ملعب طنجة المونديالي يصل لمراحل متقدمة في الأشغال

رالي المغرب ينطلق من مراكش.. وجوهرة بناني ضمن الأبطال العالميين المشاركين

أجواء انطلاق أشغال المجلس الوطني لحزب الاستقلال

دورة ساخنة لجماعة طنجة وانتقادات حادة من المعارضة للرئيس الليموري

تفاصيل جديدة مثيرة في ملف "إسكوبار" الصحراء

قانون المسطرة المدنية يدفع المحامين للاعتصام باستئنافية البيضاء

السيدة فاطمة تعترف ( 2 )

السيدة فاطمة تعترف ( 2 )

الحسن بنونة

 

بعد أن عادت المياه إلى مجاريها في حياة السيدة فاطمة و عاد الدفء لأسرتها ، قررت أن تعمل على مساعدة من لهم مشاكل أسرية  ضمن الجمعية الاجتماعية التي كانت سببا في حل مشاكلها مع زوجها ، و اختارت لنفسها عملا - البحث عن من هم في أشد الحاجة للمساعدة -، و أول امرأة جلبتها للجمعية كانت جارتها سعاد التي تعاني  مع زوجها  مشاكل شتى  ، أدخلت السيدة فاطمة جارتها سعاد إلى الجمعية ، وعرفتها على الوسيطين ثم جلست بين نساء أخريات ، شرعت كل واحدة من هنّ تدلو بدلوها ومشكلاتها ، حتى وصل دور سعاد ، فكان البكاء أولا من السيدة سعاد ، وفاطمة تطالبها بالصبر و تعاهدها بحل كل مشكلاتها بإذن الله ، وتشجعها على التكلم ، شرعت السيدة سعاد بالكلام عن محنتها بعد الزواج مباشرة قائلة  : "بعد الزواج مباشرة أراد زوجي أن يوقفني عن العمل الذي أزواله في إحدى الشركات كمساعدة في مكتبها الإداري بعد أن كان موافقا على مزاولة عملي قبل الزواج وأيام الخطوبة ، حاولت إقناعه  بأننا في  أمس الحاجة إلى  راتبي حيث أن راتبه لم يكن يكفينا لسد كل حاجياتنا ، كان مترددا دائما ، يقبل ثم يعود ويطالبني بالخروج من عملي ، لا أدري هل هي الغيرة أم الخوف أم الإحساس بالنقص ؟ مرت سنتين ونحن بين المد والجزر في هذا الشأن ، اقتنع أخيرا أننا نحتاج إلى أجرتي كي نواكب مجريات الحياة والتي أصبحت عسيرة على كثير من الناس ، خاصة بعد ما رزقنا الله ولدا ، بعد الولادة بدأ ينام في غرفة أخرى بحجة أن الطفل يزعجه عن نومه ببكائه ليلا ، و بعد انتهاء فترة عطلة الولادة ضل ينام بعيدا عني رغم أنني عدت للعمل ، اعتدت أن آخذ ابني إلى حضانة الأطفال الرضع ، وعند عودتي إلى بيتي آخذ ابني و أحاول أن ألبي رغباته ورغبات أبيه ،ثم أرتب البيت وأنظفه ، زوجي لا يبالي فهو بعد خروجه من العمل يذهب ليلتقي بأصدقائه في إحدى مقاهي الحي ويضل هناك حتى ساعة متأخرة من الليل ، وعند عودته لا يسأل سوى على طعام العشاء و يريده بسرعة كي يدخن سيجارته ثم  ينام و يستريح من تعب يومه  ليستيقظ  باكرا للذهاب إلى عمله ، ناسيا أو متناسيا أنني أعمل طيلة النهار و أعمل على التوفيق بين عملي خارج المنزل وداخله كما أتحمل كل مستلزمات طفلنا  .و حين أحاول أن أفاتحه في هذا الموضوع كي نجد حلا متوافقا ينصفني به ، تجده يتهرب من كل المسؤوليات بحجج واهية ، مرت الأيام و لاحظت بعض التصرفات منه جعلتني أشك في وفائه لي ، فحين يرن هاتفه  وأنا بجانبه يخرج إلى باب المنزل ليتحدث بعيدا عنّي ،كما زاد تأخره عن المنزل ليلا ، حتى وتيرة  الرحلات مع أصدقائه زادت  ،لا... لا أستطيع ترقبه حتى لا أُفاجأ بشيء يقلقني و يزيد في تعكير حياتي، و اليوم أشعر بأن حياتي الأسرية تتذمر  و لا أستطيع إنقاذها .

طلب الوسيط من سعاد أن تعطيه رقم هاتف زوجها كي يتصل به ، لكنها أبت حتى لا يغضب منها ، لكن السيدة فاطمة اقترحت فكرة للوصول إلى زوج جارتها ، قالت : سأقوم بتهيئي حفلة شاي مصغرة  و سأسميها بمناسبة ما ، وسأستدعي جارتي وزوجها كي يحضرا  مع بعض أصدقائي ، أنتم المتواجدون بالقاعة مع الوسيطين طبعا ، و سأحكي عن قصة طلاقي كما عن الدور الذي قامت به الجمعية و الوسيطان لعودتي لزوجي وكيف نحيا الآن بتفاهم ودون مشاكل كبرى إلاّ بعض الّلمم  التي لا تدعو للقلق  . وزادت في كلامها سائلة ...ما رأيكم ؟  أجاب الوسيط :  نعم... فكرة هائلة ، ونحن سنعمل على إقناع زوج سعاد للحضور للجمعية حتى نتمكن من إيجاد أسباب الخلاف بينهما  وإصلاحها .

تمت حفلة الشاي كما خُطط لها و اقتنع زوج سعاد بعد تردد كبير لزيارة الجمعية ، و عند الموعد الذي اتفق عليه  دخل كريم زوج سعاد مع زوجته قاعة في الجمعية ووجد فيها الوسيطين ورجلين جاءا لنفس الغرض والسيدة فاطمة ، فأخذ أحد الرجال يحكي قصة كريم وكأنه هو المعني ، وكريم ينصت و بدون أدنى شك يقول في نفسه إن قصة هذا الرجل تشبه قصتي بشكل كبير و هو لا يعلم أن القصة قصته وأن الوسيطين سيطلبان منه أن يحكم على تصرفات الرجل. وحين وصل دوره ليتكلم امتنع عن الكلام قبل خروج الرجلان الموجودان فطالبا منهما الوسيطان فعل ذلك فخرجا ، قال كريم : إنني لا أجد مشكلة مع زوجتي و لا أظنها تجد مشكلة معي ، لكن حينما  استدعيتموني للحضور والتكلم عن حياتي الزوجية للاستفادة منها  في حفلة السيدة فاطمة جئت ولا أدري ما أقول ! . طلب منه الوسيط أن يعلق على ما حكاه الرجل الذي تكلم قبله أولا ثم يحكي قصته ، قال كريم : أرى أن الرجل تملص من واجبه  بعض الشيء في حق زوجته ، فلا يمكنها أن تعمل في البيت وخارجه دون أن يساعدها في بعض شؤون البيت والبنت لهما معا وليس للمرأة فقط فعليه أن يساعدها على الأقل في بعض الأحيان خاصة و أنها تعمل  خارج المنزل ، إنما الرجل رجل , يدخل البيت متى شاء ويخرج متى شاء أما المرأة فلها حرمتها تخرج للحاجة وتعود للبيت في وقت مبكر.

تدخلت الوسيطة سائلة كريم : وكيف سيعينها في شؤون المنزل إذا ما دخل الزوج  البيت متأخرا ؟ تمتم الرجل وقال لا أدري

قالت الوسيطة ، هو الفهم الخاطئ للأشياء ، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يخيط ثوبه و يكنس بيته ويعين أهله أليس هو من قال (( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم )) أجاب كريم : نعم ولكن الوقت تغير و زيادة على ذلك هو الرسول الكريم عليه أفضل الصلوات, أما نحن فبشر و موصفون بالنقص ، قالت الوسيطة : أليس هو قدوتنا ؟ قال  :نعم . قالت : هذه حجة عليك . فتدخل الوسيط بسرعة حتى لا يفهم أنه كان المعني و تنجح الخطة ، قال :  الآن احكي لنا قصة حياتك الزوجية لنستفد منها إن شاء الله ...سكت مليا كريم و هو في تفكير عميق ثم قال : لا أدري هل خططتم لي هذا أم ماذا؟ فقصة الرجل تشابه قصتي بشكل كبير ، فأنا لا أساعد زوجتي على أعمال البيت أو على التكفل ببعض حاجيات ابني العزيز ، أما التكلم في الهاتف بعيدا عن زوجتي لم يكن كما وصفه الرجل فأنا ليست لي أية علاقة خارج إطار الزوجية ، هذا راجع  لكوني لا أريد إزعاج ابني وهو نائم  في حضنها كما أغتنم الفرصة لتدخين سيجارة بعيدا عنه  حتى لا أؤذيه  ، قاطعته السيد فاطمة سائلة : ولما تؤذي نفسك إذن؟ أجاب : اليوم أصبح التدخين حراما بإجماع الفقهاء نظرا للضرر الناتج عنه ، لذا أنا سأقلع عنه بإذن الله سيدتي ،  و تأخري ليلا سببه بعض أصحابي ، و كيف ما كانت الواقعة ،  أهي حقا أردتم الاستفادة من حياتي أم خططتم لتنبيهي بما يجري في  حياتي الزوجية فأنا راض على ما قدمتموه لي من مساعدة حتى أُراجع نفسي فيما   كنت أجهله أو أتجاهله  . و أعد زوجتي في حضوركم أنني سأغير من سلوكي شيئا فشيئا و أطلب منها أن تساعدني على ذلك كما أن تسامحني على ما فرطت في جنبها من قبل .

السيدة فاطمة : وأنا بدوري سأطلب منك المسامحة ، فبعد ما  كان تدخل  الجمعية سببا في الإصلاح بيني و زوجي ،  أردت أن لا أفوت الفرصة للإصلاح بينك وبين زوجتك جارتي العزيزة  و هي حقا خطة وأنا منتجتها ، لكنني أقول لجارتي وعزيزتي ، لا تفرطين في هذا الرجل الذكي الفطن الذي شعر بخطتنا من أول وهلة ، إنه حقا رجل من الطينة الطيبة ، وكم من رجل أو امرأة من الطيبين ولكن عزة أنفسهم لا تترك لهم الفرصة  للبحث عن الإيجابيات التي توجد بداخلهم أو بنصفهم الثاني كما ينقصهم الموجه  و المرشد الذي ينير لهم الطريق .و شكرا لمن قال " بالحوار وليس إلاّ بالحوار يتفاهم الأحرار "


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات