محمد الزاكي
لن نواصل تزكية التفاهة والسخافة والابتذال، اعتقدنا أن القائمين على البث التلفزي عبر باقة القنوات المغربية خلال رمضان هذه السنة سيكونون أرحم بنا تبعا لتصريحات القطاعات المعنية بالفنون والثقافة والتواصل الذين طمأنوا المشاهد المغربي على أن الأمر سيكون مختلفا حيث سيتم اختيار الأجود من البرامج التلفزية والأعمال الدرامية أو الكوميدية الهادفة دون حموضة أوتفاهة.. وسيكون رمضان هذه السنة موعدا للمتعة والتثقيف والفائدة.. واستبشرنا خيرا أن هذا الشهر الفضيل سيكون بمنأى عن تفاهة السيتكومات وحموضة مقالب الكاميرا الخفية.. وأن الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري قامت بدورها في مراقبة مدى احترام متعهدي مجال السمعي البصري الالتزامات الواردة في دفاتر التحملات التي يأتي على رأسها الحرص على جودة ما يبث للمشاهد المغربي من أعمال وبرامج شكلا ومضمونا، إلا أن الدار بقيت على حالها دون أي جديد يذكر، وبقي نفس الإصرار على تقديم كل ما هو تافه ورديء ضدا على جميع الملاحظات والكتابات والانتقادات الموجهة للأعمال السابقة، والاحتفاظ والتشبت بوجوه فنية تجاوز تواجدها في الأعمال الرمضانية أكثر من عشر سنوات، في مقابل ذلك تم إقصاء العديد من الفنانين في مجالات متعددة.
أتساءل دائما لماذا تختزل سنة من الحركة والأنشطة الفنية والمسرحية والفكاهية ويتم إعداد برنامج رمضاني مثقل بالفقرات إلى حد التخمة وخاصة الفكاهة وكأن هذا المشاهد لا يضحك إلا في رمضان حيث يتم ابتكار أساليب متعددة لإضحاكه وهو لا يضحك عند تتبعه لأي عمل فكاهي بل يتحسر ويتأسف على مستوى الدراما والكوميديا في مشهدنا البصري.
وقد كنا نبتلع بعض الأعمال على مضض، وننتقد بعضنا البعض على أمل إصلاح الاعوجاج الذي لاحظناه لنداري خيبتنا "ونغسل الغسيل بيننا “ إلى أن طلع علينا رجل من عائلة كريمة تخصص في صنع المقالب لفنانين ونجوم وشخصيات عامة " مبغاش يحشم " .. ما سترناه على أعمالنا الهزيلة "شوهتنا تجاوزت البلاد " والفضل يرجع إلى هذا العبقري الفنان الممثل الصحفي المنشط صاحب “فاصل ونواصل “الذي يتم بثه في فترة ذروة المشاهدة والأسر المغربية على مائدة الإفطار مع مساحة مهمة من الفواصل الإشهارية ومساحة أخرى "ديال تخسار الهضرة" وبشكل سافر لا يطاق. والفكرة الأساسية في برنامجه تتمثل في استدعاء فنان أو فنانة ويعمد إلى تغيير ملامح شكله حتى لا يتعرف عليه المدعوون " زعما هو معروف"والهدف أثناء مناقشته مع الضيف ان يتمادى في استفزازه إلى درجة الانفعال الشديد، وهنا تكمن عبقرية المنشط الذي يستعمل كل شيء لبلوغ الهدف من القول والفعل وحتى الحركة والألفاظ المستفزة إلى درجة يكون فيها رد فعل الضيف قويا بالضرب والركل والرفس والشتم، حيث أنه في الحلقات الثلاثة تعرض لنفس ردود الفعل من ضيوفه ناسيا صاحب البرنامج أن الأسر المغربية مجتمعة على مائدة الإفطار ترى وتسمع. وجديده في هذا العام ان برنامجه تم تصويره في بلد عربي وأن "لبسالة والشوهة ديالو" سافرت معه لا أظنها ستضيف شيئا إلى صورة المغرب بل بالعكس ما يتم بناؤه لهذا الوطن تتدخل بعض معاول الهدم الشاردة بغبائها وحموضتها، فرفقا بأسرنا من هذا الجلد السنوي الرمضاني، لماذا يتم التركيز على الضحك والميوعة ونحن في شهر القرآن والغفران والتوبة، لماذا لانجتهد في ابتكار برامج متميزة تجمع بين المتعة والثقافة والأمن الروحي ومكارم الأخلاق. أما صاحبنا "شبع فلوس" رآكم الأموال الطائلة من برامجه التافهة حتى فقهاء الهاكا ما حركوا ساكنا في هذا الاتجاه وسلكوا مبدأ دعه يمر دعه يعمل، لماذا سيدخلون على الخط "غ صداع الراس".... ولكن لابد من اتخاذ إجراء في النازلة أقربه توقيف البرنامج...
كل سنة نطالب ببرامج تلفزية تستجيب لتطلعات وانتظارات المشاهدين، ولكن لا نلاحظ أي تغيير. إلا اننا هذه السنة سنطلقها صيحة مدوية: أوقفوا هذه الفواصل... فإننا لن نواصل. نتمنى ألا تكون صيحة في واد.