هل سيتمكن الأساتذة من تدارك الزمن المدرسي الضائع؟!

هل سيتمكن الأساتذة من تدارك الزمن المدرسي الضائع؟!

أخبارنا المغربية

بقلم: إسماعيل الحلوتي

يبدو أن تاريخ 15 يناير 2024 سيظل محفورا في ذاكرة المغاربة، إذ فيه تبددت المخاوف من حدوث "سنة بيضاء" في قطاع التعليم، حيث التحق آخر فوج من نساء ورجال التعليم المضربين بمقرات عملهم، وذلك مباشرة بعد شروع وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة مع مطلع السنة الجديدة 2024 في إصدار قرارات توقيف ضد أولئك الذين أبوا إلا أن يستمروا في خوض الإضرابات التي تجاوزت أسبوعها الحادي عشر على التوالي، احتجاجا على النظام الأساسي الجديد، رغم توصل الحكومة في شخص اللجنة الوزارية الثلاثية مع ممثلي النقابات التعليمية الخمس "الأكثر تمثيلية" إلى توقيع محضر اتفاق 26 دجنبر 2023 تحت إشراف رئيس الحكومة عزيز أخنوش، بشأن التعديلات المرتبطة بالجانبين التربوي والمالي لموظفي قطاع التعليم.

ذلك أنه بناء على الفصل 73 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية كما تم تغييره وتتميمه، توصل زهاء ألف أستاذ من المصرين على مواصلة الإضرابات في عدة مديريات إقليمية تابعة لوزارة التربية الوطنية، بقرارات التوقيف المؤقت عن العمل مع توقيف رواتبهم الشهرية باستثناء التعويضات العائلية إلى أن يتم البث في ملفاتهم من لدن المجالس التأديبية المزمع عقدها في وقت لاحق، لعدم التزامهم بأداء مهامهم الوظيفية والتعليمية، وانقطاعهم المتكرر والمستمر عن العمل بصفة تتنافى مع القوانين الجاري بها العمل، مما ترتب عنه حرمان تلاميذ الأقسام المسندة إليهم من حقهم الدستوري في التعلم، بالإضافة إلى عدم التقيد بقيم وأخلاقيات المهنة وفق الضوابط المعتمدة في منظومة التربية والتكوين. وهو ما اعتبرته هذه المديريات خطأ جسيما وإخلالا بالالتزامات المهنية التي أساسها التربية والتدريس.

ويشار في هذا السياق إلى أن الفصل 73 المشار إليه أعلاه ينص على: "إذا ارتكب أحد الموظفين هفوة خطيرة، سواء كان الأمر يتعلق بإخلال في التزاماته المهنية أم بجنحة ماسة بالحق العام، فإنه يوقف حالا من طرف السلطة التي لها حق التأديب" ويضيف ذات الفصل أنه "في حالة التوقيف يجب استدعاء المجلس التأديبي في أقرب أجل ممكن، كما يجب أن تسوى نهائيا حالة الموظف الموقف في أجل أربعة أشهر ابتداء من اليوم الذي جرى فيه العمل بالتوقيف. وإن لم يصدر أي مقرر عند انتهاء هذا الأجل، فإن الموظف يتقاضى من جديد مرتبه بأكمله..."

فلم يكن هناك من مخرج أمام التنسيقيات التعليمية إلا أن تسارع إلى حفظ ماء الوجه عبر الإعلان عن تعليق كافة الأشكال الاحتجاجية بما فيها البرنامج المسطر في بيان 8 يناير 2024 بخصوص يومي الجمعة والسبت 12 و13 يناير 2024، بدعوى التفاعل الإيجابي والمسؤول وإبداء حسن النية مع المبادرات النقابية والسياسية والحقوقية والدعوات التي تلقتها التنسيقية الموحدة لهيئة التدريس وأطر الدعم بالمغرب في شأن التزامها بالانخراط في إنهاء الأزمة لإعادة الثقة في المؤسسات، وفي نضالات هيئة التدريس...

وبعيدا عن التساؤل حول الدواعي والأسباب التي حالت دون التفاعل الإيجابي لهذه التنسيقيات التعليمية مع نداءات الأمهات والآباء منذ الأسبوع الثاني من اندلاع الأزمة، جراء رفض الشغيلة التعليمية للنظام الأساسي الجديد، الذي اعتبرته مجحفا ودون مستوى تطلعاتها، وعدم استحضارها للمصلحة الفضلى لما يزيد عن سبعة ملايين تلميذة وتلميذ، خاصة الذين يتابعون دراستهم في المستويات الإشهادية، فإن ما يشغل بال آلاف الأسر المغربية هو ما إذا كانت خطة الوزارة الوصية كفيلة بتدارك الزمن المدرسي الضائع.

حيث أعلنت الوزارة الوصية عن "خطة وطنية لتدبير الزمن المدرسي والتنظيم التربوي للتعلمات"، تتمثل في تمديد السنة الدراسية بأسبوع إضافي بالنسبة للأسلاك الثلاثة: ابتدائي، إعدادي وثانوي، مع تأجيل موعد الامتحانات الموحدة الوطنية والجهوية والإقليمية بأسبوع، وتكييف البرامج الدراسية لجميع المستويات التعليمية، قصد إتمام المقررات الدراسية، فضلا عن تعزيز آليات الدعم التربوي لمساعدة التلاميذ على تثبيت مكتسباتهم. وهي الخطة التي انتقدها الكثير من الخبراء والمهتمين بالشأن التربوي وأسر التلاميذ المتضررين، معتبرين أن محاولة إنقاذ السنة الدراسية بمثل هذه الإجراءات يظل غير كاف، وأنه لا يمكن تدارك ما ضاع من تعلمات خلال حوالي ثلاثة شهور بإضافة أسبوع واحد فقط، إذ أن انقطاع تلاميذ مؤسسات التعليم العمومي عن الدراسة منذ 5 أكتوبر 2023 يشكل خسارة مضاعفة، من حيث تراكم التعثرات واحتمال أن يتبخر من أذهانهم ما تم تحصيله سابقا...

كيفما كان الحال، ورغم كون الحلول التي جاءت بها وزارة بنموسى غير مقنعة ولا ترضي أحدا، فليس هناك من سبيل أمام الأساتذة عدا الاحتكام إلى ضمائرهم والتشمير عن سواعد الجد ومضاعفة الجهد، إذا كانوا يريدون فعلا الخروج بتلامذتهم من هذا النفق المظلم، والالتزام بتلك الخطة المرسومة، حفاظا على ما تبقى من أسابيع السنة الدراسية واحتراما لمبدأ تكافؤ الفرص بين كافة التلاميذ المعنيين.

من هنا واعتبارا لما حدث من احتقان شديد، وما ترتب عنه من هدر غير مسبوق للزمن المدرسي، بات لزاما على صناع القرار ببلادنا استخلاص الدروس والعبر، وأن يدركوا جيدا أن قطاع التعليم الذي يعد رافعة أساسية للتنمية، ليس مجالا للمزايدات السياسوية والعبث بمصلحة ملايين الأبرياء من المتعلمين، مما يستدعي التعجيل بتنزيل قانون الإضراب، والحرص مستقبلا على عدم إسناد مهام التدريس لغير المؤهلين لها ودون مستوى تحمل المسؤولية.


عدد التعليقات (10 تعليق)

1

رزين

مغربي حر

لو قامت وزارة التعليم بإصدار قرارات التوقيف منذ الاسبوع الأول من الاضطرابات لما ضاع كل هذا الزمن الدراسي لان ما يسمى باطلا رجال و نساء التعليم آخر الزمان كامونيين .

2024/01/19 - 09:53
2

محمد

تعليق

لا يمكن تدارك الزمن المدرسي الضائع.فالموسم الدراسي لم يتبق منه إلا أربعة أشهر.

2024/01/19 - 10:03
3

mbareksebbah@gmail com

La face cachee de l'ice berg!

