زهير شباكو
تغمر الفرحة و السرور معظم المغاربة كلما اقترب حلول شهر رمضان "الأعظم". الكل مبتهج بفكرة التغير الجدري في نمط العيش عند المغاربة. تمتلئ المساجد عن آخرها و تغلق متاجر الخمور ويلبس المغرب ردائه الموسمي الطاهر. فيصبح القرآن ملجأ لإرضاء و تهدئة النفس و وسيلة لتأكيد الانتماء إلى مجتمع يقدس الدين في رمضان فحسب. فجأة تفتح كل المتاجر على رنين التلاوات القرآنية و تطفو الفئة الملقبة ب "عبادي رمضان" لتملأ المساجد عن آخرها.
لكن رمضان ليس شهر الرحمة و الغفران فقط كما عودتنا القنوات التلفزية والصحف الإخبارية. بل هو أيضا شهر العنف و الانفعال و قلت الصبر و الإجرام و النوم والقمار في الليل، حيث أن معظم المستشفيات تمتلئ بجميع أنواع الجروح التي قد تسفر عنها عراكات بدائية. يصبح الكل "مرمضن"، يهاجم بكل قواه العقلية و الجسدية لتدمير الآخر، وكأن هذا الأخير هو من أجبره على الصوم. تكثر عمليات النشل في الأسواق المكتظة، حتى صناديق الثمور تسرق في وضح النهار. يصبح النوم وسيلة ضرورية لإضاعة الوقت و ليس وسيلة للراحة البدنية أو العقلية. "كارط بلفلوس" هي الأخرة لها نصيبها من التقاليد و الطقوس الرمضانية في المجتمع المغربي. فالقمار طريقة تنتشر بين بعض المغاربة، خاصة تلك الفئة التي حرمت من لذة الخمر."كنجيبو سحور" تلك هي أعذارهم الواهية.
يجب أن لا نخفي هذه الحقائق مهما بلغت شدة مرارتها، فكلما حاولنا إخفائها كلما ازداد تعقيد حلها. يجب الاعتراف أن هناك خلل ما في الأعضاء المكونة للمجتمع المغربي. يجب الاعتراف أيضا أن إجبارية الصوم من الناحية القانونية و الاجتماعية قد تكون عاملا من العوامل التي تضغط على كاهل المغاربة. ليس الحل هو تكثيف الأمن لمدة لا تتراوح شهرا واحدا، كما لو أننا كلاب مفترسة في أمس الحاجة إلى الترويض، بل الحل هو عدم تدخل الدولة بين الخالق و المخلوق. "أو لّي قدر على رمضان إيصومو".
من خلال البحث الأكاديمي الذي أنجز حول أطروحة القيم و الممارسة الدينية بالمغرب أصبح جليا أنّ المغاربة يعتبرون أن الإفطار في رمضان أشد خطورة من عدم أداة فريضة الصلاة. 40 بالمئة من بينهم يصّنفون الصّيام في المقام الأول، في حين أن نسبة الذين يصنفون الصلاة في المقام الأول لا تتجاوز 19 بالمئة. يتجلى هذا التعلق الخاص بصيام رمضان إلى دوافع اجتماعية أكثر منها دينية. رغم أن الصوم يسقط أحيانًا و الصلاة لا تسقط أبدًا، إلا أن معظم المغاربة يفضلون الصيام عن الصلاة.
مادام رمضان في المغرب محاطا ببعض التقاليد و الأعراف و القوانين التي تحد من الحرية الفردية، لن تنخفض شدة "الترمضين" في هذا الشهر المفروض أن يكون شهر التسامح.