الصادق بنعلال
أعلنت النيابة العامة المغربية أن سبب إيقاف السيد فؤاد عبد المومني، الناشط الحقوقي ومنسق الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين، يعود إلى الاشتباه في قيامه بأفعال "جرمية يعاقب عليها القانون"، وبصفة خاصة "التبليغ عن جريمة خيالية يعلم بعدم حدوثها، إلى جانب نشر أخبار زائفة عديدة"، وذلك إثر تفاعل المعني بالأمر، مع تدوينة ناشط مغربي آخر في حركة 20 فبراير حمزة محفوظ، التي جاءت على الشكل التالي:
"برافو حمزة، ولو أن الأزمة بين البلدين (فرنسا والمغرب) أعمق بكثير في تقديري من قضية بيكاسوس، فالدولة المغربية تريد إقناع مواطنيها بأنها ناجحة، وتريد كدليل على ذلك أنها قادرة على تمريغ القوة الاستعمارية والمتجبرة سابقا في الوحل. وفرنسا التي ترى موقعها يتقهقر بين الدول، لا ترضى الرضوخ لابتزاز دولة هزيلة تستعمل كافة أوراق الضغط المتاحة، بما فيها المهاجرون واستعادة القاصرين واللاقانونيين منهم، والمعلومة الأمنية، والمصالح الاقتصادية، وتعليق الاتفاقات ... وطبعا التجسس الذي تعتبر فرنسا أن أخطر ما فيه أن إسرائيل هي من تستغل معطياته".
لست في حاجة إلى "تحليل" هذا النص/المنشور، إذ أن محتواه لا يختلف كثيرا أو قليلا عن باقي الآراء والمواقف التي عبر عنها السيد فؤاد في عديد المناسبات، إزاء قضايا الدولة المغربية الحيوية، وتحديدا موضوع الوحدة الترابية، كما أن معجمه وتركيبه وأسلوبه، كل ذلك حافل بالنزعة العدوانية الممنهجة، مليء "بمسكوكات" وتعبيرات لغوية تنهل من معين الإعلام العسكري الجزائري، وبعض الصحف الغربية التي تنفخ في الصراع المغربي الجزائري بلا هوادة، وتعمل بفعالية غير محدودة لإشعال الحرائق بينهما.
ورغم قصر حجم التدوينة، إلا أنها مليئة بمفردات وصيغ "دالة" من قبيل: الدولة المغربية تريد إقناع مواطنيها.. - أنها قادرة على تمريغ القوة الاستعمارية.. تستعمل كافة أوراق الضغط – المهاجرون – استعادة القاصرين – المعلومة الأمنية – المصالح الاقتصادية – تعليق الاتفاقات – التجسس! إن كل من يقرأ هذا "النص" سيخرج بخلاصة بالغة الوضوح، هي أن صاحبها لا يمارس حرية التعبير عن الرأي كما هو متعارف عليه في الكتابات الإعلامية المسؤولة والجادة، فحرية التعبير عن الرأي حق يعلو ولا يعلى عليه، ونناضل كل في ميدانه من أجل أن يظل سليما معافى، بقدر ما يصطف إلى جانب خطاب العدو، وانطلاقا من اهتمامات صاحب هذه السطور بالمعطى السياسي الإقليمي والدولي، فإن التدوينة قيد "المعاينة" تتماهى بقدر كبير مع شكل ومضمون وكالة الأنباء العسكرية الجزائرية. لكل ذلك فضت أن يكون جوابي على "الخروج الإعلامي" للسيد فؤاد عبد المومني، الذي أكن له كل الاحترام والتقدير، تذكيرا بمقال آخر في نفس السياق، نشرته منذ أكثر من سنتين:
مازال السيد فؤاد عبد المومني مصرا وبقدر كبير من “الحماس الثوري” على تكرار أسطوانات السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي مثله مثل باقي أنصار “اليسار "الفلكلوري"! إن الصحراء الغربية المغربية مقدسة بالمفهوم الوطني أيها “الرفيق”، أما سبتة ومليلية والجزر التابعة لهما فهي أراض مغربية بالنسبة لكل المغاربة، والمطالبة بها لم ولن تتوقف، لكن من الانتحار المحقق فتح جبهات متعددة في نفس الوقت، اللهم إذا كان السيد فؤاد يشمت على منوال بعض أعداء الجزائر ودول أجنبية أخرى، بالمغرب ويسعى إلى وضع العصا في العجلة، استيقظ يا رفيقي من هذا النوم الذي طال أمده، قلنا في أكثر من مناسبة إن الصراع الذي كان ومازال بين الدولة المغربية وبين أدعياء “التقدمية الثورية”، الذين وجدوا أنفسهم وحيدين يواجهون طواحين الهواء بلا معنى، هذا الصراع شيء، والدفاع عن الوحدة الترابية كاملة غير منقوصة شيء آخر. كفى من “حرث البحر والرسم فوق الماء” بلا طائل.
إن الشعب المغربي ليس في حاجة إلى مواضيع جانبية غير مطابقة لواقعه من قبيل “عدم قدسية الصحراء “، بقدر حاجته إلى التعاطي مع قضاياه اليومية الملموسة: العدالة والحرية والكرامة والتعليم والصحة.. أما الصحراء الغربية المغربية فهي أقدس مقدسات الأمة المغربية، ولا مجال للتماهي فيها مع خطاب أعداء المملكة المغربية وليس الجمهورية المغربية التي طالما كان حلما "لليسار المتطرف". أدرك أن هكذا كلام لن يلقى قبولا عند السيد فؤاد عبد المومني، الذي لم يعمل للأسف على تحيين “أطروحاته الراديكالية” المثيرة للجدل والشفقة في الآن عينه، لكنني أذكر به لعل الذكرى تنفع بعض اليساريين الطوباويين الذين مازالوا “يحلمون في زمن الوهم”!
سعيد نزاطى
نصيحة
الاصطفاف إلى جانب العدو يعد خيانة عظمى للوطن .اتقوا الله فى وطنكم و فى انفسكم يا خونة