عبدالعالي طاشة
تشتكي بعض الفتيات و بعض الشبان الكثير من الفراغ العاطفي ,بسبب هوّة
عاطفية تنجم عادة من أجواء أسرية خانقة لا يجد فيها الشاب و الفتاة ملاذه الآمن
فيحاول أن يبحث عن المعوّضات التي تسد له هذا النقص ، أو تردم له تلك الهوّة .
ميل البعض إلى العم أو الخال أو الجد و الجدة ، يكون أحيانا بسبب هذا الفراغ ،
و تعلق بعض الصبايا من الفتيات برجال كبار في السن ، ربما يكون في أحد أسبابه
الإفتقاد للحنان الأبوي و العثور عليه عند غير الأب ...
و في الدراسات و البحوث الجنائية إتضح أن أحد أهم عوامل الجنوح إلى الجريمة
هو النقص الحاد في التغذية العاطفية للجاني ، كما تبين من دراسات إجتماعية
و نفسية أخرى أن رغبة بعض الطلبة من الشباب و الفتيات بالدروس الخصوصية
ليس عدم الإستيعاب في غرفة الدرس ، و إنما لعوامل غير مباشرة من بينها
الظمأ العاطفي الذي يعبر عن نفسه بأشكال مختلفة .
و الذي يغذي هذه العاطفة و يسدّ فراغهـــا :
_ قبلات الوالدين لأولادهم زَخَمٌ و شحنٌ عاطفي لا يستغنون عنه كما لا يستغنون
عن غذائهم و شرابهم ، و قد يصبرون على هذا لكنهم لا يصبرون على ذاك .
_ كلمات اللطف الأبوي و حنان الأم و العاطفة الرقيقة التي يعبر عنها بنبرة الصوت
العذب ، و الدفء الغامر ، لها من القوة المنشطة ما لا يجده الشبان و الفتيات
و الصبايا و الصبيان في أقوى المنشطات المتوفرة في الصيدليات على الإطلاق .
_ إحتضان الأبناء برفق ، و تقدير مشاعرهم بعمق ، و الإنتباه الى ما يجرحهم من
كلمات أو أفعال ، و إشعارهم أن البيت هو الملجأ ، و أن صدر الأم لا يعوض ، و أن
كتف الأب لا يستبدل , و أن جلسة حميمة تغدق فيها المشاعر على مصاب أو
منكوب أو جريح نفسيا , لهي مما لا يحصي ثوابه إلا الله فضلا عما تؤمّنه من
أمصال الوقاية من الإنهيار النفسي الذي يتعرض له المصاب بـ ( الفراغ العاطفي ).
بديهة إجتماعية و نفسية لابد من الإلتفات اليها :
ما لا أجده في بيتي و بين أسرتي ، سأبحث عنه خارجها ، و هذه بداية الطامّة أو
بداية التصدّع الأسري من الداخل حتى و إن بقيت الروابط الشكلية بين أفراد
الأسرة قائمة