مستجدات ملف إسكوبار الصحراء...اعتراف صادم يفضح خطة بعيوي لانتزاع أملاك زوجته السابقة!

الفردوسي وعبد الصادق يتفقدان أرضية العربي الزاولي بعد تحسينه من طرف صونارجيس

غلاء اللحوم يتحدى الاستيراد.. جزار يكشف عدم تأثير اللحوم المستوردة على الأسعار

حقوقي: مدونة الأسرة الجديدة مفيهاش حق من حقوق الرجل والمرأة تسيطر على كل شيء

جمالية "بلاصا طورو" تضفي سحراً على طنجة

حفيظ عبد الصادق: مباراة صن داونز اختبار مصيري في الموسم الحالي

حرب المصطلح بين "الإرهاب" و"الكفر"1

حرب المصطلح بين "الإرهاب" و"الكفر"1

سعيد المودني

نصل إلى المقال الثالث والأخير من هذا المليْف الذي يعرض بعض مظاهر منهج "التقطط" الذي يتبناه كثير من مسلمي عصر الانحطاط تجاه المتغلبين الحضاريين في الزمن الحاضر.. وفيه نورد مثالين للتعامل مع مصطلحين، وإن كان هذا التعامل يتجسد بشكل معكوس بين الحالتين، حيث يجاري المغلوبون الغالبين في الحالة الأولى في استعمال كلمة "الإرهاب" بمعنى وقيمة لم يكن لهم أن يأخذوهما منهم بذاك التحديد المفروض. وفي الحالة الثانية يطاوعونهم في الإحجام عن استخدام لفظة "الكفر"، رغم شيوع معناها الحقيقي(غير المجازي)، القطعي، المحْكم..

بخصوص المصطلح الأول، فإن كلاما كبيرا كثيرا يجب أن يقال حوله ويؤسس لاستعماله الاستعمال الصحيح السليم المقبول.. غير أن غالب الناس يستعملون اللفظ استعمالا ملقى على عواهنه، دون تحديد أدنى سياق أو تحقيق أي تأصيل للكلمة، لا من وجهة اللغة، ولا من وجهة الاصطلاح..

وإذا كانت مسألة اللغة يحسمها القاموس، فإن جانب الاصطلاح لا نقول فقط بفراغه، بل بتضاد استعمالاته..

من جانب اللغة، الإرهاب هو مصدر أرهب يرهب. وهو رباعي مزيد بالهمزة من رهب، أي خشي.. فيكون المعنى: أخاف يخيف.. وهو بهذا المعنى فعل محايد، لا يحدد سلبيته أو إيجابيته إلا السياق.. فالتخويف من أجل المصلحة أو القيام بالواجب أو اجتناب المحظور... هو تخويف(إرهاب) إيجابي، كما يقوم الأب بفعل ذلك مع ابنه، والأستاذ مع تلميذه، والرئيس مع مرؤوسه، والمفوض مع شعبه... بل إن الله تعالى أقام شطر الدين على الترهيب من المآل، وهو ما تضمه أغلب الآي الحكيم.. وقد يتم ذلك بوسائل مادية أو معنوية، تختلف حسب المنظومة القانونية أو الدينية أو المجتمعية التي تؤطر المجتمع، وحسب مجال انتماء الفعل المراد زجر صاحبه(الضرب، الجلد، القطع، الإعدام، السجن، الحرمان، خصم مبلغ، إعطاء نقطة أو تقدير ضعيف...).. وعليه يكون معنى الكلمة يفيد في مجمله التخويف،، وليس كل تخويف سلبي..

فالتعريف اللغوي لـ"الإرهاب" إذن يحدده كمفهوم محايد، يمكن أن يكتسب حكمه القيمي من حيثيات وقوعه. فتكون الإخافة أو التخويف عملا سلبيا شائنا ممقوتا، عندما يستعمل دون وجه حق، أو من أجل إحراز باطل،، لكنه يكون شيئا مشروعا ومحمودا، بل ومطلوبا وربما مفروضا، عندما يكون من أجل إحقاق حق، كتخويف الوالدين أبناءهم حنى ينضبطوا، أو تخويف المربين تلاميذهم حتى ينجزوا واجباتهم، أو تخويف الدولة شعبها حتى يستقيم(تحديد الجرائم، وتشريع العقوبات، وتهيئة مقتضيات إيقاعها)، أو تخويف الله تعالى خلقه العاقل حتى يؤمن ويتقي ويرعوي... فالناس، في كل الأعصار والأمصار، لا يعيشون إلا بين حديْ الترغيب المحفز، والترهيب الزاجر.. ولا يستقيم الحال إلا بهذين الحدين. لذا فقد ورد شطر القرآن الكريم تخويفا من عذاب الآخرة، كما أن القوانين الزاجرة مهمتها التخويف من المصير في حال عدم الامتثال، وكذلك هي وظيفة الأجهزة الضابطة، بل وحتى المؤسسات التربوية...

أما على مستوى الاصطلاح، ولأسباب "سياسية"، لم يستطع، أو لم يشأ، ذوو الصفة تحديدَ معنى موحد متعلق بالمصطلح. وعليه يبقى الاستعمال "مُفرْدناً" "مشخصنا".. وبما أن كل استعمالاته تتم بـ"التقليد"، وفي المجال السلبي الخالص، فإن أي مستعمِل "بريء" لن يجاوز ترديد المعنى الذي أسنده له أصحاب "براءة الاختراع"، والذي(المعنى) لن يكون إلا قدحيا، لا يخرج عن إطار السلبية السائد المسيطر!!!..

إن المصطلح لم تقوَ حتى "المنظمات الدولية" تعريفه أو حصر معناه، كي تحدد المعنيّين به والمتعلقات المترتبة على ذلك. لذا تراه يُستعمل في وضعيات متناقضة(في الأزمة الأوكرانية مثلا، وفقط مثلا، يوصِّف الغرب ممارسات المعارضة المدعومة من روسيا بـ"الإرهابية"، وتنعت روسيا تصرفات النظام القائم المدعوم من الغرب بذات المصطلح!!!..) بل إن أقدس وأطهر وأنبل ما يقوم به مسلم اليوم، وهو مقاومة الصهاينة في قدس الأقداس، يصنفه اليهود هناك وأذنابهم هنا وهناك بـ"الإرهاب"!!!.. فالمصطلح إذن غير معرّف ولا محدد، ولا تأصيل له في أي قاموس أو مرجع معتمد.. بل سبق وأن حاولتْ الأمم المتحدة وضع تعريف موحد له، فلم تفلح لحساسيته، ولحرص كل دولة على إفراغه مما قد يشملها من حمولاته، وشحنه، بالمقابل، بما يلائم وضعها..

أما بالنسبة لنا نحن المسلمون، فإنا المعنيون الحصريون بالموضوع، من جهة لأننا الحلقة الأضعف والجهة "المنبوذة" من طرف العصبة المسيطرة على العالم في يوم الناس هذا، ومن جهة أخرى لأن المصطلح ورد في كتابنا..

يتبع..

 


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات