لحسن الجيت
لولا الرد الذي خرج به ممثل السلطة الفلسطينية في الرباط السيد الشوبكي يعلل فيه الخرجة المشينة للمدعو جبريل الرجوب من العاصمة الجزائرية بحجة أنه قد أسيئ فهمها، لولا ذلك ما كنت أفكر في كتابة مقال لسبب جوهري يكمن في معرفتي بشخصية هذا الذي جيء به من وكر العصابات في الضفة الغربية من أهل الخليل تسند إليه مسؤولية الأمن الوقائي في الضفة. وقد اختار السيد ياسر عرفات هذا المدعو جبريل ليس لأنه تتوفر فيه مواصفات القائد بل لأنه من طينة "الخلايلة" المتعارف عليهم بالعقل الناقص أو "عشرة في عقل" ليسخره الشيخ في قمع كل مناوئيه ومعارضيه في الضفة الغربية.
بعد هذه التوطئة، اعود من جديد لكلام ممثل السلطة الفلسطينية هنا في المغرب لاقول له بأنه لم يعد هناك مجال أمامه للتلاعب بالألفاظ أو محاولة استغفال المغاربة بالقول إن تصريح ذلك المسؤول الفلسطيني قد فهم بالخطإ وكأن المغاربة لا يجيدون اللغة العربية وبالتالي يصعب عليهم فهم ما جاء على لسان جبريل الرجوب من تصريح مدفوع الثمن مسبقا. وإن كان السيد ممثل السلطة في الرباط غافلا عما هو عليه المغاربة نؤكد له أنهم بقدر ما هم متضامنون مع القضايا العادلة بقدر ما هم متمسكون بقضيتهم الوطنية التي لها قدسيتها قبل قدسية أي مكان آخر. ومن يحاول أن يتلاعب بالكلمات أو يلعب على الحبال بشيطنة كما لعب وعبث في قضيته التي أصبحت اليوم في مهب الرياح، فإن هذا المنطق الميركانتيلي في السياسة لن يجدي نفعا مع المغاربة.
وعلى السيد الشوبكي أن يعلم كذلك بأن ذاكرة المغاربة لن يصيبها مرض النسيان. فحجتك التي اجتررتها مرة أخرى لتبرير الباطل هي ذاتها التي اعتمدتها من قبل حينما رفع زميلكم في الجزائر علم الانفصاليين وقلتم لنا آنذاك أن السلطة الفلسطينية موقفها معروف وهي أنها لا تتدخل في القضايا الخلافية بين الدول العربية. وإذا كان هذا الأمر صحيحا وتومنون به حقا فلماذا يعود واحد منكم اليوم ليكرر نفس الزلة بالتطاول على المغرب من الجزائر. أليس جبريل الرجوب عضوا في حكومتكم. ومادام أنه زاغ عن هذا الموقف كما تزعمون وجب على السلطة الفلسطينية أن تقيلة من منصبه. ولنا اليقين أنها لن تفعل ذلك لأنها أصلا لم تستدع ممثلها في الجزائر من قبل ولو للاستشارة وما زال الرجل في منصبه. ولربما ستعاد نفس الزلات وسيخرج علينا السيد الشوبكي بنفس الأسطوانة المشروخة.
أما المدعو جبريل الرجوب فقد أرسل إلى الجزائر ليبيع موقفا سياسيا مقابل 30 مليون دولار قبضتها السلطة الفلسطينية من النظام الجزائري الذي يتعمد أن يسخرها لخدمة أجندته. والغريب في الأمر أن رجال السلطة الفلسطينية يدركون هذه المخططات المعادية للمغرب ويقعون فيها في هذا الشراك الجزائري حبا في المال. فهي ليست للمرة الأولى ولن تكون الأخيرة. فالفلسطينيون هم الحلقة الضعيفة وهم ما تبقى من أوراق في يد النظام الجزائري يريد أن يلعبها في الوقت الميت.
وليس غريبا على الإطلاق أن يكون جبريل الرجوب موفدا للسلطة الفلسطينية كي يقوم بهذه المهمة. فالرجل له من الاستعداد الكامل أن يقوم بهذا الدور وبأكثر منه. تاريخه وسلوكه الحياتي يشهدان عنه. ومن لم تأخذه الرأفة بأهله فكيف أن تأخذه بغيرهم. من شدة حبه للمال وللمجون قد ينقلب على أشد المقربين منه. هذا هو حاله وطبعه وقد يزيد من منسوبهما في حالات مماثلة كتلك التي يغدق فيها النظام الجزائري عليه أحزمة ناسفة من الدولارات. ومن باب الوقوف على بعض الحقائق الصادمة نقول لهذا الرجل بأننا نعلم جيدا النوادي الليلية التي كنت ترتاد عليها في تل أبيب وفي ضواحيها بحي "سافيون" من فلل أعدت لك ولرفقائك للسهر والمجون. وحينما يتسلل ضوء الفجر كنت تسارع الخطى إلى رام الله على بعد ستين كلم لترفع شعارات ثورية ضد إسرائيل من قبيل دعواتك بإسقاط الصهاينة من دون أن تدري أنهم هم الذين أسقطوك في أفخاخهم. وهم الذين اعتقلوك ليجعلوا منك بضاعة قابلة للتسويق في السوق الفلسطينية بما يخدم مصالحهم.
ويحز في نفسي أن ينطلي خطابك الثوري على بعض المغفلين عندنا. واليوم بعد أن سقط القناع أدعو منهم الإسلاميين والقومجيين واليساريين أن يخرجوا من جحورهم لكي يعبروا عن وطنيتهم بعد هذا الخبث الدفين والعداء الذي عبرت عنه في تصريحك المقيت ضد المغرب. يا من تدعون لنصرة القضية الفلسطينية وتؤازرون أهلها، ها هي قيادتها تطعن في وطنكم. اينكم من هذا كله. أبحث عن بنكيران ولم أجد له أثرا، أفتش عن ويحمان في برنامج مختفون لكنه اختفى وغاب عن الأنظار، سألت عن نبيلة منيب فقيل لي أنها منشغلة بعرس الشهداء في جنين بينما المجرم الجاني جبريل الرجوب يجازيها على مواقفها النبيلة بطعن وطنها من الخلف . رائحتكم من الغدر أزكمت الأنوف. بعد هذا التكالب على وطنكم هل ما زال مخزونكم من مناهضة التطبيع لم ينفد بعد.