عبد اللطيف مجدوب
لدينا مداخل عديدة للمقاربة إشكالية "ملاعب الأطفال" ، بدءا بوزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة ، وانتهاء بأقسام "منح رخص البناء" ، ويتساءل الباحث هل هناك "دفتر تحملات" تلزم المنعشين العقاريين عند كل مشروع بناء أو تعمير ؟ وما موقع (حدائق وملاعب الأطفال) ، أو بالأحرى المساحات الخضراء من رقعة هذه الأحزمة الورقية التي يتأبطها في مساعي الحصول على "تراخيص البناء" ؟
هناك دول بالجوار تقضي قوانين تهيئة عمرانها بضرورة اشتمال كل مشروع بناء أو توسعة على "ساحة خضراء" كمتنفس إكولوجي للسكان المحليين ، حتى باتت السمة الرئيسة لمشروع بناية سكنية ، وتبعا له ، نجد المدينة تتخللها ؛ من منطقة إلى أخرى ؛ مساحات خضراء كفضاء للفسحة ، وفي آن مرتع للأطفال ، لكن بالنسبة لمدننا ، بالكاد نألفها عبارة عن أكوام من الإسمنت والحديد.
وقد أصبح هذا المرفق الترفيهي حاجة ماسة تفرضها توازي قطاعات اجتماعية حيوية هامة كالأسرة والمدرسة و البيئة ، فإنجاب الأطفال يطرح أسئلة بيئية عميقة ، مثل نمو هؤلاء الأطفال والذي يستوجب وجود محيط بالجوار ، بدلا من السطوح وداخل الشقق السكنية أو في قارعة الأزقة والشوارع ، ما يحرم آخرين من "نعمة" الهدوء والسكينة.
بعض الأسر الميسورة ؛ على قلتها ؛ منخرطة في أندية ، يصطحبون أطفالهم هناك لقاء خدمات جلى ، كاللعب والسباحة والتدريب.. بينما أسر أخرى وبنسبة تصل أحيانا إلى %90 ، لا تجد بالقرب منها مرفقا بهذا الخصوص ؛ مفتوح في وجه العموم ؛ فتترك الحبل على غارب الأطفال ؛ يعْدون ويمرحون ويصخبون داخل منازلهم ، أو يتخذون من السطوح ملاعب خاصة ، وإذا ضاقت بهم السبل نزلوا إلى احتلال الأزقة والشوارع وملئها بالصياح والتدافع والتراشق ، كل هذا يجري على مسامع الضحايا من الجيران الذين ينتظرون أن تحمل الرياح إليهم ولو لحظة هدوء واحدة ، يخلدون فيها للراحة وتبديد توترات الحياة اليومية ، حتى إن بعض هؤلاء ؛ إن لم نقل جلهم ؛ في عداء "رسمي" مع الجيران بسبب " سوء تربية أبنائهم" .
سكنيات اقتصادية ولكن
بعض الملاك العقاريين ؛ ودرءا لآفة التشويش والضوضاء ؛ يجنحون إلى كراء أو بيع الدور السكنية فقط لأسر حديثة العهد بالزواج ، لكن وبعد أمد معلوم تنجب أطفالا فتتحول العمارة إلى صناديق تضج بالغوغاء والصياح والعدْو ، وتبلغ ذروتها ؛ في الشغب والضجيج ؛ في أيام العطل ، الأسبوعية منها والموسمية .
فإذا كنت تبحث عن سلوكيات نابية فاسأل الجار أن يكف عن ضوضاء أبنائه ، علما أن ترسانة القوانين المغربية مليئة ببنود ؛ تحضر على الجار ؛ احتراما للجورة ؛ الإساءة إلى المرفق العمومي المشترك وتفرض عليه تحاشي كل اسباب الصخب والضجيج والمس بالهدوء العام ، لكن أيننا من هذه القوانين ؟!