أشغال دورة شهر أكتوبر لمجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة

الطير: التعادل أمام الجيش مكانش ساهل المهم دابا التفكير في المباراة القادمة

"ريان أزواغ" أصغر حارس في البطولة الوطنية: أنا حامل لكتاب الله وحلمي نوصل بعيد

بنهاشم يبرر أسباب الهزيمة أمام الرجاء

بن ونيس: اللاعبين الجدد غير جاهزين هدفنا العصبة الأفريقية هذه السنة

هذا ما قاله مدرب الرجاء بعد الفوز الثالث على التوالي

كفى تهميشا للدكاترة

كفى تهميشا للدكاترة

ابراهيم دشيري

 

        اختارت الحكومة المغربية منذ سنة 2001 أن تشغل الدكاترة  وحاملي دبلوم الدراسات العليا في الثانوي التأهيلي ، بعد أن عجزت عن الوفاء بوعدها بتشغيلهم في ما كان يسمى سابقا بمراكز تكوين المعلمات والمعلمين،  لكن ألم تتساءل الحكومة اليوم ماذا استفادت من تقزيم دورالدكاترة؟ نعم سيكون عطاؤهم في الثانوي التأهيلي متميزا نظرا لسعة اطلاعهم وعمق تكوينهم، لكن أليس يلاحظ أن الدور المناسب لهم ينبغي أن يكون أكبر من هذه المهمة التي هي أصلا مخصصة لحامل الإجازة وهو جدير بها وقادر على أن يؤديها حق أدائها. ثم أليس يلاحظ  أن الدكاترة في الثانوي سيبقون حبيسي أفكار ومبادئ أولية بعيدا عن البحث والندوات والحوارات العلمية ،ودون مراعاة طموحاتهم العلمية ومشاريعهم البحثية بعيدا عن الكليات والخزائن والمكتبات ودون منحهم وقتا خاصا بالبحث العلمي.

      إن المكان المناسب لحامل الدكتوراه هو التدريس في الجامعة كما هو المعمول به في  الجزائر وغيرها من الدول، وإذا كان مصيرالدكتور هو التدريس بالثانوي فهلا تساءلنا لماذا يضيع سنوات عديدة من عمره بعد الإجازة في الدراسات العليا والبحث العلمي،ولماذا تهدر الدولة ميزانية مهمة من أجل تكوينه،ويهدر هو نفسه ميزانية مهمة من أجل تحمل تكاليف الدراسة والبحث العلمي،  فأنا مثلا حصلت على الإجازة سنة 1991 وتابعت دراستي العليا بكلية الآداب بالرباط من سنة 1991 إلى سنة 1998 كانت حصيلتها الحصول على دبلوم الدراسات المعمقة (DEA)ودبلوم الدراسات العليا(DES) ،وفي سنة 2005 سجلت دكتوراه في التواصل وتحليل الخطاب تحت إشراف الأستاذ الجليل الدكتور محمد الحاتمي بكلية الآداب جامعة ابن زهر بأكادير وناقشتها سنة 2011 ليبلغ مجموع السنوات التي قضيتها في التكوين والبحث العلمي بعد الإجازة مايقارب ثلاث عشرة سنة .

      ولابد من الإشارة إلى أنه في بلدنا المغرب يحظى دكتور في الطب والأسنان والصيدلة بكثير من الاحترام والاعتبار، ويحظى بالعديد من التعويضات والإمتيازات المادية والمعنوية ،بينما دكتور في العلوم البحتة أو العلوم الإنسانية لايحظى حتى بأقل القليل من ذلك، وهذا تبخيس للدكتوراه في بلد يسعى إلى النهوض وتحقيق التنمية، وكيف تتم التنمية  مع تجميد دور الكفاءات ، وتبخيس الشهادات العليا ،ووضع الدكاترة  في المكان غير المناسب لمؤهلاتهم وقدراتهم . 

وأنا هنا لاأمارس مزايدات أو شيء من هذا القبيل، وإنما هي مقارنة لإبراز الحقيقة والكشف عن الحيف والتهميش اللذين تعاني منهما  فئة الدكاترة وحملة دبلوم الدراسات العليا .

وقد سبق للأستاذ الكنيدري حين كان وزيرا أن اعترف بالحيف الذي طال فئة الحاصلين على دبلوم الدراسات العليا، وسمى هذه الفئة بضحايا الإصلاح الجامعي  الذين حرموا من التدريس في  الجامعات، وحرموا أيضا من تسجيل دكتوراه الدولة. وفرض عليهم قسرا تقبل الوضع بما فيه من سلبيات انعكست عليهم أجمعين. وبعد مجموعة من الاعتصامات كانت قد  دشنتها مجموعة 314 ،قامت الحكومة  سنة 2001 بتنظيم مباريات انتقائية من أجل توظيف الدكاترة وحملة ددع في وزارات مختلفة كالعدل والأوقاف والتربية ..وساقني قدري لأكون مع الإخوة الذين اختارتهم الحكومة للتدريس في مراكز مهن التربية والتكوين التي كانت تسمى آنذاك بمراكز تكوين المعلمات والمعلمين كما أسلفنا ، وقد كان مندوب وزارة التربية المكلف بإجراء المباريات الانتقائية يؤكد للمتبارين بأنهم لن يوظفوا في الإبتدائي ولا الإعدادي ولا الثانوي التأهيلي، لأن هذه الأسلاك لاتناسب مستواهم العلمي، بل سيوظفون للتدريس في المراكز المذكورة  التي تختص بتكوين الطلبة الحاصلين على الباكالوريا ، وقد أكد لي هذا شخصيا  حينما كان بصدد مناقشتي أثناء المباراة، وأذكر أن من بين الأسئلة التي وجهت لنا (ماذا تستطيع تقديمه للطلبة المعلمين معرفيا ومنهجيا؟).

     ومما لاشك فيه أن كل الإخوان اغتبطوا بهذه المهمة ، وهي وإن كانت أنذاك لاترقى إلى مستوى ماكنا نطمح إليه من تدريس في الجامعة ، ومتابعة للبحث العلمي وتأطير الطلبة الجامعيين ،إلا أنها كانت تنم عن شيء غير قليل  من التكريم والاعتراف لهذه الفئة برأسمالها الرمزي ومستواها العلمي.  لكن عندما علم الأساتذة الذين كانوا يدرسون  بتلك المراكز بهذا القرارلم يرحبوا به ،لأنهم بالطبع لم يقبلوا الرجوع للتدريس بالأسلاك التعليمية التي جاؤوا منها ، فقاموا بالاحتجاج باعتبار أنهم قدموا تضحيات ثمينة لهذه المراكز ، فساندتهم بعض النقابات مساندة قوية،  فما كان من الوزارة إلا أن غيرت قرارها، وتخلت عن تكريمها النوعي  لنا ، وانتبه الإخوان من هذا الحلم الجميل ليجدوا أنفسهم قد قذفوا إلى أقصى الجنوب ليمارسوا التدريس في ثانويات تأهيلية ،في قرى ومناطق مهمشة ، أنا شخصيا عينت في ثانوية المنصور الذهبي بأقا نيابة طاطا حيث الحرارة قد تصل إلى  خمسين درجة،  والريح العاصف قلما يكف عن العويل .

      لقد عانى ملف الدكاترة من عدم وفاء الحكومة بوعودها أكثر من مرة، فبعد أن تم إجهاض الإتفاق على الحل الشامل لتغيير وضعية الدكاترة من إطار أستاذ الثانوي التأهيلي إلى إطار أستاذ باحث في مراكز مهن التربية والتكوين عبر أربع مباريات، وضعت الحكومة  ملف الدكاترة في دهاليز التهميش والنسيان ، غير مبالية بما يلحق هذه الفئة من حيف وتبخيس.  

      وليس من باب الدعاية أن نشير إلى الخطوة الإيجابية التي قام بها مؤخرا حزب الاتحاد الدستوري حين أقدم عل فتح هذا الملف بتقديمه لمقترح النظام الأساسي الخاص بدكاترة الوظيفة العمومية لكن نأسف كثيرا لإجهاض هذه الخطوة من طرف الحكومة، وكان الذي أبلى البلاء الحسن في هذا الإجهاض هو وزير الوظيفة العمومية، ونأسف أيضا على كون هذا المقترح لم يجد سندا ولامؤازرة من طرف الأحزاب الأخرى، مما يدل على البؤس الذي أصبح يعيشه المشهد الحزبي بالمغرب ، إذ أصبح يقصي من انشغالاته واهتماماته الدفاع عن القضايا الكبرى للأمة المغربية ومن أهمها  قضية الدكاترة الذين من المفترض أنهم هم من ينبغي أن يقود قاطرة الإصلاح والتنمية.

         إن المرتبة التي يحتلها المغرب في البحث العلمي ، والرداءة التي أصبحت تهيمن على البنى الفكرية والثقافية والعلمية، والتخلف الذي صار يطبع الحياة العامة، كل ذلك يقول للحكومة بلسان الحال :  "كفى تهميشا للدكاترة، وكفى تقزيما لدورهم، وكفى استغلالا لهم كأساتذة عرضيين بالكليات".

 ومن هنا نتساءل إلى متى  تستمر الحكومة في تعنتها وتجاهلها وتهميشها لقضية الدكاترة ،ونحن في زمن تتنافس فيه الدول على التسابق في ميدان البحث العلمي،واستثمار الأطر والكفاءات ؟

 

 


عدد التعليقات (7 تعليق)

1

abdo

kalmk fyh y ny9ach

dakatyra ystahlo kola khyr..mi fyhom limkwnun mzn wfyhom limysth9o i9ryw hta f btydaey hyt khawyn m3rfyan...wnta kat9ry f ljanob wch dk nas mysthloch y9raw..khsak teady lwjyb dyalak fyma t3ynty..wsaraha khas dwla tkhlas dakatyra bhal jami3a

2015/06/07 - 08:23
2

دكتورة

أحس بالاهانة

شكرا لك على هذا المقال المفيد. لقد أصبحت محبطة و غير واثقة من جدية المسؤولين في حل هذا المشكل الذي لم يعد يطاق, في بلدي, تهدر الطاقات مجانا’ ,أحس بانعدام القيمة. الان, علمت لماذا كتب مصطفى حجازي " الانسان المهدور",

2015/06/08 - 05:27
3

ابراهيم دشيري

شكرا على التعليق

الى الأخ صاحب التعليق الأول : أشكرك أخي أولا لغيرتك على المستوى الذي ينبغي أن يكون عليه الدكاترة، وثانيا لغيرتك على مسألة أداء الواجب في المناطق الجنوبية ،واسمح لي أن اوضح لك انني قضيت فقط سنتين في الجنوب (أقا ) ثم انتقلت الى مدينة ابزو (لقليم ازيلال) فقضيت بها اربع سنوات ثم انتقلت الى مدينة سوق السبت فقضيت بها اربع سنوات اخرى ثم انتقلت الى مدينة سيدي جابر وقضيت بها لحد الآن اربع سنوات ، وكل هذه الانتقالات كما ترى من اجل الاقتراب من المكتبات والكليات ، والبحث عن الظروف الملائمة للبحث العلمي .وأنا أشااطرك الرأي في كون أهل الجنوب يستحقون كل خير ، فما رأينا منهم إلا الخير ووددنا لو قضينا العمر كله بينهم فتلامذتهم نجباء ومتخلقون ومتحمسون للدراسة.

2015/06/08 - 03:17
4

ابراهيم دشيري

شكرا على التعليق

الى صاحبة التعليق الثاني: اشكرك دكتورة على تعليقك الذي اثار في نفسي اسئلة كثيرة اهمها ماذا يستفيد المسؤولون من تهميش الدكاترة ؟ ولماذا الاحزاب بدورها (ماعدا حزب الاتحاد الدستوري) تتعامل مع ملف الدكاترة باللامبالاة ؟ لكن مهما يكن اختي الكريمة فينبغي أن لانترك الإحباط يتسرب الى نفوسنا بل ينبغي ان نتسلح بالأمل فمهما طال ليل الظلام لابد من صبح جديد .،

2015/06/08 - 03:36
5

عبد العالي

دعم ومساندة

مهما طال ليل الظلام لابد من صبح جديد أعانكم الله أخي في ما تطمحون إليهم وما هو إلا حقكم الذي كافحتم من أجل واجتهدتم من أجل الوصول إليه بارك الله فيكم، والله المستعان

2015/06/09 - 05:24
6

ابراهيم دشيري

شكر وعرفان

نشكرك أخي عبد العالي على إحساسك الصادق ومشاعرك النبيلة ،وقد سعدت أخي الكريم بتعليقك ودعمك ومساندتك لملفنا، وإن لساني ليعجز عن التعبير عما شعرت به نحوك من الاحترام والتقدير وقد قال الشاعر: ولو أنني أوتيت كل بلاغة وأفنيت بحر النطق في النظم والنثر لما كنت بعد القول إلا مقصرا ومعترفا بالعجز عن واجب الشكر تمنياتي الصادقة ،ودعواتي الخالصة لك بالنجاح والتوفيق لكل مافيه الخير .

2015/06/09 - 10:24
7

طالب باحث

شكر

الدكتور إبراهيم الدشيري لا يسعني إلا أن أشكركم على نشركم لهذا المقال الذي سلطتم فيه الضوء على قضية دكاترة التعليم المدرسي من زوايا متعددة (اجتماعية...)، وهو ماينم عن غيرتكم على هذا الملف وعلى هذه الفئة التي أفنت زهرة شبابها في الدراسة والتحصيل. وهو مقال من شأنه أن يعيد هذا الموضوع الذي يستحق كل الاهتمام إلى النقاش. وفعلا، فإن هذه الفئة، كما ذكرتم، هي فئة متضررة لأنها تعاني من التهميش والإقصاء. ونرجو من الله أن تتوفر لدى المسؤولين الإرادة السياسية لحل هذا الملف وإنصاف دكاترة التعليم المدرسي والوظيفة العمومية بشكل عام.

2015/06/11 - 05:22
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات