ازدراء المرأة بين المقدس و الاجتهادي
ياسين كني
قبيل ارسال النبي محمد صلى الله عليه و آله و سلم بقليل، لتجديد دين التوحيد الواحد، في أواخر القرن السادس الميلادي نوقش في مجمع أوربي بفرنسا موضوع ماهية المرأة و هل هي انسان، و كانت النساء في مجتمعات كثيرة مجرد متاع تباع و تشترى و تورث، و لكنها كانت في مجتمعات أخرى تقدس و تعبد و تملك.
يعتبر محرفي الدين الواحد من يهود أولا ثم النصارى تبعا، أول من ازدرى المرأة بمفاهيم مقدسة، حيث أن المكانة الكبيرة التي نالها الرجل في مجتمعات اخرى كان اجتهادا بشريا و تطورا مجتمعيا بسبب مشاركته في الحروب و ضعف المرأة في هذا الميدان، و من قبل كانت المرأة ذات شأن اجتماعي كبير في مجتمعات فلاحية تحظى فيه المرأة بموقع الريادة، لكن اليهود و النصارى قدسوا فكرة ازدراء المرأة في كتبهم بعدما كانت الفكرة المقدسة تقدس المرأة و تحترمها.
كانت اليهودية التاريخية تعتبر المرأة نجاسة و سبب الخطيئة في العالم، و كرست ذلك في الكتب المقدسة جميعها، سواء منها أسفار الانبياء الكبار أو ما تلاهم من أسفار لصغار الانبياء و هو ما شكل فيما بعد ما سمي بالعهد القديم، بل و حتى في التلمود الذي يعتبر كتابا متأخرا نسبيا بالمقارنة مع العهد القديم، نجد مثلا في التلمود: "إن المرأة هي حقيبة مملوءة بالغائط"، وكما ورد فيه أيضًا: "يجب على الرجل ألا يمر بين امرأتين أو كلبين أو خنزيرين، كما لا يجب أن يسمح رجلان لامرأة أو كلب أو خنزير بالمرور بينهما".
جاء السيد المسيح عليه السلام ليصحح الدين، و لعل الثلاثي البشري الذي قامت عليه المسيحية يعكس مكانة المرأة في الدين، حيث اختار الله مريم البتول لتكون حاضنة لمعجزة انجاب نبي بلا أب، و اختار المسيح، و لعله بوحي، السيدة مريم المجدلية وريثة كنيسته، و تشير الدلائل غير المسيحية انها زوجته و كانت تحمل نسله و هربت ببطنها منه الى فرنسا و انجبت هناك فتاة و استمر نسلها الى اليوم بشكل سري خوفا من الكنيسة، اذن فهما سيدتان مقابل رجل واحد و احداهما ورثت سر النبي و أمنها على قيادة الكنيسة، لكن حواريي المسيح لم يرضهم أن تقودهم انثى فتىمروا عليها و لولا أنها هربت لقضي عليها، و هذه مكانة كبيرة للمرأة قام قسطنطين بطمسها و تفصيل دين على المقاس بالابقاء على الاناجيل الاربعة المستمرة الى اليوم مع بطاركة محرفين و قتل و نفي المخالفون، آريوس ابرزهم، و حرقت الاناجيل المشهورة و منها انجيل السيدة مريم المجدلية، المجدلية نفسها التي اعتبرتها الاناجيل مجرد شخصية عادية بدأت حياتها بزنى و انقدها المسيح و لا علاقة تجمع بينها، ليستمر الكرسي البطريركي و البابوي ممنوعا على النساء في الوقت الذي كانت فيه اول قائدة كنيسة بتعيين نبوي مسيحي امرأة. اذا أرادت المرأة الدفاع عن زوجها وحدث أن لمست عورة الآخر تقطع يدها بلا شفقة : سفر التثنية ، 12وَلَكِنْ لَسْتُ آذَنُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُعَلِّمَ وَلاَ تَتَسَلَّطَ عَلَى الرَّجُلِ، بَلْ تَكُونُ فِي سُكُوتٍ، 13لأَنَّ آدَمَ جُبِلَ أَوَّلاً ثُمَّ حَوَّاءُ، 14وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ لَكِنَّ الْمَرْأَةَ أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي،) تيموثاوس.
هكذا قدست فكرة المرأة اصل الشر و الخطيئة لتنضاف الى الافكار البشرية في ازدراء المرأة، و مع انتشار المسيحية في العالم انتشرت الفكرة و عمت حتى الأقاليم التي كانت تقدس المراة و تلك التي اعتبرتها في مصاف الآلهة.
يأتي الاسلام مرة اخرى و يحاول تجديد الدين و النظرة للمرأة فجعلها شقيقة للرجل، لكن و كما كان لليهودية و المسيحية محرفين للنص فقد جاء من المسلمين من كرس ازدراء المرأة، و لكن هذه المرة ليس بتحريف النص المحفوظ و لكن بافتراء تأويلات باطلة للنص.
الحضارة الغربية باعتبارها مزيج من الاجتهاد البشري و الفكر المقدس فإن ازدراءها للمرأة كرسته الثقافة الغربية بجعلها سلعة و اداة للربح، و لكن الجديد في الأمر أن هذا لم يكن ضدا على ارادتها بل بزرع ثقافة في وعيها تجعلها تسلع نفسها بنفسها، فأصبحت المرأة تهتم بجسدها اكثر من عقلها و روحها و تجعل مبلغ همها ذلك الجسد الذي يعرض ليجلب الرواج للسلع، استخدمت المرأ في رواج السلع الفكرية و الاعلامية و المادية على حد السواء برضاها و برغبة منها، و بما ان المغلوب يتبع الغالب فقد سلعت المرأة في العلام الاسلامي على النموذج الغربي و اعتبر هذا هو نموذج المرأة المتحررة بينما ظلت المراة التابع المستعبدة قائم بجانب نموذج المراة السلعة الذي روج انه تحرر.
إن انعتاق المرأة لا ياتي بالمقاربة الجندرية الجنسانية و مقاربة النوع، و لا يأتي بالمطالبة بالمساواة التي تكرس الاحساس بالدونية، بل ياتي باعتبار المراة انسانا و فقط له خصوصيته العامة باعتباره امرأة و له خصوصيات فردية باعتباره انسان لا يتكرر ككل انسان، و يأتي هذا إلا بتعليم المرأة و توعيتها حتى لا تكرس نماذج المراة التابعة للذكر و لا المرأة السلعة.
ايمان
أردت ان اعرف فقط هل اسم فرنسا كان موجودا قبل مجيء الرسول (ص)وهل كان موجودا في عهد المسيح عليه الصلاة والسلام،