حادثة سير مروعة بشاحنة على خط الترامواي بالحي المحمدي تخلف قتلى

جنازة مهيبة في وداع الشرطي ضحية رصــاصة طائشة ببني ملال

نبيلة منيب في تصريح ناري..الحكومة مصرة على إصدار قرارات اننتحارية دمرت القدرة الشرائية للمغاربة

"دونور"...انطلاق تكسية الواجهة الخارجية وبطء في أشغال مرافق أخرى

الملك محمد السادس يتفاعل مع هتافات المواطنين لحظة وصوله الدار البيضاء

استنفار أمني بمحيط القصر الملكي بالبيضاء تحسبا لزيارة مرتقبة للملك محمد السادس

الأضحية أجر في الآخرة ومنفعة في الدنيا

الأضحية أجر في الآخرة ومنفعة في الدنيا

يوسف الحزمري

الأضحية شعيرة من شعائر الإسلام العظيمة التي أمرنا بتعظيمها، وهي مرتبطة بزمان عظيم أيضا هو العاشر من ذي الحجة، فيه نهاية مناسك ركن الحج الذي ينبني عليه الإسلام، "وأصل الْعِيد: عود، لِأَنَّهُ مُشْتَقّ من: عَاد يعود عودا. وَهُوَ الرُّجُوع، وَيجمع على: أعياد، وسمي عيدا لِكَثْرَة عوائد الله تَعَالَى فيه، وَقيل: لأَنهم يعودون إِلَيْهِ مرّة بعد أُخْرَى".

وسمي عيد الأضحى من الوقت الَّذي شرع بدء ذبح الأضحية فيه، فعن القاضي عياض: "سميت بذلك؛ لأنها تذبح يوم الأضحى، ووقت الضحى، وسمي يوم الأضحى من أجل الصلاة فيه ذلك الوقت"[1].

وهي اسم لما تقرب إلى الله بذكاته، وهي سنة مؤكدة، قال مالك يرحمه الله:"والأضحية مسنونة غير مفروضة، وهي على كل من قدر عليها من المسلمين من أهل المدائن والقرى والمسافرين، إلا الحجاج الذين بمنى، فإنه لا أضحية عليهم وسنتهم الهدي، ووقت الأضحية يوم النحر، ويومان بعده، ولا يضحي في اليوم الرابع، ولا يضحي بليل"[2].

و"السنة المؤكدة كما يشتهر لدى الأصوليين هي ما يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها ولكنه يعاتب ويلام، وهي السنن التي واظب النبي -صلى الله عليه وسلم -على فعلها ولم يتركها إلا نادراً"[3].

ففاعلها يستحق الثواب والأجر من اللَّه تعالى، وتاركها يعاتب ويلام، لأن تركها معاندة لسنة رسول اللَّه.

قال في مراقي السعود:

«وبعضهم سمى الذي قد أكدا … منها بواجب فخذ ما قيدا»

قال في نشر البنود: "يعني أن بعض أصحاب مالك سمي ‌السنة ‌المؤكدة واجبًا وعليه جرى ابن أبي زيد في الرسالة حيث يقول: سنة واجبة"[4].

قال في الخرشي على خليل: "المشهور أن ‌حكم ‌الأضحية السنية لقوله عليه السلام «أمرت بالأضحية فهي لكم سنة»[5].

 والعمل في الأضحية على قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كلوا وتصدقوا وادخروا)، قال الشَّافِعِي رحمه الله: "والضحية نسك من النسك مأذون في أكله، وإطعامه، وادخاره، فهذا كله جائز في جميع الضحية، جلدها، ولحمها"[6].

 ﻭﻷﻥ اﻟﻨﺎﺱ ﺃﺿﻴﺎﻑ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻴﻮﻡ، ﻓﻴﺴﺘﺤﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﻛﻠﻬﻢ ﻣﻦ ﻟﺤﻮﻡ اﻷﺿﺎﺣﻲ اﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺿﻴﺎﻓﺔ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، وقال ابن رجب في قواعده: "واﻟﻘﺼﺪ ﻣﻦ اﻷﺿﺤﻴﺔ ﺇﻳﺼﺎﻝ ﻟﺤﻤﻬﺎ ﺇﻟﻰ اﻟﻤﺴﺎﻛﻴﻦ".

ﻭاﻷﻓﻀﻞ فيها ﻣﻦ ﻛﻞ ﺟﻨﺲ ﺃﺳﻤﻦ ﻓﺄﻏﻠﻰ ﺛﻤﻨﺎ، ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﻭﻣﻦ ﻳﻌﻈﻢ ﺷﻌﺎﺋﺮ اﻟﻠﻪ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﻘﻮﻯ اﻟﻘﻠﻮﺏ، ﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ: "ﺗﻌﻈﻴﻤﻬﺎ اﺳﺘﺴﻤﺎﻧﻬﺎ ﻭاﺳﺘﺤﺴﺎﻧﻬﺎ؛ ﻭﻷﻧﻪ ﺃﻋﻈﻢ ﻷﺟﺮﻫﺎ ﻭﺃﻛﺜﺮ ﻟﻨﻔﻌﻬﺎ"، ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺃﻣﺎﻣﺔ ﻋﻦ ﺳﻬﻞ: "ﻛﻨﺎ ﻧﺴﻤﻦ اﻷﺿﺤﻴﺔ ﺑﺎﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، ﻭﻛﺎﻥ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻳﺴﻤﻨﻮﻥ". [ﺭﻭاﻩ اﻟﺒﺨﺎﺭﻱ].

 وما تقرب به من الأضحية إلى الله عز وجل ينبغي أن يكون خالصا لوجهه الكريم، خاليا من الرياء والسمعة، وهو معنى في قراءة "صواف" في ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﻓﺎﺫﻛﺮﻭا اﺳﻢ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺻﻮاﻑ} ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ: "ﺣﺼﻠﺖ ﻗﺮاءﺓ اﻟﺴﻠﻒ ﻟﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻧﺤﺎء... منها "ﺻﻮاﻓﻲ" ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺧﺎﻟﺼﺔ ﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ. وَرَوَى قَتَادَةُ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَرَأَهَا صَوَافِي قَالَ خَالِصَةٌ مِنْ الشِّرْكِ"[7].

ويذكر على الأضحية اسم الله عند ذكاتها، قال في أيسر التفاسير: "إنما شرع الله لكم نحر هذه الضحايا لتذكروا اسم الله عند ذبحها، فهو الخالق الرازق؛ وهو تعالى لا يناله شيء من لحومها، ولا من دمائها، فهو الغني عمن سواه، يتقبل الذبيحة، ويجزي عليها"

وعلى كل مسلم أن يعلم ‌حكم ‌الأضحية، والمخاطب بها، وما هي منه، وما يجزي فيها، وما لا يجزي، ومكانها، وزمانها، وهذا العلم الآن ميسور متوفر، لأن الأضحية قربة وعبادة، والله عز وجل يعبد بالعلم لا بالجهل، فكيف يرضى المسلم "أن يسْلك طَرِيق الدّين بالجهالة، وَلم يرض أن يسْلك طَرِيق الدُّنْيَا ‌إلا ‌بِعلم وبصيرة"، فالعلم مطلوب؛ لأنه طريق العمل؛ فلا عمل دون علم، والله ‌لا ‌يُعبَد ‌بالجهل، وهو القائل: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا} [الأنعام: 132] . والعلم إذا لم يكن ثمرة في القلب، والجوارح، والمعاملات؛ فكأنه لم يكن»[8].

وفي ذلك كله طلب التوفيق من الله والتوكل والاستعانة به، قال تعالى: {فاعبده وتوكل عليه} [هود: 123]، "فإن التوكل والاستعانة هي من عبادة الله؛ لكن خصت بالذكر ليقصدها المتعبد بخصوصها؛ فإنها هي العون على سائر أنواع العبادة، إذ هو سبحانه ‌لا ‌يعبد ‌إلا بمعونته"[9].

الهوامش:

1. مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (3/ 238).

2. التفريع في فقه الإمام مالك بن أنس (1/ 301).

3. الوجيز في أصول الفقه الإسلامي (1/ 341).

4. نشر البنود على مراقي السعود (1/ 39).

5. شرح الخرشي على مختصر خليل - ومعه حاشية العدوي (3/ 33).

6. تفسير الإمام الشافعي (3/ 1082).

7. أحكام القرآن للجصاص ت قمحاوي (5/ 80).

8. حاجة الأمة إلى العلماء الربانيين وخطر رفع العلم، د. أحمد العمراني، مجلة البيان (211/ 3).

9. الفتاوى الكبرى لابن تيمية (5/ 175).

 

 

 

 

 

 

 

 


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات