هشام بنوشن
انتهى مهرجان موازين كما بدأ على إيقاع العري ملخصا بذلك الوضعية المتأزمة التي يعرفها المغرب,و انتهى معه السجال بين المؤيدين له و المعارضين,كل يحاول إقناع الشعب بصحة موقفه و ستبدأ الآلة الإعلامية بالبحث عن موضوع أخر لتلهي به الناس و تشتت أنظارهم عما يجب أن يفكروا فيه و يبحثوا عنه.
و قبل ذلك استنفد بن كيران و شباط كل ما بجعبتهما من قفشات و شطحات و أخدا حقهما أكثر من اللازم في الساحة الإعلامية و لذا وجب عليهما إخلاء هذه الساحة استعدادا لقادم مجهول ليستأثر من جديد بأنظار المواطنين و لينسيهم همومهم الحقيقية.
لقد تم وضع الآلة الإعلامية بيد مجموعة من المبتدئين الذين لا ثقافة وطنية و لا خبرة لهم,همهم الوحيد نشر ثقافة هابطة تغرق المتلقي في جهل يتراكم فوق الجهل الغارق فيه أساسا,فأتجه المجتمع بكل مكوناته إلى الحضيض على جميع الأصعدة من الإنتاج الفكري إلى الإنتاج الفني إلى السياسة و الاقتصاد و التعليم و حتى لغة الشارع أصبحت بذيئة و مليئة بالشتائم و التهديد و الوعيد.
لقد سئم المواطن من هذه المسرحيات "الباسلة" التي تلعب أمامه دون ادني احترام لذكائه,مسرحيات تسعى إلى استحماره و جعله مجرد أبله لا يفرق بين الصالح و الطالح.
يجب على الدولة أن تغير من رؤيتها للمواطن فهو لم يعد ذلك الشخص الغبي و الساذج الذي يصدق كل شيء دون تمحيص. المواطن المغربي أصبح يفرق بين الحقائق و الأكاذيب التي يحاول البعض تمريرها عليه, أصبح يعرف ماذا يريد و كيف يحصل عليه.
على الدولة أن تسعى إلى مناقشة الأمور التي تهم المواطن و تشركه في النقاش للوصول إلى حلول المشاكل التي يعرفها المغرب و ليس إلى تحويل أنظاره نحو مواضيع تافهة لا تقدم و لا تؤخر شيئا بل تسهم في تكوين مواطن كسول غير منتج و غشاش و انتهازي ذو شخصية ضعيفة يستسلم بسرعة إمام أول مشكل أو إغراء.
من واجب الدولة أن تسهم في تكوين مواطنيها بشتى الطرق و أنجعها و إلا ستكون أول ضحية لهذا المواطن عندما تغلق جميع المنافذ أمامه.
يبقى المواطن المغربي ضحية للبيئة التي يعيش فيها أو التي أريد له أن يعيش فيها تتقاذفه الأمواج بين مد و جزر, يبقى مجرد فأر تجارب في نظر الدولة التي تأتي كل مرة بحلول مستوردة لتطبقها عليه دون مراعاة لخصوصياته.
و لكن يبقى الأمل كبيرا في هذا الشعب المعطاء و المناضل ليتحمل مسؤولياته و يمضي قدما في طريق التغيير الذي تنشده الجماهير و الذي سيحقق من خلاله أحلام الملايين من الفقراء و المحرومين.