الاتحاد الاشتراكي بوجدة ينظم حفل تأبين المرحوم مرزوقي بنيونس

منار السليمي: اعتراف وشيك لموريتانيا بمغربية الصحراء بوساطة إماراتية والجزائر في ورطة مع البوليساريو

أسعار حطب التدفئة تشهد ارتفاعا بعد تساقطات ثلجية كثيفة بإقليم ميدلت

بحضور شخصيات وطنية وعلميه.. تطوان تكرم روح الفقيه العلامة سيدي محمد بن القلالوسي الزرهوني

ساكنة ميدلت تستبشر خيرا بالتساقطات الثلجية

هذا ما قاله مدرب مانييما عن مواجهة الرجاء في ختام دور المجموعات

جرذان في خدمة مسافرين ..!

جرذان في خدمة مسافرين ..!

عبد اللطيف مجدوب

 

 
أقصوصة واقعية تستمد أحداثها من شخوص ينوون السفر عبر أجواء مطارات اسطنبول ومونريال ومحمد الخامس ، سيصطدمون ؛ في هذا الأخير ؛ بعينة من المستخدمين وأفراد آخرين ؛ سيترك الكاتب للقارئ الكريم حرية تسميتهم .
الإقلاع من اسطنبول
كانت الساعة السابعة صباحاً بمطار اسطنبول ، حيث اكتظت باحة واجهته الداخلية بجماهير غفيرة من المسافرين ، تتعثر بهم أمتعتهم وهم يهرولون في اتجاه شبابيك عمليات التسجيل والحجز ، تشي سحناتهم بأنهم مغاربة ؛ في عمومهم ؛ قدموا من أنحاء آسيا وأمريكا ، يريدون صلة الرحم بأقاربهم في المغرب.
  ضج فضاء الطائرة ؛ وهي ما زالت جاثمة على أرضية المطار ؛ بأصوات خشخشة وصك العنابر وتعبئتها بحمولتهم ، كلٌ يريد توضيب شعثه وعفشه وفرزه بلمساته الأخيرة ، لكن سرعان ما ستنحو قليلاً إلى الهدوء في أعقاب وقوف مضيفة شقراء مخاطبة المسافرين أولاً بالتركية فالإنجليزية وأخيراً العربية:
• ".. الزموا مقاعدكم.. واربطوا أحزمة الأمان ، باشروا وسائد الإغاثة.. وهذا الكابتن م.أوغلو يتمنى لكم سفرا سعيدا على متن خطوط الملاحة الجوية التركية ( Turkish Airlines) .
    دردشة في الفضاء
ما إن استوت الطائرة في سماء أنقرة حتى دبّت من جديد همسات ووشوشات ؛ تجمع أخلاطا لغوية ، يصعب استبيانها في البداية ، لكن ستطغى عليها تدريجيا العامية المغربية ، حينما شرعت عربات الأطعمة تتجول في الممشى بين المقاعد :
• "الدجاج أم السمك..؟"
• " الدجاج.. شويّا دلحرور... آخويا"
• " آش تشرب..كوكا .. بيبسي.."
امرأة في المقعد الخلفي.. بعد أن نزعت برقوعها:
• " الله يعز المغرب.. والطياب اديالو.."
• أخرى ملتفتة وهي مقطبة الجبين:
• " .. لفراخ..أوكي.. أو كمان البصارا.."
بينما ارتفع صوت آخر من الخلف ، بنبرة فم صاحبه عاكف على مضغ الطعام بعجالة:
• " الماكلا.. الطياب.. والسياحة هل هذا كله هو المغرب ؟ "
• " قاطعه آخر من خلف أوراق مجلة ؛ اتخذها عونا له على الاسترخاء وحجب الأضواء:
• " الله يهديكم.. المغرب مزيان.. ما قلنا والو.. ولكن شوفوا الإدارة.. الحقوق.. التعليم.."
• " يرد عليه شخص بجواره ، كان منشغلا بتخليل أسنانه :
• " هذا شيء موجود في كل بلاد الدنيا.. أنا لم أدع أي مكان في العالم.. وما زال المغرب هو الحب الدائم... واخّا .. واخّا فيه...فيه..."
كان متلعثما ، وكأنه يبحث عن الكلمة التي انفلتت عن لسانه ، لكن سرعان ما ستبادره امرأة تضع نظارة سوداء :
