نورالدين زاوش
حمل السيد "عبد المجيد تبون" قدَمه الاصطناعية التي نخرها داء كورونا، وطار بها إلى مصر ثم إلى سَلْطنة عُمان التي تبعد عن الجزائر بقرابة 6000 كلم، علّ ذلك يهون عن قلبه الرهيف من وطأة مشاهد "الرعب" التي صاحبت زيارة فخامة الرئيس "إيمانويل ماكرون" إلى المملكة المغربية الشريفة، وهو الذي لم يطق حتى أن يطيل وزير خارجيته "عطاف" في مصافحته لمحبوبه "ماكرون"، وبقية القصة يعرفها الجميع.
حتى ولو هرب "تبون" إلى كوكب زحل، وأخذ معه الشعب الجزائري قاطبة كي لا يشاهد عظمة المملكة المغربية التي طوَّعت أعظم الدول وأعتاها، فإن هذه المشاهد الخالدة ستلاحقه وتلاحق شعبه إلى زحل وأبعد من زحل؛ لتخبر الجميع أن رصاصة "العذاب" قد أُطلقت على نظام الكابرانات المتهالك، وأن قضية الصحراء المغربية قد صارت قطعة من الماضي، وأن "بومدين" لا رحمه الله، يبدو أنه بدل أن يضع الحجرة في حذاء المغرب وضعها في حذاء الجزائر.
ليس أعظم ما جاءت به الزيارة الرسمية لفخامة رئيس الجمهورية الفرنسية للمغرب اعترافها بمغربية الصحراء، فهذا تحصيل حاصل؛ ولا عشرات المشاريع الهامة بملايير الدولارات التي جاءت بها الزيارة، في مجال الأمن والدفاع والنقل والطاقات المتجددة والتنمية المستدامة وغيرها، ولا حتى اعتراف الرئيس "ماكرون" في البرلمان بأن المملكة المغربية الشريفة واحدة من أعرق المملكات في العالم، وهو يقدم بذلك درسا قاسيا في التاريخ لدولة نشأت قبل يومين؛ إنما الأعظم في هذه الزيارة هو مشاهد الحب الجارف والود الصادق والشوق الفياض التي رآها "ماكرون" في عيون الشعب المغربي اتجاه ملكه حينما ترجَّل جلالته من سيارته وهو يصافح مواطنيه الأوفياء بكل عفوية وتلقائية، وبدون تصنع أو تكلف.
من المؤكد أن هذه المشاهد الصادقة والنادرة والخالدة ستظل عالقة في ذاكرة السيد "ماكرون" حتى بعد أن يغادر قصر الإليزيه، وأنه حتما سيرويها لمن سيخلفه، وسيوصيه بأن قوة المملكة المغربية الشريفة ليس في البنيان أو العمران، وإنما في الحب الصادق وغير المشروط للشعب المغربي الأبي لملكه حفظه الله وأعزه، ورفع رايته وأعلى هامته، وأتم عليه نوره وأسدل عليه لباس الصحة والعافية.