حجز مجموعة من مواد البناء وأشياء أخرى موضوعة بطريقة غير قانونية بسطات

حملة تحرير الملك العمومي بسطات تغلق متجر كازيون

مواطنون يعبرون عن سعادتهم بالتساقطات الثلجية والمطرية التي تشهدها المملكة

الثلوج الكثيفة تغلق الطريق المؤدية إلى إفران بشكل كامل

بعد هدم سوق بالدار البيضاء تجار يعبرون عن فرحتهم بالسوق النموذجي الجديد

بحكمة الله والعصا.. شيخ جبلي يتحدى مهندسي الجيولوجيا في اكتشاف المياه الجوفية ضواحي تطوان

لغو المنابر بين توظيف الاستبداد، وترهل القيّمين2

لغو المنابر بين توظيف الاستبداد، وترهل القيّمين2

سعيد المودني

تابع..

ينادون، وبإلحاح مصرّ، بل يفرضون -بصفر تسامح، وهامش خطأ منعدم- فصل الدين عن السياسة.. لكن هذه الوجهة المحرمة على الشعب وعلمائه وغيوريه هي حِل لهم، مستباح من طرفهم.. يقحمون في خطبة كل جمعة معاصرة لـ"عيد وطني" المناسبةَ المعنية، ويستنبطون منها الشرعية.. بل قد وصل بهم الحال(في زمن النهي عن إدخال الدين في السياسة وربط السياسة بالدين، والتشديد والتشدد في ذلك)، وإبان الجُمع التي تسبق المناسبات "الوطنية"، أن دأب "الخطباء" على صلاة "الجَمع والتقصير" لما بين الجمعتين من "أعياد".. فتجد "الفقي" "يصلي" بالناس جمع تقديم لمناسبتين أو ثلاثة حسب ما تقتضي المناسبات وما يسمح به الأسبوع أو يفرضه.. ثم يدعون لعدم "تسييس الدين"!!!.. بمعنى أن "الدين" يجب أن يبقى على "مذهبهم" الواحد، الوحيد، الأوحد..

والحق أن مشكلتهم هي فقط في "مكونات ومقادير الخلطة"، حيث أنه إذا تحدث خطيب أو مصلّ عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغياب العدل وسيادة الظلم والفساد... إذا حدث مثل هذا -وهو "دين في دين"- من مثل ذاك في مسجد، فإنه يكون تسييسا للدين، وخلطا له بنجس السياسة، واستغلالا لبيوت الله في غير الدين... في نظر الحكام، والسلطات والعياشة، واليسار المتموقف أصلا من الدين، والعلمانيين،، بل وحتى من الملحدين الذين لا يؤمنون بالدين من حيث الوجود، وليس فقط من باب التدقيق في معانيه ومضامينه.. لكن عندما تستعمل تلك المنابر والفضاءات منصات للدعاية الانتخابية، أو "أملكة" الحاكم الحكيم، أو تقديم دروس التربية الوطنية والتربية الصحية والتربية الجنسية... فهنا طبعا الأمر مباح، ولا "يفتي" فيه مفت، لا من أدنى اليمين،، ولا من أقصى/أقسى اليسار!!!..

يشددون على أهمية الوحدة ونبذ الفرقة، وأن الشيطان أعز ما يعتز به هو التفرقة.. لكن مجال تعريف الوحدة والفرقة عند أصحابنا هو القطر وليست الأمة،، مع أنهم يقاربون المفهوميْن(الوحدة والفرقة) من وجهة نظر شرعية،، وليست سياسية!!!.. أي أنهم يفرقون الأمة فرقا سياسية متناحرة(دويلات/ضيعات)، ويكرسون ذلك بكل ما أوتوا من قوة،، ويستنكرون "التفرقة والفُرقة الفكرية"،،، من منطلق ديني!!!..

يتحدثون عن مزايا التوكل، ويُفيضون، ويستفيضون بالاستشهاد بمواقف أنبياء الله الموثقة في القرآن الكريم.. غير أنهم لا يؤمنون بأن مواقف التوكل تلك تحتم عليهم ألا ينسبوا الصلاح والصدق والعدل لغير أهله، فإنه شهادة زور، وألا يمتدحوا ظالما ويسكتوا عن ظلمه، فإنه كذب وافتراء وبهتان، وأن مقتضى التوكل أن الرزق على الله، والروح بين يديه..

قبل مدة كتبتُ أن الخطباء والأئمة والوعاظ والمرشدين في الضيعات العربية، لو طُلب منهم أن يقرؤوا آيات محرفات، أو القرآن مقلوبا، أو يزيدوا فيه، أو ينقصوا منه، لفعلوا.. فعارض البعض الافتراضَ، ورأوا فيه مبالغة، وتماديا، وتجنيا، وإفراطا هستيريا في سوء الظن بعباد الله.. مع أن الأمر لم يكن، ولا يحتاج إلى بيان.. ذلك أن القرآن دستور أنزله الله لتنظيم علاقات الكائن العاقل، المهيمن، المستخلف، تنظيم علاقته بجنسه، وبمكونات الوجود الأخرى، وبالخالق سبحانه وتعالى.. وفي ثناياه قصص وعبر تجسد إعجازا في الشكل والمضمون.. ثم هو أداة للتعبد، جعل الله قراءته قربة له جل وعلا.. وفوق هذا هو محفوظ المتن، لن يصله تحريف في ذاته أبدا..

لكن، وبالعودة إلى وظيفة القرآن الأولى والأساسية، التنظيمية، أي تحديد الأحكام، وباستحضار السكوت عن الحق، بل وشهادة الزور التي يفتريها هؤلاء "الموظفون" لتزيين القباحة وتقبيح الجمال، وإبطال الحق وإحقاق الباطل.. بالاستحضار نتبين أن التزوير قائم بالقوة والفعل، بل سائد في المعنى والقصد، وإن لم يطل المبنى واللفظ.. وتكون روح التزوير وماهيته وحقيقته ومقتضاه وكل مكوناته ومتعلقاته قد تحققت وتجسدت وأدت دورها، وإن احتفظ النص يأصالته.. والمسألة واقع مهيمن لا يتجاوزه إلا مكابر، ما دامت كل معاني التحريف والطمس والتلبيس قائمة شاهدة..

إن غاية ما يقوم به المدلسون وأذنابهم هو خداع الناس بالإنكار على عابد القبر أو الصنم الجامد، مقابل السكوت على عابد الصنم الحي، أو السكوت على الصنم نفسه.. ولو كانوا صادقين لأنكروا عبادة السلطة والمال، ولتحقق العدل، وانتشر العلم، وسادت التقوى، وانتهى أهل المقابر عن التحلق بها... بدل هذا التدليس والتلبيس والزور والإيمان ببعض الكتاب والكفر ببعض..

الطامة أن هذه "الأدوات المسجدية" تؤدي أعظم خدمة للنظم على الإطلاق، وتتقاضى أقل أجر أيضا على الإطلاق.. فتقوم بأكبر خيانة،، وبأضعف أجر!!!..

 

يتبع..

 


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات