواء في الريف أوالأطلس أوسوس بعد أن أبلوا كذلك البلاء الحسن في عدة معارك بطولية منها معركة الهري بزعامة موحا أوحمو ازيي، ومعركة أنوال بزعامة عبدالكريم الخطابي، ومعركة بوغافر بقيادة عسو أوبسلام ومعركة آيت عبدالله وانتفاضة آيت باها بقيادة زعماء منهم الحوس بن عمر الودريمي. ومعركة إسلي التي خاضها الأمازيغ لصد هجوم الجيش الفرنسي القادم من الجزائر. ولكي لا ينسى ويحمان نريد أن نذكره أن من فتح الأندلس هو رجل أمازيغي اسمه طارق بن زياد. فأين أنت من هؤلاء الرجال؟
الجواب وهو من يتنكر لهذه المبادئ ويضرب بها عرض الحائط فإنما يتنكر لتاريخ عريق تزهو به المملكة المغربية وهو رصيد تفتقده الأنظمة التي نزلت على شعوبها كنزول المظليين. وهي بذلك أنظمة فاقدة للشرعية كما هو ويحمان فاقد للمصداقية.