يوسف يعكـوبي
على مرأى ومسمع من العالم أجمع؛ جاءت "مذبحة المنصة " فجر هذا السبت لـتَنْضاف إلى مسلسل المجازر والمذابح التي ارتكبها وزير الدفاع السيسي ومن ورائه وزارة الداخلية وقوات الأمن المصري, مدعومة من طرف بلطجية المعارضة؛ انطلاقاً من مجزرة الحرس الجمهوري وانتهاءً بقتل المتظاهرات في المنصورة, ومروراً بالأحداث الدموية في ميدان رمسيس, مما يدفعنا إلى التساؤل بقوة عن ما إذا كان الدم المصري قد أصبح رخيصاً ومُراقاً بهذه السهولة ؟ حيث تشير آخر الأنباء إلى سقوط أكثر من 150 قتيلا و 4 آلاف جريح في مجزرة محيط رابعة العدوية , فيما تزال الحصيلة مرشحة للارتفاع أكثر في القادم من الساعات.
يبدو أن الجيش المصري حينما أعلن أنه سيبدأ في نهج استراتيجية جديدة مع من وصفهم بـ"الإرهابيين", كان يَقصدُ من وراء ذلك هذه المجازر ومحاولات فض الاعتصامات السلمية بقوة السلاح, فهل ما شاهدناه من حشودٍ في مظاهرات الجمعة الأخيرة في ميدان التحرير والاتحادية تم اعتباره من طرف السيسي تفويضاً لقتل المعتصمين السلميين وارتكاب كل هذه المجازر بـبُرودة دم ؟؟! أم أنَّ الانقلاب العسكري قد انقلب على أصحابه كما ينقلبُ السحر على الساحر !!؟
تأتي كل هذه المستجدات على الشارع المصري في وقتٍ تشهد فيه البلاد موجة من الاحتقان السياسي وتخبُّطاً واضحاً في المشهد الراهن, مما دفعَ بالكثيرين إلى محاولة تجنيب مصر مأزق الحرب الأهلية وموجات العنف والعنف المضاد, وفي هذا الإطار؛ أطلق مؤخراً عدد من رجال الدين و السياسة والفكر والقانون المصريين مبادرة تهدف إلى إيجاد مخرج من الأزمة السياسية في مصر, كان من أهم بنودها إجراء انتخابات برلمانية خلال 60 يوماً وتفويض رئيس الوزراء السابق هشام قنديل صلاحيات الرئيس مرسي بموجب الدستور, ووقف كل أعمال العنف والتزام الجيش الحياد, بالإضافة إلى إنهاء الاعتصامات وإطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين.
لكن بالرغم من هذه المبادرة الأخيرة وجميع المبادرات الأخرى سواء من داخل مصر أو خارجها, يظهر جليّاً أن تعنُّت ومعاندة الجيش المصري لأي حل للأزمة الراهنة قد يقف عائقاً أمام محاولات رأب الصدع المصري, مما يثير الشكوك والتساؤلات حول مدى تحكم العسكر في مستقبل بلاد الفراعنة.