بحضور نجوم الفن المغربي.. افتتاح المهرجان الدولي للسينما والهجرة بوجدة

المغربية بومهدي: حققت حلمي مع مازيمبي وماشي ساهل تعيش في الكونغو

الرضواني: خسرنا اللقب ونعتذر للمغاربة..ولاعب مازيمبي تشكر المدربة بومهدي

لمياء بومهدي: لم أتخيل يومًا الفوز بلقب دوري أبطال إفريقيا في المغرب ومع فريق آخر

مدرب الجيش الملكي يبرر الخسارة المفاجئة لنهائي أبطال إفريقيا

شاهد لحظة مغادرة "أزواغ" حارس اتحاد طنجة دربي الشمال باكياً

فوق سور الندم

فوق سور الندم

عبد القادر كلول

تعلم في المدرسة كيف يمسك القلم، كيف يرسم تفاصيل الخطوط الأبجدية، تعلم أيضا كيف يقرأ الكلمات المبهمة وكيف يفك طلاسيم الجمل الصعبة.. لكنه فشل في إمساك زمام نفسه و قيادتها في الاتجاه الصحيح.

مرت أعوام على هدره المدرسة وهو مازال يتهجى أبجديات هذه الدنيا التي وجد نفسه فجأة يعيش على هامشها.. مارس كل العادات السيئة و الأفعال المشينة، و تقمص عددا غير قليل من شخصيات المجرمين و الجانحين و الفشلة.. و أحدث الكثير من الجروح المتعمدة على ذراعيه تحت تأثير الكحول أو أقراص الهلوسة..

فوق سور المدرسة المحاذية للسويقة بأحد أحياء طنجة الهامشية حيث درس أول مرة، جلس كالمعتاد، وحيداً في يوم رمضاني قائظ.. تخلى عنه أصدقاؤه المقربون. أولئك الذين كانوا إلى الأمس القريب مثله الأعلى ومصدر إلهامه المستمر، تخلفوا عنه اليوم بعدما بدا لهم أن دوره استنفذ، فقد نجحوا في جعله يجنح كما جنحوا، و يفشل كما فشلوا قبله بسنين. 

جال بنظره حوله كمن يبحث عن طوق نجاة، لم تقابله غير نظرات الناس المتبضعين غير المبالية، لقد سئم حياة التشرد واحتراف الاجرام. استفاق وعيه، لكنه لم يجد يدا تمتد إليه، خسر نفسه وثقة الناس فيه، بات الكل بشمئز منه ويتحاشاه. في الشارع وفي الزقاق، وحتى في المسجد الذي يتردد عليه كلما اعتقد أن ذلك سيجعل الناس تراف به. لقد حاول مؤخرا التقرب من المجتمع الذي فصلته عنه آفة المخدرات، حين اختار ذات زيغ حضن الخمر والقنب الهندي والحشيش والاكستازي وكذلك الهيروين والكراك والمعجون وكل انواع المجون، ذلك الحضن الذي قربه كثيرا من دائرة ضيقة من رفقاء السوء وخريجي المؤسسات السجنية ومدارس الاجرام. فلكي يعلن لهم ولاءه، كان لا بد له أن يختار ذلك السبيل الحافل باللامبالاة ويستمتع معهم باللحظات العابرة للنشوة و الفرح ويرمي عنه ثوب التقوى و الورع الذي حاول أبواه الطيبان إسداله عليه دون جدوى.

ظل هنالك يندب حظه التعيس! فقد وجد نفسه وحيدا يجتر ألم العزلة و قد احتار كيف يتصرف؟ وكيف ينجو؟ وكيف يتّزن من جديد؟ وماذا يفعل في وجه هذه الفوضى التي غرق فيها حتى النهاية؟ من ينقذه من شعوره الموحي باللامعنى واللاجدوى والضياع؟

كانت الشمس تميل إلى المغيب و هو ما يزال على حاله تلك، كان يمنى النفس أن يلتفت إليه أحد.. أن يثير انتباه شخص ما ليشعره بانتمائه إلى هذا المجتمع، شخص يبدي تعاطفا ما معه. وحين بدا له أن الكل تجاهله، و أن لا احد اهتم لأمره، و أنهم باتوا يرونه كأية قمامة مكانها سلة المهملات.. وضع رأسه بين ركبتيه، و تزاحمت في خياله صور والده الراحل، و خطرت بباله نصائحه الثمينة التي طالما أسداها له دون أن يفكر في العمل بها ولو للحظة واحدة، تذكر يومه الأخير في هذه المدرسة التي يعتلي الآن سورها، و كيف طرد لأن المعلم ضبط في حقيبته فص حشيش، تذكر زملاء الفصل الذين كان يسرق أغراضهم ليعيد بيعها لشراء عبوة "سيليسيون"... تذكر كل شيء كان سببا فيما وصل إليه الآن. و حين فرغ من معاينة شريط ذكرياته على شاشة الخيال، رفع راسه إلى السماء ثم أجهش بالبكاء..


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات