حسن الفتحي
لا شك أن المتتبع العربي للشأن الرياضي بصفة عامة والمغربي منه على الخصوص، قد لاحظ تنامي ظاهرة "شاذة" جديدة كانت بالأمس القريب ذخيلة على الوسط الرياضي، حيث أضحت بعض الدول العربية الخليجية، أقول "الخليجية" تعمد صوب النزوح إلى تجنيس مجموعة من الرياضيين الأجانب، كما هو الحال في البحرين، وبصفة أكبر في قطر التي أصبحت تراهن عليه كحل أنجع وأسرع نحو التفوق والتألق الرياضيين...ظاهرة أضحت تطرح معها أكثر من علامة استفهام؟؟؟
_ما محل تكافئ الفرص بين الدول من الإعراب في خضم هذه الهجمة الخليجية -الثنائية- الشرسة نحو تجنيس أبطال رياضيين مرموقين أتبثوا جذارتهم مسبقاً، بعد أن تعمد إلى إغرائهم مادياً، ومن ثمة الرمي بهم في مضامير المنافسة بغية حصد معدن نفيس محسوم أمره، وحمل رايات لم يكن لها بالأمس القريب مكان على منصات التتويج...؟
_أين هو العدل الرياضي والمنافسة الشريفة حينما نرى دولا خليجية كانت مغمورة وأضحت في رمشة عين مشهورة بفضل مثل هؤلاء نجوم "مجنسين" لا ينتمون لها لا من قريب ولا من بعيد، اللهم بورقة التجنيس الحديثة العهد...؟
_أين نحن من تلك المصداقية والشفافية التي ما فتئت مختلف الإتحادات والهيئات الرياضية الدولية تتشدق بها في جُلّ منابرها الإعلامية؟ بل وتدعو إلى احترام "الروح الرياضية"... عن أي روح رياضية تتحدث؟ كيف لي أن أحترم رياضياً باع نفسه مقابل حفنة من المال ليترك بلده الأم ويشارك باسم دولة لا يجمعه معها لا دين ولا عقيدة ولا أعراف ولا عادات "ولا هم يحزنون"...؟
حقيقة وأنا أتابع بضع لقطات من مجريات الألعاب الأولمبية الآسيوية المقامة بكوريا الجنوبية "إنشون 2015"، شاهدت بكثير من الحسرة والأسى الممزوجين بالشفقة تفشي هذه الظاهرة المقيتة حتى صار علي من الصعوبة بمكان أن أتكهّن بنتيجة مسابقة فردية كانت أو جماعية...كيف لي أن أتكهّن وأنا أشاهد أسماء أجنبية من قبيل (جيمس، فردريك، سباستيان، كوني،جونيور...) تندرج ضمن قائمة المشاركين لتمثيل دولة عربية قصد التباري مع دول أخرى فضّلت المشاركة برياضيين محليي الصنع من أبناء جلدتها، إما احتراماً لأخلاقهم وعنفوانهم الرياضي الذي يُخجل تجنيسهم لبعض الرياضيين الأجانب، وإما ضيقاً لليد لشدة فقرهم وعوزهم ...بل إنه لعيب وعار أن أرى القائمين على الشأن الرياضي بهذه الدول الخليجية عِوَضَ أن يُزيحوا عمائمهم و"عَباياتهم الفضفاضة"، ويُشَّمِّروا عن سواعدهم ليطلقوا العنان لأدمغتهم الجامدة والجاحدة قصد استقطاب مُمَرّنين ومدربين وتقنيين بغية الرفع من إمكانيات رياضييهم المنتمين لهم أباً عن جد، أن يختاروا الحل الأسهل ويتجهوا نحو تجنيس رياضيين من فئة "خمس نجوم"، بينما هم يكتفون بالجلوس على الأرائك للإحتفال سلفاً بما سيحققونه لهم من إنجازات، وإلا لما كانوا أصلا قد بعثوا في طلب وِدّهم، بل إن الغريب في الأمر أنهم يتفاخرون فيما بينهم، حصدتُ كذا وكذا من المعدن النفيس بينما لم تحصل دولة كذا إلا على كذا من البرونز...يا لوقاحتهم، وكأني بهذه الدول المُجَنِّسَة تشتري ميداليات بمجرد شرائها لمثل هؤلاء الرياضيين، نقطة انتهى...أين هي إذن هذه المنافسة الرياضية الشريفة؟؟؟
دعونا نتكلم بصراحة "ونْخَلِّيوْ البِّساط أَحْمَدي" قد نتقبل رياضياً له جنسية مزدوجة بحكم جنسية والده من دولة وأمه من أخرى أن يلعب لإحداهما ثم يفضل اللعب للأخرى، هذا من حقه فكلا الدولتين ينتمي لهما بحكم الدم وأصل أبويه، كما أننا قد نتفهم رياضياً ترعرع منذ نشأته ونعومة أظافره بدولة أن يمثلها، وإن كانا أصل والداه من دولة أخرى بحكم النشأة والولادة...لكن أن تُقْدِم دولة على تجنيس رياضيٍّ أجنبي عنها وتجعله من أصحاب دارٍ لا صلة له بها لا من قريب ولا من بعيد، حتى إنه قد يكون لم يسمع بها قطّ في حياته، أو عرِفَ بموقعها على خريطة العالم، فهذا ضربٌ من العبثية والغش والتلاعب والتحايل المُقنّن... أقول مقنّناً كونَ هذا التجنيس يمر أمام مرأىً ومسمعٍ من المنتظم الرياضي الدولي، بل وبرعايته المباشرة بعد أن وضع له إطاراً "قانونياً؟؟؟" ضبابياً غير مبرَّر، ومن ثمة توجب على هذا الأخير أن يوقف دعمه اللامسؤول لمثل هكذا ممارسات لا أخلاقية، ويعيد الأمور إلى نصابها، هذا إن هو أراد الحفاظ على "الممارسة الرياضية الشريفة"، وإلا فإنه يضع نفسَه وبنفسِه في قفص الإتهام بالرشوة الرسمية والعلنية