محمد أزوكاغ
يوم 11 دجنبر 2012 شركة مغربية متخصصة في التأمين تبعث لي عبر هاتفي البئيس برسالة نصية قصيرة (sms) موضوعها: "عرض جيب صاحبك للموظفين. تخفيضات وهدايا تنتظركم بوكالات..."
يوم 20 دجنبر 2012 توصلت برسالة أخرى من نفس النوع من وكالة سياحية تعرض علي فيها زيارة لباريس أو روما أو إسطنبول مقابل 7766 درهم.
يوم 08 يناير 2013 وعلى الساعة الرابعة صباحا أتوصل برسالة أخرى من ماركة عالمية تدعوني فيها لزيارة أحد مراكز التسوق الكبرى التي افتتحت مؤخرا بالدار البيضاء للاستفادة من تخفيضات على منتج معين سعره العادي 3200 درهم كما جاء في الرسالة.
وعلى غرار باقي جموع الكادحين ببلادنا، الذين يصارعون يوميا للبقاء على قيد الحياة، تلقيت كذلك مؤخرا (يوم الخميس تحديدا) رسالة من منتجع سياحي مشهور يعرض علي فيها قضاء ليلة سياحية بمناسبة عيد الحب بثمن حدد حسب نفس الرسالة في 2000 درهم مع إمكانية الحصول على "عشاء رومانسي" بثمن 1000 درهم لا غير !
هذه نماذج من الرسائل الكثيرة التي أتوصل بها، على غرار باقي المغاربة، باستمرار من شركات مختلفة التخصصات، وهذا السلوك الذي تسلكه هذه المؤسسات يطرح من الناحيتين القانونية والأخلاقية عدة تساؤلات.
من ناحية أولى فالبعث برسائل قصيرة إلى المواطنين دون استئذانهم، مهما كان نوعها، يعتبر عملا غير مقبول بتاتا لما يمثله من استغلال للمعلومة بشكل غير قانوني ولما تخلقه هذه الرسائل من إزعاج لهم. ومن ناحية ثانية فهذا السلوك يطرح أكثر من علامة استفهام حول كيفية حصول هذه الشركات على أرقام المواطنين الهاتفية وهو سؤال مطروح بالدرجة الأولى على شركات الاتصالات التي يبدو أنها تتاجر فعلا ببيانات زبناءها.
لكن ما يحز في نفسي أكثر في هذه الظاهرة هو ما أعتبر أنه استفزازا طبقيا مقصودا لفئات عريضة من المواطنين. لماذا؟
لأنني ككادح أنتظر سنتين ليصل دوري في استغلال قميص أخي الأكبر، ولا أعرف من الأسواق سوى السوق الأسبوعي ببلدتنا حيث أغلب المنتجات تعرض على الأرض مباشرة وفي اختلاط عجيب بين الإنسان والحيوان، أضف إلى ذلك أن السفر والسياحة لا أعرف عنهما سوى ما أعيشه مع "الخطافة" من صراع يكاد يكون مميتا لأجد وسيلة تقلني إما إلى السوق أو إلى مركز الجماعة القروية وكلنا يعرف شروط النقل من هذا النوع.
من يعيش وضعا كهذا، وأعلم يقينا أن النسبة التي ينطبق عليها هذا الوصف من المغاربة ليست بالقليلة، لابد وأنه يشعر باستفزاز كبير عندما يتلقى هذه النماذج من الرسائل التي ذكرناها آنفا، لأنه إضافة إلى المعاناة التي يعيشها يوميا بفعل الإقصاء والتهميش، يجد نفسه مجبرا على تلقي ما يذكره باستمرار ببؤس وضعيته وذلك من خلال جمل غاية في الإثارة.
هذه الشركات تخرق القانون لأنها لا تستأذن المواطنين وتزعجهم مع سبق الإصرار، وشركات الاتصالات تفعل نفس الشيء لأنها تقدم بيانات زبنائها لهذه الشركات بشكل غير شرعي كليا، أما الحكومة فهي منشغلة بالجن والحيوانات. وبالتالي يبقى المواطن المغربي يعاني في صمت لأنه وكما هي العادة الحائط القصير في كل ذلك.