برعلا زكريا
في ظل استمرار غلاء المعيشة وارتفاع معدلات التضخم المستمرة بالمغرب، يظل "مول الحانوت" الممون الأبرز للطبقتين المتوسطة والفقيرة، والأكثر قربا للمواطنين، من خلال توفير متطلباتهم اليومية والأساسية، وتقديم تسهيلات في الأداء، حيث يعتبر جزءا لا يتجزأ من النسيج الاقتصادي والاجتماعي بالمغرب.
ويلعب "مول الحانوت" دورا حيويا في توفير السلع الأساسية للمواطنين بالقرب من محل سكنهم، إذ يلتزم بتوفير مجموعة متنوعة من المواد الاستهلاكية والتي يحتاجها المواطنون بشكل يومي، سواء المواد الغذائية، أو المواد التموينية والمنظفات، وغيرها من السلع الأساسية، وأحيانا حتى الخضر والفواكه في بعض المناطق كمدن الشمال.
كما يسهر "مول الحانوت" على تقديم تسهيلات في الأداء للمواطنين خاصة الفئات الضعيفة، وذوي الدخل المحدود، مثل تقديم البضائع بالدين والتقسيط، وهو ما يسمح لهم بالحصول على ما يحتاجونه دون تكبد مشقة مالية عاجلة. نفس الخدمة تستفيد منها العديد من الأسر التي يغيب عنها معيلها، سواء بداعي العمل أو السفر، أو المرض أو أي سبب من الأسباب. حتى دون تقديم ضمانات، إذ يكتفي في الغالب "مول الحانوت" بالوعد الشفوي من المقترض، وهو ما لا يمكن أن نجده في المتاجر العصرية الكبرى حيث لا يمكنك الحصول منها على قشة دون أن تؤدي ثمنها فورا.
وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وارتفاع معدلات التضخم التي تعاني منها البلاد، يضطر "مول الحانوت" للتكيف والتعايش مع الوضع، وتحمل مسؤولية دعم الأفراد والأسر، سواء في الحواضر، أو المداشر والقرى.
في المقابل، يواجه "مول الحانوت" مجموعة من التحديات والإكراهات تؤدي به أحيانا إلى الخسارة والإفلاس، فهو بدوره يعاني من ارتفاع تكلفة السلع الأساسية والتضخم المستمر، مما يقلل من قدرته على تحمل الأعباء المالية وتقديم تسهيلات إضافية للمواطنين.
إلى جانب المنافسة الشديدة وعدم قدرته على مسايرة الإمكانيات الكبيرة المتوفرة للأسواق الكبرى والمتاجر الحديثة، التي تستقطب الكثير من الزبائن بسبب تنوع السلع والخدمات الإلكترونية والتخفيضات المستمرة، والقدرات التسويقية والإشهارية واللوجستية.
وما يزيد الطين بلة تأخر التسويات المالية من قبل بعض زبناء "مول الحانوت"، أو حتى عدم الوفاء بها والتملص منها، مما يؤثر على سيولته المالية وقدرته على توفير السلع والخدمات بشكل مستمر.
ناهيك أن التشغيل والصيانة والإيجارات والضرائب من العوامل التي تزيد من الأعباء المالية على "مول الحانوت"، مما يقلل من هامش ربحه ويضعف قدرته على التنافس.
هذا البطل الصامد الصامت المرتبط بالثقافة الشعبية المغربية يجمع بين الدور الاقتصادي والاجتماعي، يحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى الدعم والعرفان بالجميل من خلال الاهتمام الحكومي بهذه الفئة، ومساندته من طرف المؤسسات المالية لتحسين ظروف عمله، وتقديم تسهيلات اجتماعية كالمساعدة في اقتناء السكن والتغطية الصحية.
تحديات أخرى يواجهها "مول الحانوت" بشكل يومي تتمثل في الجانب الأمني حيث تنتشر حالات السرقة والاعتداء والنصب على هذه الفئة، إلى جانب خطر الحريق وتلف السلع بسبب انقطاع الكهرباء أو الرطوبة مما يدعو إلى توفير عقود تأمين تنقذ بطلنا من مختلف الأخطار وتحافظ على هذه المهنة من الاندثار.