محمد الاغظف بوية
استدعينا لمأدبة عشاء فاخرة . اكلنا وشربنا وحضر فلان وفلان وفلان وهذا وذاك وعلان وغيرهم كثر .وانتهينا وبعدها ذكرنا فلان صاحب المأدبة بمفاخره واياته .معيدا الطريق ليصل إلى هدف ينشده .بعد أيام من مفاخره دعانا للتصويت عليه أو تزكيته كرئيس أو قل عضوية .
لم يفتح باب النقاش ،ولم يطلب من احد من الحاضرين كلمة بل لم يسمح الا لمجموعة من الأشخاص الذين عبروا بطرق هستيرية عن اعجابهم وتقديرهم للمنتخب أو الرايس كما يحب هو سماعه .
تلكم اذن الحالة العامة لمجتمعنا أو مجتمعاتنا العربية - الإسلامية .
لا يتكلم إلا من فقه كلام الشعارات والتبجيل ولا يعبر أحدنا الا عن الاعجاب واقله التضامن .
يميل الناس إلى السكوت والسكون .ويقفون صامتين وكأن على رؤوسهم الطير .فلا ينطق أحدنا بما يفكر .بل يعبر الآخر الشعاراتي ،وله مأرب ومقاصد في ترديد كلماته الحلوة .
أما الساكت الساكن فهو يخاف من ظله .لا يريد الا المباسطة وترك الأمور تسير أو تمر .
لن يعبر عن رأيه وسيقطع مع كل عالم للتواصل والانفتاح .فعالمه منغلق وحيد همه الابتعاد قدر الإمكان عن هموم عامة الناس .وحتى لو توفرت له ظروف اليقظة ،سيتراجع في أول امتحان له .صلة المتخاذل دعمه للصمت والسكون ليترك المجال أمام قوة غاشمة تشركه وهو ميت .تعبر عن مجتمعه بل وتدافع عن سكونه وتتمنى بقاءه على هذا المنوال .
يرجع الفضل في قوة المرشح وقوة الحزب وقوة وسلطة الحكم لانهيار المثقف وصمته الابدي وموته .المثقف الذي أفسد بقراره القطيعة مع واقع ترك للمتعلمين الشعاراتيين العوام ،ومتخليا عن مكانه لصالح متعلم وسياسي ونقابي يطمع فقط في التسلق مع البقاء تحت نفوذ التسلط والجبر والعض.
التخلف يزداد مع انهيار القيم الحضارية وفقدان المثقف لرؤيته ولمكانه داخل المأدبة .