لحسن بنيعيش
لا شك أن مكون التعبير و الإنشاء يلعب دورا متميزا ، ويكتسي اهمية خاصة في مادة اللغة العربية باعتباره حوضا تصب فيه كل الروافد : النصوص القرائية والدروس اللغوية وتتحقق فيه الكفاية التواصلية باختلاف أنواع الخطاب الأدبي - العلمي - الفني ... و يوظف المتعلم في هذا المكون بالذات : المعارف و القدرات و المهارات و يستثمر فيه مختلف مكتسباته المعرفية و اللغوية و المنهجية.
وما يلفت الإنتباه ضعف القراءة في الأوساط التعليمية بات يعرف بأزمة القراءة، أمام الوافد الجديد الغول الرقمي الذي - و في افتراس وحشي و همجي- لا يبقي ولا يذر . في وقت يرفع الرهان استشراف وعي جمالي عبر محطات منهجية: اكتساب- تطبيق- انتاج- تصحيح وتقويم، واختيار نصوص نقدية بعناية فائقة لنقاد معتمدين وكتاب متميزين على الساحة الوطنية والعربية :
- نجيب العوفي (درجة الوعي في الكتابة) حول رواية أحمد المديني (زمن ما بين الولادة والحلم).
- صدوق نور الدين (حدود النص الأدبي) حول رواية عبد الرحمان منيف (عالم بلا خرائط).
- محمود أمين العالم في تحليله لقصة(العاصفة)لنجيب محفوظ.
- (غيم أسود) لحنا مينة.
- (العصفور على شجرة و لا شيء في اليد) لأحمد بوزفور.
- رشيدة بنمسعود حول المجموعة القصصية (رجل و امرأة) لرفيقة الطبيعة.
فالتدريب على اكتساب مهارة النقد و الحكم يهدف إلى تنمية الحس الجمالي للتلميذ، و صقل مواهبه الفنية، و القدرة على الكشف الفني عن الجميل و الممتع في العمل الإبداعي : (لوحة- قصيدة- قصة- رواية- مسرحية...). و لا شك أن لحصص التصحيح و التقويم الأثر الكبير في تعديل التعثرات، و الإطلاع على درجة التمكن من المهارة، خصوصا أمام نصوص متميزة لمبدعين كبار، و نقاد مكرسين، و كأن الواحد منهم جراح سحري يجري العملية دون أن يقطع الأنسجة الحية.
يتعلم التلميذ عبر الخطوات السابقة أن النقد اشتغال ذهني ممتع و جميل : يحلل – يقارن – يسأل - يصنف... فالنقد مهارة يقوم فيها التلميذ بدراسة الأثر و تحليل مكوناته، و علاقة الإبداع بصاحبه و مجتمعه و باللغة و خصائص الكتابة الإبداعية.
هل بلغ المتلقي (التلميذ) مستوى التأهل الجمالي لهذا النوع من التلقي؟ لا سبيل إلا ذلك إلا ب:
- القراءات المتعددة لروائع الأدب العالمي ( العربي – الروسي - الإنجليزي - الأمريكي ...) بحثا عن المتعة في النصوص ضمن حاجات نفسية و ثقافية مشرعة على أفق ابداعي جميل.
- المشاركة في مسابقات محلية اقليمية وطنية و دولية و نشيد في هذا الصدد ب (المشروع الوطني للقراءة و تحدي القراءة العربي).
- الحث على قراءة الكتب و تلخيصها.
- استضافة كتاب و مبدعين في مناسبات مختلفة (اليوم العالمي للغة العربية – اليوم العالمي للشعر – اليوم العالمي للكتاب و حقوق المؤلف...)
- الإهداء بالكتب بين المتعلمين.
و في الأخير لا يتشكل وعي نقدي بدرجة مقبولة إلا إذا كان للتلميذ مشروع قرائي جاد و هادف، تؤطره خلفية ثقافية و جمالية و هذا المسعى البيداغوجي هو رهان أتى أكله و بنون التأنيث من خلال تجارب قرائية لمبدعين صغار صاروا كبارا على خطى : مريم أمجون – فاطمة الزهراء أخيار و هبة الله العلمي.