فريد أبي بكر
كلما اقترب الثامن من مارس إلا وكثر الحديث عن المرأة،انتصاراتها،انجازاتها،اخفاقاتها،مآسيها..وكل ذلك بغرض تكريمها والاحتفاء بها،إلا أنني سأنطلق من مسألة أعدّها جوهرية،وهي مسألة الاحتفاء في حد ذاتها. أليس عيد المرأة إقرارا بدونيتها في علاقتها بالرجل الذي يحتفظ بكل الأيام عيدا له؟ألا يزيد هذا من ترسيخ التمييز بين الجنسين وإن كان بدون وعي منا؟
إشكال آخر يُطرح،وهو أننا غالبا ما ننظر إلى حقوق المرأة في علاقتها بالرجل،بحيث نفسّر وضعها المأساوي و الذي لا يختلف كثيرا عن وضع الرجل،نفسره من خلال اتهامنا للرجل؛أي أننا ندافع عنها لكن ضد الرجل،وإذا كان الأمر كذلك فكيف يدافع عنها الرجل؟إنه ذاك المعذّب،العنيف،المغتصب،وهي تلك الوديعة، البريئة، المغلوب على أمرها.
ألسنا بهذه الطريقة نزيد من تعميق الصراع؟ فهما ليسا ظالمين معا ولا بريئين معا،والأنثى قبل النظر إليها باعتبارها أنثى هي إنسان،ومفهوم الانسان باعتباره شيئا كونيا نتقاسمه جميعا،يجبرنا على أن نحب المرأة ونحترمها،أو بمعنى أدق نحترم أنفسنا فيها.
يُقال إن مجتمعنا ذكوري،إذا كان صحيحا معنى ذلك أن التمييز لا يقوم سوى على اختزال المرأة في اللذة،هو مجتمع حيواني إذن لا زال لم يرق بعد إلى مرتبة الانسانية؛ ذلك أنه إذا كانت المرأة عبارة عن لذة فالرجل لن يكون أكثر من حيوان،ما لم يتحرر من سلطان الغريزة،ويتسلح بالعقل باعتباره ما يميز الانسان عن الحيوان.
لذلك فهذا الموضوع أقل ما يمكن أن يكشف لنا عليه،هو حقيقة نظرتنا للعقل؛إذ كلما قلّ اعتبارنا لقيمة العقل،زادت حيوانيتنا،بالتالي زاد معها تمييزنا للمرأة. إن الاختلاف الجنسي ليس أبدا معيارا للتفاضل،بقدر ما هو تأكيد لحاجة كل طرف للآخر؛ذلك أن كلاّ منهما يكتسي أهميته من خلال نقائص الآخر؛فالمرأة عالم نكتشف فيه ذواتنا ونعيش معها ضعفنا العاطفي باعتبارها مدرسة الاحساس،وهو ما يجعل من ضعفها قوة في المقابل.
لا يمكن أن أقدر أمي وأحتقر الأمهات وإلا فسأكون متناقضا مع نفسي،أحب أختي وأكره الأخوات،أحب زوجتي وأكره الزوجات،أحترم صديقتي وأسيء إلى الصديقات،وأيّ امرأة هي طبعا لا تقع خارج هذه النماذج.باختصار،خلق توازن وتعايش بين الجنسين يقتضي التفكير في لفظ "انسان".