هشام بنوشن
في أوقات الذروة في مدينة الدار البيضاء يصبح الحصول على وسيلة نقل إلى العمل أو للعودة إلى المنزل كمن يبحث عن إبرة في كومة قش و ما يزيد الطين بلة هو طريقة تهافت المواطنين على وسائل النقل هذه ؛ تدافع بالأيدي و ركض في كل الاتجاهات و الكل في عجلة من أمره,منظر يشبه منظر الحشر كما تصوره الكتب الدينية. ليس هناك احترام لعجوز و لا لإمرة و لا لذوي الاحتياجات الخاصة,كل شيء يصبح مباحا من أجل الحصول على مكان في حافلة أو سيارة أجرة؛ لا مكان للتسامح أو الإيثار, الكل يقول "راسي يا راسي" دون احترام للأخر و حقوقه.
يا ترى لماذا كل هذه الهمجية و العجلة و عدم احترام الغير, ماذا سيقع لو اصطففنا في صف و بنظام و انتظرنا وسيلة نقل, هل هذا ينقص منا في شيء, ماذا سيحدث إذا أعطينا الأولوية لكبار السن و النساء و الأطفال. لماذا كل هذه الأنانية و ديننا الحنيف ينادي بالإيثار و حب الأخر و معاملته معاملة حسنة.
لماذا كل هذه العجلة و التسرع رغم أن لدينا حكمة تقول "في التأني السلامة و في العجلة الندامة",لماذا لا نحترم الأخر و نعطيه الأولوية, ماذا سيحدث لو تأخرنا عن الوصول إلى البيت نصف ساعة,هل هذا يعتبر كارثة في نظركم.
يجب إعادة النظر في بعض العادات السيئة التي أصبحت متفشية في صفوف مجتمعنا و يجب إصلاح ما يمكن إصلاحه قبل فوات الأوان؛ وعلى الأسرة أن تعود إلى تأدية دورها التربوي و أن تزرع في أفرادها مبادئ الإيثار و احترام الآخر و التسامح, و على المدرسة أن تقوم بالمهام المنوط بها في تربية النشء على الأخلاق الحسنة و حب الآخر و التضحية من اجله.
كل ما يمكن قوله هو أن المجتمع المغربي أصبح عدوانيا و يميل إلى الفر دانية و الأنانية و بدأ يفقد مميزاته المتمثلة في التضامن و التكافل و تقديم الآخرين على أنفسنا و ما إلى ذلك من أخلاق حميدة.
نعم و أقولها بصراحة و اعتذر عن دلك؛ لقد أصبحنا مجتمعا همجيا و متوحشا إلى أبعد الحدود, وان لم تصدقوني فنظرة خاطفة على محطات الحافلات و سيارات الأجرة و حتى القطارات في أوقات الذروة أو قراءة عناوين جريدة مليئة بالجرائم ستثبت لكم صحة ما أقول.