Il faudrait reconnaitre que les eleves de l'ecole publique sont leses par rapport a ceux du prive ! Les greves , de cette annee , vont beaucoup joue sur le niveau des eleves outre que ce sera tres difficile de rattraper le temps perdu ! Autre element , et non des moindre, en 2016, on a fait une erreur d'embaucher des licencies chomeurs issus des facultes multidisciplinaires , ceux qui composent aujourd'hui Tensikyates , qui ne sont motives que avoir un salaire ( fonction publique ) que du metier d'enseignant au sens noble du mot !

2024/01/19 - 10:44
4

نبيل

إنصاف

ألم يجب على صاحب المقال الإعتراف أن سبب الإضراب هو الوزارة التي أخرجت نظام أساسي لا يستجيب لنساء و رجال التعليم و عدم تفاعلها السريع مع الإحتجاجات البسيطة في البداية و تأجيج الصراع بتدخل أطراف وزارية أخرى بعيدة عن المجال و تصويرهم الوضع على أساس صراع بين الدولة و المدرسين علما أننا جميعا مغاربة نحب وطننا. و الدليل هو تراجع الوزارة عن المرسوم لكن للأسف جاء متأخرا، و السؤال الصواب الأن من المسؤول عن هذا الإشكال. قليلا من الحياد و الإنصاف رجاءا

2024/01/19 - 11:01
5

معلم

رسالة

هذا المقال يظهر تحتمل صاحبه على نساء و رجال التعليم فلم يتبقى لصاحبها سوى السب فيهم، مع العلم انهم هم الذين علموه القرائة و الكتابة. "والحرص مستقبلا على عدم إسناد مهام التدريس لغير المؤهلين لها ودون مستوى تحمل المسؤولية."

2024/01/19 - 11:31
6

كريط

متى

متى كانت الامور في هذا البلد تسند لاهلها..ياك غير الريع والزبونية

2024/01/19 - 11:51
7

ولي أمر.تلميذة متذمر من الإضرابات اللامسؤولة

قوموا بتدريس التلاميذ

الوزارة يجب عليها أن تتحلى باليقظة والحذر لمواجهة والتصدي للأشخاص سواء من داخل القطاع التعليمي أوخارجه المعادين والمعارضين للسياسة الحالية للحكومة و الذين يريدون العبث بمصلحة 8 مليون تلميذ وأسرهم فأي محاولة للإضراب مرفوضة مستقبلا ويجب مواجهتها من طرف جمعيات الآباء.والأولياء والوزارة والحكومة بقوة وحزم وشراسة

2024/01/19 - 11:58
8

استاذ

ارجاع المسروقات

تدارك الزمن المدرسي رهين بتجاوب الوزارة مع حقوق موظفيها و بالخصوص ارجاع الأموال المسروقة و وقف الاقتطاعات لتشجيع المدرسين على استدراك و تعويض الحصص الضائعة غير ذلك لن تتمكن كل اقتراحات الوزارة بتعويض الزمن المدرسي

2024/01/19 - 12:09
9

أنا

؟؟؟؟

المقال يحمل الأساتذة وحدهم مسؤولية الزمن المهدور دون مسؤولية الوزارة و فيه تحامل كبير على رجال التعليم...مقال مدفوع الأجر!!!

2024/01/19 - 12:30
10

علي

المستحيل

كرجل تعليم مارس المهنة لمدة 42 سنة،أجيب:كفى من الاستهتار. هدف الجميع طبعا هو "إنقاد الموسم الدراسي" والهروب من شبح "السنة البيضاء".لكن ذلك على حساب مستوى التلميذ.كنا نتبجع بالجودة والمردودية ،أما الآن فلن نحقق إلا محاربة الأمية. سيواجه أبناؤنا المباريات مع "أصحاب التعليم الخصوصي"بمستوى لن يؤهلهم للمنافسة وبالتالي تكافؤ الفرص بين القطاعين قبر وإلى الأبد ...

2024/01/19 - 12:56
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات
المقالات الأكثر مشاهدة