• " واخّا فيه لعفن عندو اليدّين والرّجلين.."
   كانت الطائرة التركية ذات الطابقين تحلق على ارتفاع شاهق ، وبعد أن توارت عربات نفايات الأطعمة بين صفوف المقاعد ، خلد الجميع إلى النوم ، ولم يعد يُسمع سوى أزيز يخفت تارة ويختفي أخرى ، في حين كانت هناك شاشة في الواجهة ؛ بين الفينة والأخرى ؛ ترتسم عليها خارطة التحليق من اسطنبول في اتجاه الدار البيضاء ، مرورا بإيطاليا ولاس بالماس.
فجأة ؛ وعلى حين غرة ؛ استيقظوا مذعورين بإحساس وكأن الطائرة تهوي بهم في مكان سحيق ، فعلتْ جلبة وتنهدات ، على إثرها خرجت مضيفة من القمرة ، وهي تحاول تهدئة روع المسافرين:
• " نحن نعبر منطقة جوية شهيرة بمثباطها ، رجاء ارتبطوا بأحزمة السلامة .."
سيرد عليها شخص ملتح قابع في الصفوف الخلفية:
• " الله أكبر.. الله أكبر!.. بسلام آمنين.. اقرأوا الفاتحة.. ستختفي حالما ندخل الأجواء المغربية" ، كانت ترمقه بعينين جاحظتين امرأة في الستين ، فمالت على شخص بجوارها محاولة أن تكظم رعبها:
• "ياإلهي.. ما هذا الذي أرى.. هل سقطت الطائرة بأيدي إرهابيين.. هل صرنا رهائن.. ياإلهي.." ( Oh my God, what is this I see; did the plane fall in the hands of terrorists ? Are we hostages, my God)
  على أرضية مطار محمد الخامس
ما إن أخذت الطائرة ينخفض ارتفاعها تدريجيا ، ولاحت معالم برية تتراءى عبر كواتها ، حتى تهللت الوجوه ومالت إلى بعضها وهي ترقب في صمت مخيف ملامسة عجلاتها مدرج المطار .
  تدافعت الحشود باتجاه طوابر ؛ كانت تنتظر بفارغ الصبر التأشير على جوازاتهم ، ومن ثم التوجه رأسا إلى المدراج الآلي الذي لا يكف عن الدوران ، حاملا حقيبة تلو الأخرى ، يطوف بها تحت أعين مسمرة على ألوانها وأشكالها ، كل من حظي بالتعرف على حقيبته يأخذها ويهرول بها في اتجاه البوابة الرئيسية ليعانق سماء ونسمات بلاده..
        أين الحقائب ؟!
  مضت زهاء الساعتين ، إلى جوار دوّار الحقائب ، ولا ظهر بعد عفش أشخاص ظلوا مرابطين هناك ينتظرون الذي يأتي ولا يأتي ، كانوا ؛ في البداية ؛ خمسة أشخاص عادوا يقلبون كفا على كف ، من فرط اليأس وطول الانتظار ، أخيراً قادهم يأسهم إلى استفسار "رجال جمارك ومستخدمين ؛ يغدون ويروحون في باحة الاجراءات الرسمية ، منهم من أحالهم على مصلحة هناك ، ومنهم من أدار ظهره إليهم معبرا بحركات لاإرادية بأن "الأمر" لا يعنيه. هرولوا باتجاه مرفق هناك ، ظهر من شباكه الزجاجي أن هناك شخص قابع في زاوية يلهو بهاتف بين أنامله ، كلما لاحظ أحدهم يحاول استفساره ، دلّه بإيماءة بصرية إلى إعلان مكتوب على الزجاجة :
" إبلاغ عن عدم التوصل بالأمتعة ، وإيداعه" . أحدهم تجشم عناء البحث في "السيستيم" ، فأفاده بأن أمتعتهم بقيت في اسطنبول ، لم تشحن ، لسبب ما زال مجهولا.." .
كانت الساعة جد متأخرة من ليلة جمعة ، وبعض هؤلاء المسافرين ، ما زال يحدوه الأمل في العثور على عفشه ، بيد أن مستخدما بدا عليه عارفا بأسرار"اختفاء الأمتعة " نصحهم بالعودة بالاتصال في الغد.. إلى حين التأكد من رحلة الطائرة القادمة من مطار اسطنبول .
