محاربة كورونا، موعد مع التاريخ
المختار شعيب
عرف العالم منذ أواخر دجنبر من سنة 2019 وبداية السنة 2020، وباء خطيرا عبارة عن فيروس سمي بكورونا، أهلك هذا الفيروس عددا كبيرا من الناس عبر العالم ومن بينهم مواطنين مغاربة هنا بالمغرب وآخرون بالمهجر، من تم رفع ناقوس الخطر عندنا بالمغرب منذ يوم الجمعة 13 مارس 2020، وذلك بإجراءات استباقية لاحتواء هذا الوباء الذي جثم على أجساد عدد كبير من مواطني جل الدول، ومن ظاهره حمى ومخلفات وأثر صحي حرج متنقل بالعدوى السريعة، وزاد الأمر أن تبعته حمى التبضع التي سرت في العالم على عدة مستويات، مواد صحية ومواد تجارية، الأمر الذي خلق ترافعا ومواجهة نوعين من الكورونا: الأولى مرضية تتوسع جغرافيتها والأخرى جشعية وتبضعية، مما جعل كل الدول في مواجهتين لكورونيتين معا، كلاهما له خطره.
كل الدول اتخذت إجراءات تمنع شراء المواد الغذائية بكثرة، لكن ما يحز في النفس لأننا وجدنا المستهلك المغربية يتهافت بدوره وبشكل بشع على المنتوجات في الأسواق والمحلات والصيدليات، مما يوضح نوعية النرجسية التي وصلنا إليها، وحب البقاء الفردي والقبلي الحاضر فينا، وفرضية حضور مقولة أنا والباقي فليذهب إلى الجحيم، أليس من الواجب في هذه الأوضاع أن تتظافر الجهود، ويتم الانتصار لقيم الإنسانية، هي مرحلة ستمر بلا شك، لكنها بالأولوية تستوجب اليقظة والوقاية التي هي خير علاج، إذ يتوجب زرع الثقة في الناس وليس الهلع والخوف. هذا مع الإشارة أن الحكومة أعلنت رسميا أن الدولة ستوفر كل مايلزم المواطنين من مواد غذائية وأدوية وغير ذلك، وعلينا في هذه الحالة أن نكون في مستوى الوعي والمسؤولية، فالشارع غير ممنوع علينا، لكن الحماية هي المطلوبة منا، لكن للأسف بدل أن نرى في مثل هذه المواقف التي دعت إليها الدولة التآزر والتضامن وتقوية المناعة المعرفية والنفسية والتوعوية، نرى الاحتكار واستغلال الفرص، ورفع أثمنة السلع، والعصيان أحيانا.
من تداعيات المرحلة واحترازيتها تعليق التعليم إلى أجل إلى زمن غير مسمى قد يكون قريب وقد يأخذ شهورا أخرى، وهنا نستحضر حجم معاناة أولياء أمور التلاميذ نتيجة تعليق الدراسة خاصة على مستوى المدن؛ لأن أغلب الأمهات والآباء موظفون أو عمال أو لهم مشاريع تجارية وأبنائهم يقضون وقتهم في المدرسة، هذا التعليق الذي فسر لدى عدد كبير من الناس بالخطأ، فمنهم من ضن أنها عطلة مفتوحة إلى أجل غير مسمى وأعلنوا بسبق غير مبرر أن السنة الدراسية تمضي إلى سنة بيضاء، رغم أن الوزارة المعنية تعلن عبر إعلاناتها وعبر بلاغاتها أنها قررت توقيف الدراسة في المدارس والمؤسسات وليس توقيف الدروس فالأمر لا يتعلق بعطلة دراسية مما يعني أن الدروس ستستمر بالنسبة لجميع المستويات والفصول الخاصة بالكليات والمعاهد عبر تقنية التعليم عن بعد بكل التقنيات المتاحة لتحقيق الأمر.
شخصيا أرى أن محاولة المغرب الاستباقية والاحترازية والاحتياطية هي استفادة مشهودة من تجارب بعض الدول، كما نلاحظ أن مؤسسات الدولة تحاول بين الفينة والأخرى طمأنة المواطنين وإن لم يفلح رئيس الحكومة في تحقيق ذلك المطلب بسبب عدم قدرته على التواصل، وهنا نشير أننا لاحظنا ذلك في ارتجاليته وفي حواره التلفزي غير مقنع والذي لم يكن في مستوى المنتظرات، مع العلم أن الكل يعلم الوضع الصعب والذي يفترض الحيطة والحذر واتباع كل إرشادات الجهات المعنية التي لها مهمة تقديم خدماتها التوعوية ومنها الابتعاد عن الإشاعات والأكاذيب والالتزام بعدم الخروج من المنزل إلى للضرورة الملحة.
هنا لابد من التأكيد أن المنظمة العالمية للصحة اعتبرت فيروس كورونا وباءا عالميا مما يتطلب منا الوقاية والعلاج وعلى الأقل تجنب التجمعات، وتتبع التعليمات ومنها مداومة النظافة وإتباع إرشادات الجهات المسؤولة كوزارة الصحة، في هذه الظرفية المغاربة بمختلف جنسهم وسنهم مطالبون بإعادة ملحمة المسيرة الخضراء، من خلال إظهار "تمغربيت" المتجلية في التضامن والتكافل والمساعدة، مع العلم أن الدولة من واجبها حماية مواطنها، كما أنه من واجب المواطن الاستجابة لتوصيات المرحلة وليس تكسيرها إذ لاحظنا أن هناك نداء لإغلاق المساجد كإجراء احترازي لكن بعض المواطنين يصلون جماعية ضد القرار وأمام المساجد، فلماذا هذا العصيان، مع العلم أم الدين يقول ولا تلقوا بأنفسكم إلى التهلكة.