أحمد الدرداري
رغم استقلالية علم السياسة ورغم جهود علماء السياسة المتواصلة على المستوى المعرفي والتنظيري والمؤسساتي من أجل الإحاطة العلمية بالظواهر السياسية، فإن التطورات المتلاحقة في الحقل السياسي عززت الأزمة بسبب تعدد وتشعب نماذج السلوك السياسي وتداخلها وفوضويتها أحيانا، مما أثبت قصور التنظيرات السياسية في الإحاطة بكل الظواهر والسلوكات السياسية ورغم وجود الأحزاب كمؤسسات تعنى خصيصا بهذه الظواهر .
لذا فإن الأزمة تزداد بتعقيد الفهم لهذه الظواهر والإحاطة بإوالياتها ومن بينها إغفال البنى الاجتماعية التي تشكل وعاء التفاعل وربط السياسي بالاجتماعي ودراسة السلوكات السياسية ضمن أبعادهاالاجتماعية، فضروري الأخذ بعين الاعتبار الواقع الاجتماعي المتباين الخصوصيات دون إسقاط التنظيرات على المجتمع المتميز بالتحالفات والصراعات حول القوة داخل المجتمع، سياسية كانت أو اقتصادية أو ثقافية أو دينية بوجهيها الايجابي والسلبي، بالإضافة إلى المقتربات المواتية للدراسة والتحليل التي تناسب مواضيع من قبيل الاحزاب، العنف الاجتماعي، والنخب السياسية، والاصولية، والبيروقراطية، والمشاركة السياسية، وجماعات الضغط ...الخ بهدف تحقيق مستوى من الانضباط السياسي.
يقول موريس دوفرجيه بأن جميع العلوم الاجتماعية وجميع العلوم الانسانية تهتم على وجه ما بالحياة السياسية، وليس هناك ميدان خاص للمعرفة ينفردبه علم السياسة، بل إن جميع العلوم الاجتماعية والانسانية تتناول السياسة بواسطة فرع من فروعها على الأقل. وأن علم الاجتماع حسب بيار بورديو يعني أن المعرفة تكشف النقاب عن الصراعات والمصالح والرهانات...فهي معرفة تكشف عن الخفي وعن اللامعقول،بمعنى أنه علم نقدي ومزعج ويهدف إلى الوصول إلى حقيقةالمشاكل التي تتخبط فيها المجتمعات وتحديد الأسباب والبحث عن الحلول، لذا فإن هذا لا يرضي الذين يستمدون شرعيتهم من جهل وتخلف المجتمع، واستغلال الظروف المعقدة وتداخل النشاطات الإنسانية المختلفة، فهم ينتمون لنخب معينة ويخطئون التقدير والتصرف والممارسة ذات الضرر الواسع .
هذا ما يجعلنا نتساءل عن معنى النخبالحزبية وخصائصهاوقدراتها التواصلية والتعبيرية باعتبارها صفوة ؟ وما معنى النخب الحزبية ؟ وما هي أدوارها؟ وما هي العلاقة بين الثقافة السياسية والتنشئة السياسية والخطاب السياسي؟ وهل نقول نخبة أم نخب ؟ وهل النخب الحزبية (البرلمانية) فاعلة ؟ وماهي أسباب رداءة خطابها السياسي ؟ وهل حان الوقت لإيجاد مدونة للجنح السياسية والجرائم المرتبطة بالممارسة السياسية؟ وهل الأمن السياسي والقضاء السياسي أصبح ضروريا لمعالجة مخاطرالطيش السياسي؟.
ارتبط مصطلح النخبة بمجال الاقتصاد، حيث السلع التجارية تعني الأفضل، والأشياء تتميز بالجودة والرداءة، وكذلك الأفراد داخل المجتمع منهم العاديون والمميزون والمتفوقون، والنخبة هي مكون من مكونات المجتمع المدني، كما يستعمل مصطلح النخبة كمرادف للأقلية والفئة أحيانا والطبقة أحيانا أخرى، وعموما ترتبط النخبة بالقوة والمجتمع والسياسة كما توصل لذلك عدد من المفكرين في دراستهم للصفوة والوصول إلى السلطة عن طريق الصراعأو التنافس، وهذا مجال اهتمام علم الاجتماع السياسي.
وللنخبة مفهوم واسع ومدلول ضيق، وفي كتاب قانون الأقلية الحديدي لروبرت ميشلز بعد معاينته لواقع الأحزاب السياسية وغياب التعامل الديمقراطي داخلها، دفعه إلى التشاؤم حول قدرة الانسان على التمتع بحريته، وأثار شكوكا حول حقيقة وجود ديمقراطية داخل التنظيم الاجتماعي، فالنخبة بالنسبة له هي تلك الأقلية التي تتحكم بعناصر القوة داخل تنظيم ما .
ويرى رايت ميلز أن الصفوة ترتبط بالقدرة على التحكم بمواقع اتخاذ القرار وتحتكر مواقع قيادية في الاستراتيجية العامة، وهي نتاج للبناء المؤسساتي في الدولة، حيث درس الولايات المتحدة الامريكية التي تتحكم فيها ثلاث مؤسسات وهي مؤسسة الجيش والشركات الكبرى والجهاز السياسي، وعناصر النخبة لا يكونون مساندين بتشكيلات اجتماعية تدعم وجودهم في السلطة، والصراع النخبوي لا يكون بين أشخاص النخبة السياسية، بل بين ثلاث تشكيلات اجتماعية واسعة منها النخبة السياسية والنخبة الاقتصادية والنخبة الدينية ذات الامتداد الجماهيري المتدين سياسيا والمساندين لرجال الدين السياسيين في سلوكياتهم وطروحاتهم .
والصفوة أو النخبة تتميز بخصائص منها أنها عدديا تمثل أقلية، وتحتكر النفوذ أو القوة داخل المجتمع، ثم أنها تمتلك القدرة على إصدار القرارات السياسية أو قادرة على التأثير على من هم في موقع القرار، بالإضافة إلى أن النخبة السياسية ليست فردا بل جماعة لها امتداد جماهيري وتعبر عن مصالح قطاع معين .
وأفراد النخبة الحزبية يحضون باعتراف المجتمع ومتميزون عن غيرهم بالدينامية ويخضعون لحركية المجتمع وتوجهاته السياسية، والنخبة لا تعني تجانس أفرادها سياسيا وإيديولوجيا واقتصاديا بل تعيش صراعا داخليا وهذا يسمح بالقول بالنخب وليست نخبةواحدة، وسيطرتها تقوم على قدرتها على التنظيم وسهولة وسرعة الاتصال فيما بين أعضائها وتماسكها وعملها المشترك مما يجعلها تربط بين فلسفة النظام السياسي وطروحات الشعب بمختلف فئاته بتوضيح الصيغة السياسية الإيديولوجية والشرعية، وهذا يفترض فيها المهارة والقدرة على الموازنة بين الحكومة واستخدام مطالب الناخبين والمناورة للحفاظ على مكانتها داخل الطبقة الحاكمة بتبرير الممارسات الفعلية للحكم وإرسائها على مبدأ أخلاقي عام، وأي استغلال للمكانة بشكل خاطئيولد بالطبع ردة فعل مضادة، لذا فإن التنظيم الحزبي بقيادة منضبطة ومتحكمة يبقى هو الأصل لأنه يحد من الضغوط على القيادة، بل بالعكس نجد القيادة هي التي تضغط على أعضاء الحزب وتجعل المناضلين خاضعين لها، وتحد من السلوكات الطائشة وتسيطر على قنوات الاتصال مما يصعب معه خلع القيادة الحزبية مالم تكن هناك أحداث ضارة بموقف الحزب أو تكون هذه القيادة قد أخطأت الموقف من داخل النسق السياسي الكلي، لذا فإن الحفاظ على التوازن يتطلب دورة منتظمة لهذه النخبة وتسريعها يضمن التوازن والاستقرار بانضباط واعي ومسؤول، لكن هذا لا يتأتى إلا بتنشئة وثقافة سياسيتينتتحمل فيهما الأحزاب المسؤولية باعتبارها مدارس سياسية ومن أهم وظائفها التأطير والتكوين والتثقيف السياسي للنخب. فما معنى الثقافة والثقافة السياسية وما هي أبعادها؟
الثقافة هي المحيط العام للنسق الذي تتفاعل فيه التنشئة وتستمد منه مضمونها الاجتماعي والسياسي، وتشتمل الثقافة على المعرفة والعقائد والفن والاخلاق والقانون والعرف وكل القدرات والعادات الاخرى التي ينتجها المجتمع، وعليه فالشعور والسلوك والتفكير بين مجموعة من الأشخاص سواء كجماعة كبرى أو فرعية . والثقافة لا تكتسب بالوراثة بل عن طريق التعليم والتلقين والمعايشة، والثقافة السياسية هي ثقافة فرعية تتأثر بثقافة المجتمع الأشمل، وكل ممارسة سياسية متناقضة مع ثقافة المجتمع تنعت بالشاذة والمغتربة بل تكون غازية ثقافيا وحاملة لأفكار دخيلة يصعب تقبلها ويرفضها النسق العام بإرادة الأغلبية داخل المجتمع، فهي تفسر أنماط التعارض السياسي وعناصرها، وهي: التوجهات الخاصة بحل المشكلات بنزعة براغماتية أو نفعية أو عقلانية التوجهات نحو السلوك الجماعي كثقافة تهدفإلى التعاون والاندماج بين أفراد المجتمع أو تكون تناحرية انشقاقية ثم تحدد المواقف اتجاه النسق السياسي بتكريس الانضباط أم وقوف موقف اللامبالاةثم تبرز الثقة اتجاه الاشخاص الاخرين أو العكس .
وللثقافة السياسية ثلاث أبعاد وهي : بعد معرفي ويتعلق بالمعارف العامة حول النظام السياسي، وبعد عاطفي ويتعلق بالولاء الشخصي للزعماء والمؤسسات السياسية، ثم البعد التقييمي والذي يتضمن الأحكام القيمية حول الشأن السياسي، وكل هذا يعطي ثلاث أنماط للثقافة السياسية وهي: ثقافة سياسية رعوية وتستوعب الثقافات المحليةالقائمة على القرابة والعرف والدين وهي ثقافة ما قبل الثقافة السياسية المعاصرة والمجتمع الوطني وغالبا ما نجد هذا النوع في دول العالم الثالث، أما ثقافة الخضوع كنوع ثاني بالإضافة إلى ثقافة المشاركة كنوع ثالث فهما يسودان المجتمعات التي وصلت مرحلة الدولة الوطنية أو دولة المؤسسات، وللحفاظ على وجودها فإن كل هذه الثقافات تبلور تنشئة معينة للتعايش داخل المجتمع الواحد، واليوم نسائل الأحزاب عن آليات إنجاح المرحلة وكيف ؟
تعرف المرحلة تراجعا ملفتا في أدوار الأحزاب السياسية ويلاحظ عليها برودا غير مسبوق بالمقارنة مع مراحل سالفة وذلك مرده إلى عدة أسباب منها ما يلي :
شمولية الإصلاحات التي قامت بها الدولة والطريقة التي يشتغل بها جلالة الملك والتي تصدت للمعيقات وفق الأولويات وبشكل مكثف ومنذ اعتلائه العرش لم يترك لخطاب الأحزاب التقليدي دور مهم، حيث أصبح العمل هو المعيار وليس الكلام، وحتى الحكامة فياتخاذ القرارات أو في التدبير الجيد للشأن العام وفق مقاربة تشاركية وسع من عدد الفاعلين والأطراف، وهذا قلل من نسبة حضور الأحزاب السياسية في إدارة شؤون المجتمع وعن طريق آليات للفعل اعتمدت معايير حكماتية مثل الشفافية والمشروعية والمسؤولية وتوفير شروط تحقيق التنمية بأبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وهي طريقة اعتمدت منهجية تعدد المتدخلين وتنوع المرجعيات المعتمدة على أساس واحد هو التنمية الشاملة، وهذا قلص من احتجاج الأحزاب بل تآكلت وظائفها إذا استثنينا حضورها من داخل مؤسستي البرلمان والحكومة وبعض الأنشطة الوطنية والتي لا تخلو من ملاحظات، أما على المستوى المحلي فلا تظهر إلا وقت الانتخابات، مع العلم أن المهام المسندة للأحزاب مهمة وأساسية وكثيرة وطنيا ومحليا.