أحد الضحايا انزوى بجهة هناك ، ينتظر فاستعمل هاتفه يريد الاتصال "بإدارة المطار" ، فباغته صوت بلزوم الانتظار ليتم "ربطه" بالمصلحة المختصة ، حينها شرع يحتج "بأن كل متاعه في حقيبته المفقودة ، حتى من ملابسه الداخلية.. فأنى له المبيت ؟! " .
    في صباح اليوم الموالي
 اتضح من سحناتهم ؛ وهم ينتظرون معرفة مصير أمتعتهم ؛ أن عددهم يزيد عن عشرين مسافرا ، منهم من قدم من مونتريال كندا ، ومنهم من وفد من مطار هيثرو بالمملكة المتحدة.. مستخدم كان هناك خلف نقالة الأمتعة ، وشوش له أحدهم في أذنه:
• " أين هي الأمتعة المفقودة ؟ "
• " توجد لدينا منها الآلاف.. ومن الصعب جدا فرز حقيبة بعينها وسط ركاماتها.." .
ومن فرط الإحساس بالغبن ، تقدم أحدهم إلى جمركي بدا ؛ من خلال بزته ؛ أنه يشغل موقعا مرموقا داخل إدارة المطار ، فبادره:
• " سيدي..فقط نريد الاتصال بالمدير.. من فضلك سقنا إليه.." ، وكم كانت دهشة الجميع أمام تصريحه وهو يعلنه جهارا:
• "..والله.. لا أعرفه.. ولا سبق لي أن رأيته.. والكذب على الله حرام! " .
   كلمة السر نحو الأمتعة!
  فاجأهم أحد الضحايا ، قدم لتوه من مكان منزو ، وأعينه تفيض تهليلا وبشارة:
• " لقد فك الله سراحي...! ها هي الحقيبة.."
• " كيف.. عثرت عليها.. دُلنا..."
• " يلزم قليل من التكتم والحذر.."
• " كيف...؟! "
• " صاحب البذلة الرمادية الداكنة هناك.. إنه رئيس مصلحة جناح الأمتعة الوافدة والمفقودة ، يربط الاتصال بأحد معاونيه من الداخل ، لا يتحدث إليك ؛ في قيام بمهمة ؛ إلا إذا دعاك إلى مرحاض.. للشروع في عملية "المفاوضات !" .
صاح أحدهم ، وكان متعجلا:
• " أرجوكم.. دعوني أجرب حظي.." . ذهب حتى إذا اقترب منه.. رسم على محياه ابتسامة "الأمن والسلام " ، ولم يكد يفاتحه حتى أومأ له بالتقدم نحو "المرحاض" :
• " كيف هي حقيبتك.. سأحاول خرق القانون" ، وفي حينه ربط الاتصال بمعاونه: ...
هل تسمعني.. حقيبة أودعناها البارحة.. وفدت من انجلترا.. هيا.. أسرع"
• " سيدي..كيف أشكرك ؟! "
• " قاطعه.. كم ستدفع وإلا... ؟" .
ذاعت"كلمة السر " (Mot de passe) بين الآخرين.. وكان من بينهم شخصية يحمل حقيبة ديبلوماسية.. سأله جمركي عن هويته فأجاب:
• " رئيس محكمة! "، فالتفت إليه أصدقاؤه من الضحايا في وجوم:
• " رئيس محكمة..!.. كيف لا تستغل مركزك هذا لإحضارههم حقيبتك في الحال ؟ "
• "مهْمه .. وتهْته.. وأفضى بكلمات مبعثرة:
• " ..لا .. لا.. أريد تضخيم الأمور.. فعلينا بقليل من الصبر " ، ثم لاحظ نظرات العتاب تتوجه إليه وأصحابها ينصرفون عنه تباعا..
         يسدل الستار على:
 كل تسلم متاعه عبر بوابة "المرحاض" ، وبعد أن شعر رئيس المحكمة بأن عجرفته أبقته وحيدا ، دون تسلمه حقيبته ، ظل إلى حين يراجع ؛ في قلق باد ؛ ساعة معصمه ، وأخيراً قصد في خطوات متثاقلة المرحاض !
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات