محمد الزاكي
رياضي مشهور رئيس جماعة ترابية بمرتفعات الأطلس المتوسط خرج في الآونة الأخيرة بتعليق حول قضية الشابين صاحبي أغنية " شر كبي أتاي " التي قالت فيها العدالة كلمتها بإدانة الضنينين والحكم عليهما بسنتين حبسا لكل منهما بناء على التهم الثابتة في حقهما، تدوينة الرياضي المذكور اعترفت بأن كلمات الأغنية مسيئة إلا أن الحكم كان قاسيا بالنظر إلى صغر سن الشابين... والمعروف على الرياضي في أكثر من محطة تنديده بالفساد وقاد معارك كثيرة لمحاربة الفساد خاصة في المجال الرياضي الذي عانى فيه من الإقصاء والتهميش والمحسوبية، وحتى أثناء تدبيره للشأن العام المحلي حارب الاختلالات وتبديد المال العام حتى اعتقدنا فيه ما اعتقدنا...إلا أن خرجته مؤخرا في هذا الموضوع بددت تقييمنا وبعثرت أفكارنا وكنا ننتظر شجبه للعمل الذي جاء به الشابان لما يحمله من إساءة وتفاهة وابتذال وأن يدلي بموقف يزكي فيه حكم المحكمة على اعتبار أن كل من تنقصه "الترابي" يربيه القانون…وهو العارف الفقيه في أمور الشأن الرياضي كان من الأفيد ابتعاده عن القانون وأمور القضاء.
أغنية " كبي أتاي " إذا صنفناها مجازا في خانة الأغاني، لا علاقة لها "بترسام الكلام " بل هي صورة جلية للعهر والتحريض على البغاء "أو قلة لحيا " وكل الصور المشينة والمستفزة التي تسيئ للعين والأذن وكل جوارح الإنسان.
آداب الكلام من الآداب العامة التي نحافظ عليها جميعا، ونحرص أن تكون بمنآى عن أي خدش أو تدنيس لأنها من القيم التي تكون هويتنا ومن صميم تربيتنا وثقافتنا نعمل جميعا على التشبع بفضائلها بعيدا عن كل أنماط القبح والسفالة والانحطاط.
في شهر رمضان الذي ودعناه مؤخرا، وفي "دار النسا" خرجت مخرجته هي الأخرى بكلام لا يليق برصيدها الفني حيت نصبت نفسها مدافعة عن كاتبة السيناريو التي تعرضت لموجة من الانتقادات حول إقحام ممثلين لا يتقنون اللهجة الشمالية حيث بررت ذلك بكون المنطقة لا تتوفر على ممثلين... في خضم ذلك خرجت المخرجة بتدوينه "غردت فيها خارج السرب “تضمنت تعليقا تضامنيا مع صاحبتها حيث دعتها إلى الاستمرار وعجم المبالاة بما يكتب وينشر: "واصلي ولا تبالي باللغط والضجيج.." هكذا أصبح النقد في نظر الفنانة الكبيرة لغطا وضجيجا. لمسنا من خلال نبرات كلامها إصرارها على قولها واستعدادها "للمعاطية" فلم نعلق في وقتها، مع العلم (وتعلم الفنانة) أن النقد بمثابة قيمة مضافة لأي عمل فني إذ هو الصورة التي تعكس نجاح العمل حين يرصد بعض عيوبه أو نواقصه ويعزز مكامن ونقط القوة التي يتوفر عليها.
في زمن ما كان للكلام قواعد وكان المغربي يحرص على كلماته وعلى معانيها ولا يتفوه بعبارات شاردة لاتؤدي المعنى الصحيح لدرجة وصفه للكلام بأنه "ترسام" يعني أن الكلمات ينبغي أن ترسم رسما جميلا يسر السامعين وتفيدهم معانيها حرصا على صلاح اللسان ولو أنه "ما فيه عظم" واقترن "ترسام" الكلام "بتبسام" الضحك ذلك أن هذه العملية لا تستدعي " القهقهة" والضحك بالصراخ والصوت العالي ويكفي في ذلك بسمة مشرقة لا نكاد نرى أسنان صاحبها. خلافا لما أصبحت تعج به مواقع التواصل من سب وقدف وتشهير ونشر أعراض، وأبدع صناع محتوياتها لحصد نسب المشاهدة كل أشكال الميوعة والتفاهة بالكلمة والحركة والعري والرقص وغيرها بل تخصص بعضهم في تقديم وصفات علاجية لكل الأمراض حتى الوصفات التجميلية خاصة نفخ الخدود والشفاه والصدور والأرداف والمؤخرات... وذهب آخرون بعيدا في تقديم النصائح للزوجات والأزواج والمصاحبة النفسية وغيرها.
أين نحن في هذا الزمن من القيم والأخلاق العالية و الحرص على ألسنتنا وأعيننا في أجواء تغلب عليها أساليب "المعاطية" والكلام الشارد والتعاليق والعبارات والردود والخرجات غير المحسوبة والمرسومة التي تخرج من المتكلم ولا تفيد المستمع، بل إنه لا يفهم معناها ولا مايريد صاحبها... عجبت لك يا زمن... "لكلام ترسام".