فالبرلماني المغربي اليوم وبالنظر إلى المهام المسندة إليه والامتيازات التي يتمتع بها بالإضافة إلى تحديات المرحلة تفترض أن تتكامل لديه هذه الثقافةالسياسية والدستورية لأنه عطاء الحزب ومنتوجه،ويمكنالفصل أوالتمييز بين أنواع النخب وتمثيلياتهاالمتعددة ووظائفها بحسب نوع النخب ومجال تخصصها نذكر منها :
نخبالتراب وتتكون من الولاة والعمالوهي نخبة إدارية كفؤة ومؤهلة وغير منتخبة ولا سياسية لكون هوية التراب من ثوابت الأمة والدولة ولا تقبل الاختلاف ، وتراعى معايير موحدة لتمثيلها شكلا تتجلى في الحياد لأن التراب لا لون له، ومضموناتتمثل في الكفاءة للنهوض بالاستراتيجية الوطنية ترابيا وتنفيذ القرارات الحكومية وخدمة المصالح المحلية للمواطنين بتشارك مع النخب المحلية المنتخبة والمدنية ... وتجسيد الطابع السيادي والرسمي للدولة.
نخب السياسية والتي يمثلها البرلمانيون والزعماء السياسيين والأطر الحزبية وهي هوية تعكس التنوع الحزبي والاختلاف الايديولوجي في إطار الدستور والقواعد والضوابط القانونية للعمل السياسي الوطني للمشاركة في الحكم ذي الطابع التعددي ، وهي أيضا ترتبط بوحدة النظام السياسي الملكي كثابت من ثوابت الأمة والوطن وكضامن لممارستهاالسياسية ومشاركتها في الحكم بالاحتكام إلى نتائج الاقتراع. وهنا نتساءل عما إذا كانت النخبة الحزبية تفعل دورها السياسي بما لا يتعارض مع روح الدستور والأعراف السياسية،وتحديد السلوك السياسي انطلاقا من المجتمع، والالتزام بالثقافة السياسية كواجب أخلاقي، والتكيف مع البيئة والحفاظ على الانتماء للحزب دون شخصنة الأفعال والتصرفات والسلوكات وبالتالي تفادي خدمة المصالح الشخصية باسم الدولة وباسم الديمقراطية وباسم الحزب وقواعد المشاركة في الحكم ...الخ. فالبرلمان سلطة مجتمع وليست سلطة برلمانيين، وقيمة ورمز، مما يتطلب تنشئة للنخب الحزبية وتلقينها قيم العمل البرلماني والقواسم المشتركة بين الحياة العامة والبرلمان وباقي المؤسسات وتفادي تنشآت اجتماعية متعارضة داخل المجتمع الواحد ومنه السلوك السياسي، واستقرار الثقافة السياسية حول مجموعة من الاتجاهات والقيم والمستويات وسمعة الوطن وكرامته والمشاعر نحو النظام السياسي وأدواره المختلفة والمستمر في أداء وظائفه الضرورية للحفاظ على وجود الجماعات والنظم ونقل الثقافة السياسية إلى النخب الصاعدة وإحداث تغيير في بنيات الأحزاب بتغيير النخب الحزبية الغير ملتزمة واعتماد تلقين رسمي للمعارف والقيم والسلوكات السياسية ورسم معالم الشخصية السياسية المطلوبة لإعادة توطين النموذج الأمثل لتزعم المجتمع وتمثيله والكلام بالنيابة عنه في منابر الدولة وفق المستجدات التي جاء بها الدستور .
إن القبيلة والأسرة والطائفة ما تزال تؤثر في تنشئة الشخصية السياسية ، وعليه ينبغي تفادي التعارض بين التنشئتين الاجتماعية والسياسية بتغيير وفصل مرتكزات التنشئتين، ذلك أن الأسرة والمؤسسات التعليمية والمؤسسات الدينية والرأي العام والأصدقاء هي قنوات غير مباشرة في التنشئة والتأطير السياسي، أما وسائل الإعلام أو المؤسسات الإعلامية والأحزاب السياسية فهي مؤسسات للتنشئة والتأطير السياسي المباشر، وعليه أصبحت التنشئة اليوم موضوع اهتمام العلماء ومراكز الأبحاث والدراسات في المجال الاجتماعي والسياسي، بحيث يتم التعرف على الثقافة السياسية للمواطنين وعلى درجة الترابط أو الانفصال بين المجتمع والنسق السياسي، وليست كل تنشئة سياسية تؤدي إلى تنمية سياسية، وبالتالي ترسيخ قيم الديمقراطية والتعايش السياسي، فطبيعة التنشئة السياسية ونوع التعليم واستقلالية وسائل الإعلام كلها مؤشرات على قيمتها ومعقوليتها، فهي إذا لم تنمي المواطن ولم تذكي لديه ملكات الإبداع والخلق والثقة بالنفس تحصد نتائج عكسية، لتبقى المسؤولية على عاتق المؤسسات التعليمية ووسائل الإعلام والمثقفين مهمة تحرير الطاقات بعيدا عن المصالح الضيقة أو المصالح الفئوية ذات العقلية المنغلقة، كما أن الأحزاب من خلال تأطير الرأي العام وتربية الاجيال تربية سياسية، وحسن إدارتها للقضايا وخضوعها للمراقبة، يجعلها تساهم في تكوين النخب وتحقيق الاندماج الاجتماعي المفقود، فلماذا وصل الخطاب السياسي حاليا إلى المستوى الرديء ؟.
إن من بين وظائف الأحزاب غير المباشرة هي تحسين القدرات التعبيرية والبلاغية في خطاباتها وتحاشي الإطناب أو الكلام النابي أو وصول حافة الخطاب بالاستهتار بالمؤسسات ونزع هيبتها وسوء استعمال العبارات، ذلك كله مؤشر علىتدهور قيمة الشأن العام كموضوع وتبخيس قيمة السياسي في المنظومة لأن أشكال التعبير الكثيرة والراقية تمنع وترفض أن يصبح الوطن لعبة في يد من لا يعرفون قدره ولا يلتفتون لا يمينا ولا شمالا، فالحرية المطلقة مفسدة مطلقة و تسييس كل شيء إفسادلكل شيء. إن الخطاب السياسي من ثوابت النسق السياسي سواء كانت الأحزاب في الأغلبية أو في المعارضة باعتبار التنشئة السياسية الناجحة تكسب الفرد حمولة ثقافية وفكرية تترجمها الممارسة الرصينة والمتزنة وهي بمثابة شرطي يراقب التصرفات والأفعال وردود الأفعال في مجال العمل السياسي والمشاركة السياسية والتعبير السياسي، فكيف يكون صاحب مثل هذا الخطاب المنحط ديبلوماسيا أسندت له مهمة التفاوض في قضية وطنية ؟ أكيد أن الخسران حليفه لأن التفاوض والحوار يتطلب الصبر والنظر إلى أبعد مستوى ممكن دون حساسية ودون تسرع أو ملل، بل معلوم أن الديبلوماسية البرلمانية هي منبر للدفاع عن القضايا الوطنية، مما يبين أن مستوى الخطاب لا يشرف للتواصل والحوار والتفاوض مع الأجنبي الذي يحاكي المستويات العالمية ، فالبرلماني الذي يريد أن يظهر على شاشة التلفاز وهو يبلغ رسالة إلى أسرته وأصدقائه.... أنه يفعل شيئا في قبة البرلمان دون أدب للدلالة على شجاعته وقوة مواجهته للخصم هو دليل على فشل وسوء النظرة إلى العمل التشريعي والاستعمال المفرط للحصانة .
إن الأحزاب اليوم مطالبة بمراجعة شاملة لوضعيتها وإعادة ترتيب أوراقها وتخليق أجوائها الداخليةودمقرطة بنيتها وإيجاد دليل لها والخروج من أزمة الحزبي والسياسي والديمقراطي لتثبيت مفهوم الحزب والسياسة والديمقراطية لأن بقاء وضعها على حاله سيؤدي إلى تخطيها بقدوم أحزاب بديلة وجديدة على الساحة وتتوفر على رؤية مواكبة ومنهجية علمية وخطاب وممارسة سياسيين خلاقين وبرامج ينسجها أطر متخصصة وذات بعد اجتماعي أكثر منه سياسي أو اقتصادي .