دغوغي عمر
حدث لي في الآونة الأخيرة أني سمعت قريبا لي يعيد نظره في محبوبته وخطيبته التي أمضى معها شهورا عديدة، جمعت بينهم الدراسة وأيامها الصعبة والحلوة، وتشاركا أفكارهما، تواعدا تخاصما وتصالحا، واتفقا أخيرا على أن يتوج حبهما بقران أبدي، ليبارك الله لهما ويجمع بينهما بالخير والحلال، لم أتوقع أن تأتي اللحظات الأخيرة ويتردد قريبي على الزواج بها، ردد قائلا: كلما اقترب موعد زفافي شعرت برغبة قوية تدفعني للانسحاب، خائف من الزواج حتى لا أكون في موقف الندم على اختياري، فكرة الزواج بالنسبة لي مخيفة للغاية.
سألت نفسي لم قد يتخوف من الزواج؟ أهذا الوقت كله غير كاف لأن يعرف نفسه جيدا بأنه يحبها كفاية ويستطيع أن يمضي بقية حياته معها! وقد توصلت في آخر المطاف إلى الإجابة.. الحب وحده ليس كافيا للقدوم على الزواج، لأن هذه التجربة ستحكم على حياتك كلها، يلزمها تخطيط مسبق بعقلانية وبثبات، يلزمها استعداد لتحمل المسؤولية.
الرجل بطبعه لا يحب أبداً أن يظهر كالعاجز عن تدبير أموره وتحمل مسئولياته، حتى وإن كان لا يتحملها من الأساس! هو يحب دوماً أن يظهر في هيئة الرجل المسيطر على زمام الأمور، المتحكم في كل شيء، كالقائد الماهر الذي يقود عربته بيد واحدة، وبالتالي فكرة أن الزواج قد يكون سبباً في إحراجه مادياً وإظهاره بالرجل المقصّر هي فكرة لا يستهويها على الإطلاق. الزواج يتطلب نوعا ما من التقيد خاصة بعد إنجاب الأطفال لذلك يتردد الرجال على هذه الخطوة، فمن الصعب أن ينتقل الرجل من مرحلة عازب إلى متزوج مسؤول عن أسرة بأكملها، قد يعتقد البعض أنه يقضي على حريته بهذا القرار!
سبب آخر ينفر الرجال من الزواج وهو الخوف.. فكيف؟ يخاف أن لا يكون زوجا صالحاً لك على مستوى توقعاتك له.
يخاف الوقوع في أخطاء؛ وخاصة إذا كان هذا هو زواجه الأول، وإذا لم يكن زواجه الأول، فربما وقع في أخطاء سابقة لا يريد أن يكررها معك، يأخذ بعض الرجال الذين تزوجوا ودمروا بسبب زوجاتهم نموذجاً له يخشى تكراره.
إذا كان قد تزوج وانتهى زواجه بكارثة، فهو لا يريد أن يعاني كارثة أخرى يخشى المرور بالتجربة الأليمة مع زواج آخر.
من الأسباب التي قرأت عنها في إحدى المقالات وهي الجاموفوبيا مرض نفسي ينتشر بين مرضى الاكتئاب بالذات، إذ يشتكي الكثير منهم أنه رغم اتخاذهم خطوات فعلية للزواج، إلا أن الخوف الذي يلازمهم يجعلهم يتراجعون عن إتمامه، ويرجع ذلك لأسباب معقدة منها انعدام الثقة في النفس، وعدم الإقبال على الحياة، وانخفاض الطاقة والثقة الجنسية، وغيرها من أعراض الاكتئاب.
مؤخرًا نتيجة الأوضاع الاقتصادية السيئة التي تمر بها بعض الدول العربية أخذ الكثير من شبابها قرارًا بالامتناع عن الزواج، لما أصبح يمثله من ضغط نفسي لمتطلباته المادية التي لا يستطيعون توفيرها، فأصبح قرار الزواج يحتاج في بعض الأحيان إلى الاقتراض من البنك لسداد مصاريف الزواج، وأيضًا شراء المسكن، والأثاث بنظام التقسيط، وهو ما يعني المزيد من الضغوط.
من الأسباب التي أراها شخصيا سببا رئيسيا وقد تقف عائقا وراء قبول أي شاب أن يكون أسرة ويستقر هو الروتين.
يخشى بعض الرجال من الرتابة والملل الذي قد يحل بعد الزواج، وهنا يجب أن نطرح هذا السؤال، وهو لماذا يحدث الروتين في الحياة الزوجية؟ أهذا يعني العزوف عن الزواج وهدم الحياة الزوجية؟ الروتين والملل مرض وكل مرض على هذه الأرض دواء، وأنسب الأدوية لعلاج مثل هذه الأمراض التي تصيب الحياة الزوجية هو حرص الطرفين على فعل كل ما يجدد روح العلاقة بينهما، وعدم الاستسلام للملل، كما أنه لا يمكن أبدا أن يتوقف علاج المرض على مجهودات طرف واحد دون الآخر، على الزوجين معا أن يجتهدا بكل ما في وسعهما لتحصين حياتهما من هذه الأمراض، ومن هنا يجب أن يدرك كل رجل يرى في حياة التنقل بين امرأة وأخرى متعة زائفة